April_09Banner

أماكن


تاريخ حافل وحاضر مزدهر في لوحة
متنزه فرنسا المصغرة
فرنسا مجسمة، بمدنها الصغيرة والكبيرة، بأحيائها الشهيرة في حديقة تبلغ مساحتها خمسة هكتارات.

Health1_April

• باريس: سحر سليمان

قد لا يملك الزائر لفرنسا الوقت الكافي لمشاهدة كل مدنها ومعالمها الثقافية والسياحية، من أجل ذلك تم وضع فرنسا مجسمة بأكملها، بمدنها الصغيرة والكبيرة، بأحيائها الشهيرة، متاحفها، شوارعها، جبالها، بحرها، أنهارها، وكل رموز حضارتها وتاريخها.. في حديقة تبلغ مساحتها خمسة هكتارات صممت بشكل خارطة فرنسا.

Health2_April
  • زيارة فرنسا كلها مجسمة بمبانيها التاريخية، ومعجزاتها العمرانية، والفنية، ومعالمها الجغرافية

  • هل خطر في ذهنك أن ترى قرية قديمة وتاريخية فيها الريف الفرنسي الحقيقي ببنائه الجميل والبسيط

  • متنزه فرنسا المصغرة قطعة أرض عليها كل ما سمع أو قرأ عنه الزائر واشتاق لرؤيته لأهم معالم فرنسا وباريس كلها

إنها فرنسا المصغرة: 100 مبنى من أشهر مبانيها التاريخية، و150 منظرًا لأقاليمها ومناطقها الجغرافية والطبيعية، بالإضافة إلى الأشجار والأزهار، وأماكن الترفيه والخدمات، تاريخ حافل خلدته أبنية وشوارع, وحاضر مزدهر جسدته معالم تنوعت أشكالها وألوانها لترسم لنا لوحة اسمها فرنسا يحلم كل إنسان باقتنائها في الذاكرة بعد زيارة لها، أو كتابات وصفتها، أو صور نقلتها.. كل ذلك خصصت له منطقة لا تبعد عن باريس كثيرًا، فيها يتمكن السائح من زيارة فرنسا كلها مجسمة من مبان تاريخية ومعجزات عمرانية وفنية، ومعالم جغرافية، وصناعية، واقتصادية، قرى، ومدن، وآثار تشكل زيارتها حلمًا يراود الملايين في كل مكان من بقاع المعمورة، كل ذلك صمم بحرفة ومهارة علمية وحرفية على شكل ماكيتات بمقاييس ثابتة، احترمت في تصميمها، وتنفيذها أدق التفاصيل للمكان، أو الأثر المجسم بما في ذلك المادة التي بني منها الأصل.

جبال الألب
تبدأ الزيارة من خلال شوارع مصغرة تسمح بمرور ثلاثة أشخاص الواحد جنب الآخر، أزقه متعرجة، تلال، منخفضات تجعل السائح يفتن وهو ينظر بانبهار إلى دقة الصنع، وروعة الانتقاء، وهندسة الترتيب، كل شيء مخطط ومدروس، ومهيأ لراحة الزائر. الشوارع مرقمة ومرسومة بدلالات توضح من خلال الإشارات إلى أين ينتقل، وفي أي المناطق هو.
تبدأ المدن بجبال الألب، مرتفعات أرضية طبيعية استغل المصمم تشكيلها الذي يشابه فعلاً جبال الألب، ووضعت بعض مجسمات البيوت الصغيرة، والأشجار الطبيعية التي تتناسب مع بيئة منطقة جبال الألب وطبيعتها، وكتب في لوحة معدنية صغيرة أهم المعالم، وتاريخ المدينة وتطورها المعماري.

الزهور الطبيعية
وبعدها ترتفع الخطوات قليلاً لصعود ما يشبه الجبال الخضراء، والزهور الطبيعية التي ساعدت وقتها ارتفاع درجات الحرارة على إكسابها الألوان الرائعة، مع اخضرار الأعشاب والأشجار، ومن جبال الألب تبدأ الخطى بالتمهل ليشبع الزائر غريزة التمعن ودافع النظر وهو يحدق بإمعان إلى تلك المناطق، ويحار بأيها يبدأ، لكن لا حيرة ولا خيار، فالزائر مجبر باتباع اللوحات المعدنية المرقمة والسهم ودلالته، وما عليه بعد الانتهاء من النظر إلى المدينة أو المجسم سوى الالتفات إلى اليمين أو اليسار، كي يتأكد من أنه لم يترك مكانًا إلا وزاره أو نظر إليه، حيث رتبت المجسمات على يسار الشارع ويمينه.. وقتها تكون خطوات الزائر تمشي في مسارها الطبيعي.

المجسمات الصغيرة
تم تشييد المجسمات الصغيرة والكبيرة لكل ما سمع أو قرأ عنه الزائر، واشتاق لرؤيته في فرنسا وليس باريس وحدها، وتخال عين الزائر أن ما يراه حقيقي وليس مجرد مجسمات، حيث لم يغفل فكر من أسسها وعقله عن أكبر الأمور وأصغرها، فلم يُترك شيء إلا وحُسب حسابه، فوضع مثلاً مجسمًا للمسرح الشهير «أرين أرليس» الذي بني قبل ألفي عام، وكانت تتم فيه حلبات المصارعة بين الأسرى ليتوج الفائز بلقب غلادياتور المنتصر، إضافة إلى امتلاكه حريته الكاملة، وكذلك كانت تتم فيه العديد من حلبات مصارعة الأسود، والاحتفالات الإمبراطورية. وهذا الصرح ما زال ليومنا هذا يشهد حلبات مصارعة الثيران التي تشهد إقبالاً جماهيريًا كبيرًا.
وبالنظر إلى «ماكيت» هذا المسرح تقف مبهورًا بروعة التقنية والصنع في هذا المجسم، فقد بنيت المدرجات وساحة المسرح، وكذلك من يؤدي العرض والحضور صُفُّوا بمهارة فوق المدرجات وكأنك تقف في حي الأقزام، حيث تمتشق قامتك عاليًا لتطال سور المسرح وأنت تجهز يديك للتصفيق في حال انتهى العرض.. حالة من التماهي والسحر تأخذنا لنضيع في حال هذه المدن وناسها الذين عرفوا ماهية الحياة وكيف تعاش، وكيف نتذوقها بمرها وحلوها.
وفي جهة مقابلة لهذا المجسم قدم المصممون لنا نموذجًا آخر من المسارح إنه مسرح الأورانج «البرتقال» والذي يعود بناء النسخة الأصلية منه إلى القرن الأول قبل الميلاد بسعة 9000 متفرج.

