في مواجهة أمراض الطفولة
الأم خط الدفاع الأول
فحص ما قبل الزواج وسيلة لحماية الأطفال من التشوهات الخلقية والأمراض الوراثية.
• الرياض: فتحي سمير
أكثر ما يؤرق المرأة في أثناء الحمل، بل وقبل هذه المرحلة بكثير، هو كيفية التعامل مع طفلها الذي سيحل ضيفًا عليها بعد فترة قد تطول أو تقصر. وتحاول كل أم أن تسترجع ذكرياتها وتجارب صديقاتها وأقاربها في هذا الإطار، وتهرع إلى الاتصال بهم عند مواجهة أبسط المشكلات، خوفًا من الإقدام على اختيار الحل الخاطئ.
|
|
|
|
تعد الفترة الأولى من عمر الطفل أكثر الفترات حساسية وخطورة من ناحية إصابته بالأمراض، لا سيما في ظل نقص الخبرة الكبير الذي تعانيه الأم، خصوصًا إذا كان طفلها الأول، لذا فهناك العديد من المعلومات حول بعض الأمراض التي يتوجب على كل أم معرفتها حتى تستطيع أن تتعامل معها بالشكل المطلوب بعيدًا عن القلق والخوف.
أمراض مبكرة
يُقَسم د.عادل سالم الحربي، استشاري الأطفال والأمراض الصدرية والربو، الأمراض التي يتعرض لها الطفل في مراحله المبكرة إلى ثلاثة أقسام، الأول: التشوهات الخلقية في أثناء الحمل، والتي تضم الأمراض الجينية، والأمراض الخاصة بالاعتلال في عمليات الأيض، وبعض الالتهابات المزمنة التي تنتقل في أثناء الحمل، والأمراض الوراثية التي تنتقل إلى الطفل بشكل عام. أما القسم الثاني فيشمل الأمراض التي تحدث بسبب تعسر عملية الولادة، ومنها تأخر الطفل في أثناء المرور في قناة الولادة، أو بسبب الطريقة المستخدمة في الولادة نفسها، واستخدام أجهزة الشفط في عملية إخراج الطفل.
ويأتي القسم الثالث ليشمل المضاعفات التي تلي عملية الولادة ومنها الالتهابات التي قد تصيب الطفل، بالإضافة إلى الأمراض التي تؤدي إلى نقص في الأكسجين في أثناء الولادة، وذلك نتيجة تأخرها، أو بسبب كبر حجم الطفل أكثر من الطبيعي.
وراثة وتشوهات
قد تكون التشوهات الخلقية وراثية تنتقل من جيل إلى جيل في العائلة الواحدة، ويعزز هذه المشكلة كثرة زواج الأقارب في المجتمع السعودي، فعندما يحمل الرجل والمرأة كل منهما صفة معينة ويحدث التزاوج بينهما يتم نقل هذه الصفة إلى الجنين بشكل متأصل وبصفة سائدة، لذا يأتي دور الفحص المبكر قبل الزواج بوصفه حلاً جوهريًا لهذه المشكلة.
ومن أشهر الأمراض الوراثية أمراض الدم التي تندرج تحتها أمراض خلايا الدم الحمراء المنجلية، وبعض الأمراض الوراثية التي تصيب الدم، وتؤدي إلى اعتلال في سيولته، ما يؤدي إلى إصابة الأطفال بنزيف، أو حدوث سيلان الدم في أثناء أي عملية بسيطة، ومنها مثلاً ختان ما بعد الولادة مباشرة.
كما أن هناك العديد من الأمراض الخلقية كتشوهات القلب والأطراف التي يكون عامل البيئة المحيطة السلبي سببًا أساسيًا في حدوثها بعيدًا عن العامل الوراثي، وذلك من خلال التعرض للكيماويات وغيرها من المواد التي تحدث ضررًا بالأجنة في أثناء الحمل.
بعد الوضع
معظم الأمراض التي تصيب الطفل فور ولادته غالبًا ما تكون التهابات، وتتزايد معدلات الإصابة بها في الفترة ما بين السنة الأولى والثانية بشكل كبير، وذلك عن طريق الفيروسات، أما الإصابات البكتيرية فتكون نسبة الإصابة بها أقل.
وهناك فئة من الأطفال يتعرضون للالتهابات بشكل أكبر وهم الأطفال الذين يعانون نقصًا في المناعة بسبب عوامل وراثية، أو عوامل مكتسبة، لدرجة أن هؤلاء الأطفال قد يتعرضون للإصابة بمرض آخر في أثناء علاجهم بالمستشفى، وذلك بسبب قلة المناعة، وعدم تشابه جو المستشفيات والوسط المنزلي.
وتأتي مرحلة الحركة التي يبدأ فيها الطفل التجول في المنزل، ما يعرضه للإصابات الناتجة عن هذه الحركة، وتتزايد هنا معدلات إصابة الجهاز التنفسي العلوي والتهابات الأذن والحلق.
بين الشتاء والصيف
الأمراض التي تصيب الأطفال في الشتاء هي أمراض الجهاز التنفسي، ومنها التهابات الأنف، والأذن، والحنجرة، والصدر، وهذه الالتهابات إما أن تكون بكتيرية أو فيروسية، لكن أغلب إصابات الأطفال تكون فيروسية.
