التشكيلية جنان شديد:
اللون مرآة الفكرة
يجب أن تتضمن أعمال الفنان أصالة المضمون، للوصول إلى لغة بصرية مبسطة.
• الرياض: أهلاً وسهلاً
• تصوير : هشام شما
تعد واحدة من خمسة رسامين للفن المعاصر في لبنان، قامت برسم لوحات كلاسيكية تزين جدران القصر الرئاسي اللبناني، والسفارات، والعديد من المتاحف في لبنان، وأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية. تحمل إحدى أوراق العملة اللبنانية فئة عشرة الآف ليرة إحدى لوحاتها التجريدية. تخرجت في معهد مايكل أنجلو للفنون، حيث حصلت على دبلوم في الفن من المقر الرئيس للمعهد في مدينة فلورنسا الإيطالية. من أطياف الفن أنها الفنانة جنان عطاالله شديد.
|
يتبلور تجسيد الإحساس بفلسفة البوح المعبر عما يعانيه الفنان، فهل نعد إيحاءات الفن إرهاصات؟
الفن الحقيقي من خلال المعايير التي أستقيها هو كل ما ينبع من الذات، أي ما يُمثل من مشاعر، ووجدانيات، وفكر ذي فلسفة عميقة يُصقل بتصوير الأشياء، لتكوين لوحة ذات إحساس متجانس، فإذا لم تجد المعاناة لن تجد الحقيقة الفنية، فالفن الحقيقي ليس ضربًا بالريشة ومزج لون، بل احتضان قضايا الواقع بالتلوين في فضاءات الأبيض، ولأن الأساس الذي بُني عليه الفن ما هو إلا إدراك حسي لخلق لوحة صادقة تمنح روابط بين الفنان والمتلقي.
من منارات التأمل للفنان مصدر «الطبيعة» الفضاء الرحب. ما السمة التي تستوحيها الفنانة جنان منها؟
بالفعل الطبيعة الفضاء الرحب للفنان، خصوصًا فن التلوين، فعندما نرى ألوان الثمار وألوان الجبال نرى نقلة عجيبة في ظاهرها، ولكن من ناحية دراسية، الألوان تبدو طبيعية، وفضل ذلك يرجع إلى الفهم العميق والبصيرة الواعية للفنان المتمكن في اختراق أسطح المرئيات، والوصول إلى الجوهر بعين التأمل والإعجاب، ومن ثم يترجم ذلك في أعماله ليكسبها أصالة المضمون ليتعدى بها حدود المكان والزمان، للوصول إلى لغة بصرية مبسطة. وأجمل ما يستلهم إحساسي ويأسرني من واحات الطبيعة رائحة الأرض، فأنا شديدة الالتصاق بأرضي العربية.
الفرشاة ولوح الألوان من أدوات الفن التشكيلي إلى التقنية الإلكترونية. هل نستخدم التقنية في الفن التشكيلي؟
لا أعتقد أن التقنية ستظهر كوامن الإبداع، وتعكس الإحساس بالتعبير كما يظهره الرسم باليد.
ما الرؤى التي تُحاكينها في ملامح البُعد الآخر فنيًا، وتعتمدينها في الرسم؟
لي مذهبي الفني الذي أعتمد عليه في «تكنيك» اللوحة، فهناك طرق وأساليب تعتمد على الألوان، خصوصًا الزيتية منها، لأن اللون مرآة الفكرة المستوحاة من الواقع. ومن خلال دراستي علم النفس أعد توظيف اللون في اللوحة يرتبط بخفايا النفس وترجمان العقل، أيضًا أكثر ما أرمز إليه في لوحاتي المرأة بكل ما ينتابها من حب، وعطاء، ومعاناة، وإلى الأزهار وما تحمله من روح للفرح والسعادة، وإلى الخيل التي تذكرني بالأصالة العربية، والجموح، والقوة، وعنفوان الرجل، وغالبًا ما أرمز إليه في لوحاتي بـ«القائد».
الفنان صاحب رسالة سامية من واقعية التشكيل. ما الطابع الفني الذي يغلب على جل لوحاتك؟
أبرز ما أرتكز عليه ترجمة الموضوع برسالة فنية، محاولة من خلالها تأصيل التراث وهويته الفنية، ويمكن القول إنني ما زلت أخدم تراث الوطن، متحدية الزمن رغم البعد الجغرافي عنه لأعكس واقعًا جميلاً من الماضي في رحلتي الفنية، وفي الغالب تحمل لوحاتي الطابع التجريدي في التشكيل، فالفن التجريدي، خصوصًا الشرقي ما زال يحاكي الوجدانيات بمصداقية بخلاف الفن الغربي الذي تمكنت التقنية منه.
في غمار الفن التشكيلي الذي تواكبين مساره، أين موقع الفنان العربي على خارطة الفن العربي؟<br>
الفنان العربي، عمومًا، أثبت جدارته عالميًا، رغم العراقيل التي تواجهه، وعلى اختلاف المدارس واتجاهاتها استطاع أن يقتفي آثار التأثيرات الفنية، وتطويع عمق التجربة، ما حمله على أن يدلي بدلوه في المحافل العالمية منافسًا، وأستطيع القول إنه تمكن من امتطاء صهوة الفنون التشكيلية.
كيف يواجه الفنان العربي العقبات التي تعترضه ليوفق عالميًا؟
ليتخطى العقبات يجب عليه الحفاظ على هويته العربية، وأصالتها، وأن يتخذ من بيئته مصدر إلهامه في الإبداع الفني، مع التجديد والابتكار في الموضوعات، ليخلق التباين بين البيئة التي خرج منها والثقافة التي نزح إليها، بأسلوب معاصر متميز يتناسب مع روح العصر لتكون مفهومة عالميًا.
ساحات الفن التشكيلي مرآة الفنان، فكيف تمنح المعارض فرص الظهور المتميز؟
ما يميز المعارض الفنية أنها بالفعل تمنح الفنان رؤى جديدة من خلال ما يعكسه المتلقي، وانتشار أكبر للعمل الفني. وفرصها أكبر في الخارج لنقل حضارة مجتمعنا وثقافته، وهذا ما استنتجته من خلال مشاركتي في العديد من المعارض، ومن أهمها معرض أقيم في قصر اليونسكو في التاسع والعشرين من يوليو عام 2000 خلال إقامتي في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان من بين الحضور السيدة «إلما باول» زوجة وزير الخارجية الأسبق كولين باول، وقد اقتنت لوحة تحمل اسم «المرأة المحجبة» من مشاركات المعرض الأول للفرانكوفونية الذي أقيم في مقر معهد العالم العربي في باريس في ربيع عام 2002.
كيف يمكن للفنان تقديم الثقافة التراثية الاجتماعية لبيئته بأسلوب معاصر للفن التشكيلي؟
لا بد أن نشاهد للفنان لونًا مغايرًا في طريقة إبراز رؤيته الفنية، فمنهم من يدمج الأصالة بالفن المعاصر في أعماله، وبعضهم يمتاز بانتقاء مكونات البيئة ومعالجتها بأساليب مختلفة فنيًا، فكثيرًا ما نرى في ثقافتنا التراثية الصدق، والصفاء، والتآلف، والبساطة، لما لها من إيقاع لوني وحركي، وفي الغالب نراها مجسدة في الفنون الشعبية والأسواق العتيقة.