وفي فصل الصيف يصبح الطفل معرضًا للإصابة بالأمراض السابقة نفسها لكن باحتمالات أقل، وتتزايد معدلات الإصابة بالتسمم الغذائي، فضلاً عن معاناة بعض الأطفال من ارتفاع حرارة الجو، أي أن الالتهابات التنفسية عند الأطفال هي أبرز الأمراض التي يواجهونها، لكنها تحدث بشكل أكبر في الشتاء بوصفه وسطًا ملائمًا لنمو الفيروسات.
الأمراض المعدية
أكثر الأمراض المعدية هي الأمراض التنفسية وما تتعلق بها من التهابات، وهي تصيب الأطفال بشكل كبير، وتنتقل من طفل إلى آخر عن طريق الرذاذ، أو العطس، أو الكحة، وهي التهابات فيروسية تصيب الجهاز التنفسي من الأنف والأذن والحنجرة والحلق، وتؤدي إلى حدوث التهاب في القصب الهوائية، ما يتسبب في حدوث نزلات رئوية والتهابات بالرئة.
وكلما كان عمر الطفل أصغر تعرض لهذه الأمراض بشكل أكبر، واحتاج إلى الأكسجين ودخول المستشفى للعلاج من مشكلات التنفس والتغذية، وأصبحت الإصابة بالالتهابات المعدية، حاليًا، قليلة جدًا، بفضل التطعيم، ويمكن أن تكون انتهت.
الذكور والإناث
تنتقل الأمراض الوراثية التي تحمل الصفة الجينية الذكورية إلى الذكور ولا تنتقل إلى الإناث، لأن الأنثى بها كروموزمان هما XX فيما الذكر لديه كروموزمان هما XY ، وهناك أمراض لا تنتقل سوى عبر الكروموزم X، لذا فإنها حين تنتقل إلى الذكر فإنه يمرض، لأنه لا يملك سوى كروموزم واحد من هذا النوع، بينما إذا انتقلت إلى الأنثى فهي لا تمرض، بسبب وجود كروموزوم آخر تعويضي بدلاً من المصاب.
وهناك أمراض تصيب الذكور من هذا النوع ومنها مثلاً «أنيميا الفول» التي لا تنتقل سوى عبر كروموزم X، وبالتالي فقد تكون الأم حاملة للمرض ولكنها غير مصابة به وتنقله لأولادها من الذكور دونًا عن الإناث. وقد يصيب هذا المرض الإناث لكن في حالات استثنائية ونادرة جدًا.
التطعيم والتحصين
يلعب التحصين دورًا إيجابيًا في الوقاية من الالتهاب المعدية وتحديدًا الالتهابات البكتيرية. وللتعرف على أهميته، عند المقارنة بين فئة من الأطفال المطعمين وفئة أخرى غير مطعمة، نجد أن نسبة الإصابة بالالتهابات المعدية في الأطفال غير المطعمين أكثر، وذلك بسبب عدم وجود تحصين ووقاية لهؤلاء الأطفال.
هناك جدول خاص بالتطعيم صادر عن وزارة الصحة يتم إعطاؤه لكل أم بعد الولادة، حتى تقوم على ضوء هذا الجدول بتطعيم الطفل من أول أيام الولادة، ليعطى تطعيم خاص بالدرن وبعض الالتهابات الفيروسية وغيرها من الأمراض.
تجدر الإشارة إلى أن المملكة لا تقوم بمنح الطفل شهادة ميلاد إلا عند اكتمال السنة الأولى، بعد الاطلاع على الكتيب الخاص به، والذي لا بد أن يكون موقعًا من المستشفى المعني لإقرار حصوله على التطعيمات المطلوبة كافة.
كيف تعتني بطفلك؟
دعا د.عادل الحربي الأمهات إلى ضرورة الاهتمام بالرضاعة الطبيعية بوصفها الطريقة المثلى لتغذية الطفل، لأنه يستفيد من الحليب الطبيعي الذي يحتوي على المضادات والمناعة من الأم، فضلاً عن سرعته وعدم حاجته إلى التحضير.
ويجب على الأمهات ضرورة الالتزام بجداول التطعيم عند الولادة، لما له من فائدة كبيرة تكمن في وقاية الأطفال من أي عدوى أو مرض في المراحل المبكرة، فضلاً عن إبعاد الأطفال عن أي عوامل قد تتسبب في أذيتهم، ومنها الاختلاط بالكبار من المصابين بالأمراض المعدية، بالإضافة إلى الاهتمام بالطفل من حيث وضعه في سرير خاص به، ومتابعة الطبيب بشكل مستمر في حالة تعرضه لمرض ما.
وأخيرًا لا بد أن تكون درجة الحرارة معتدلة داخل الغرفة التي ينام فيها الطفل، مع إحاطته بجو هادئ بعيدًا عن مصادر الإزعاج والإضاءة، ليحصل على حقه في النوم والتغذية التي لا بد أن تتم بطريقة صحيحة، فيجب عدم إرضاعه وهو نائم أو مستلقٍ، أو أن تكون الأم نفسها مستلقية، لأن ذلك قد يعرضه لارتجاع الحليب من المعدة وإيذاء الرئة.