قف.. أنت في مرسيليا!
تقف قدماك فجأة وأنت تحسب أن خطاك ضاعت، أو أوشكت على الضياع، فبدلاً من أن تدخل باريس تذهب إلى مرسيليا ببحرها ومينائها وسفنها. وستحتاج إلى وقت طويل وأنت ترى السفن التي رتبت عبر مولدات كهربائية تحت الماء تمخر في البحر المصغر بناسها، وأشرعتها، ودقة صنع كل ما ذكر ينسيك بأنها عبارة عن مجسمات، وتخالها حقيقة تقترب أكثر كي ترى بدقة فيمنعك السور المعدني فتقف من مكانك تنظر إلى الشوارع الأسفلتية، والسيارات التي صُفَّت، والناس الذين تظنهم يقطعون الشارع، وتسحرك ألوان البحر الطبيعي الذي يشابه البحر الأبيض المتوسط بتماهي ألوانه التي توهم البصر بأنك فعلاً على الشاطئ المتوسطي بسحره الخلاب وليس أمام مجسم له. كما وضعت مجسمات أخرى من الموانئ الفرنسية كميناء سانت تروبي, هذا الميناء الذي تحول مع مدينته في بداية الخمسينيات من القرن العشرين إلى قبلة للأغنياء، والممثلين، والفنانين، والمشاهير, وميناء لاروشيل الذي كان في القرن الميلادي العاشر أهم ميناء في فرنسا بسبب شهرة المدينة بتجارة الملح.

الجسور الخشبية
وتمضي بك الزيارة وعندما تشعر بالتعب فما عليك سوى العبور من فوق الجسر الخشبي الذي يمثل أول أنواع الجسور الخشبية التي عرفتها فرنسا، وأنت تعبر الجسر يجبرك منظر الأسماك الملونة بحجمها ومنظرها للوقوف، وقد تمتد يدك إلى حقيبتك لتخرج بعض قطع الخبز أو البسكويت لتهديه لتلك الأسماك التي تظن أنها تطلب منك الطعام بعيون متوسلة، وأفواه جائعة.. إذًا لا تنسَ وأنت ترتب حقيبتك اليدوية للزيارة قطع البسكويت أو الخبز، لأنك تحتاج إلى الماء أو أنواع من العصير، وأيضًا إلى وجبة الطعام، مع العلم بأنه بإمكانك تناول الطعام الفرنسي باختلاف أنواعه ومصادره في مطعم المتنزه الذي يقدم، بالإضافة إلى ما ذكر، وجبات بسيطة بقيمة 9 يورو تتضمن سندويشًا وعلبة مشروب تختارها، وعلبة شبس وسلطة فاكهة.. يمكن أن نسميها وجبة متكاملة بإمكانك أن تتناولها على هذا الجسر الخشبي الذي يصطف عليه العديد من الزوار.. والجميع يضحك ويناغي تلك الأسماك الرائعة بمنظر عيونها وأفواهها، فهي فاصل منشط ومريح وممتع. وقد تقضي وقتًا لا بأس به وأنت تراقب تجمع الأسماك تحت المكان الذي تقف عليه لأنها التقطت بعض الفُتات.

تحفة هندسية
بعد فاصل الأسماك تكمل طريقك، فالرحلة طويلة وتستغرق يومًا كاملاً لزيارة هذه المدن المتجمعة في هذه البقعة من الأرض، وبالقرب من جسر الأسماك كما يسميه الزوار نرى أحد أكثر المجسمات زيارة في هذا المتنزه إنه جسر الغارد الروماني الطراز، والذي يعد نموذجًا رائعًا لهندسة الجسور الرومانية ذات الطابقين من القناطر الكبيرة المتوازية يعلوها طابق من القناطر الأصغر حجمًا، وقد استخدم طابق القناطر الأول معبرًا لمياه الوادي، فيما يشكل الطابق الذي يعلوه ممرًا للمشاة، والخيل، والعربات، فيما يقتصر استخدام الطابق الأعلى لنقل المياه.. إنه، فعلاً، تحفة هندسية تسحر الناظر إليها.

القطار السريع
من أمام هذا الجسر تمد بصرك لترى أشجار الكرمة وامتداد المصنع الذي يعد من أكبر المصانع وأهمها لتصنيع العنب، وتحويله من مادته الخام إلى مشروبات متنوعة الاسم والمذاق.. صناعة اشتهرت بها فرنسا وما زالت. وبينما أنت غارق في الشرود بمنظر الجسر والكروم والأشجار المحيطة به فجأة يوقظك صوت صفارة فيتحول رأسك فجأة إلى مكان الصوت، وتظن أنك تقف في المكان الممنوع، فالصوت هو لقطار فتنظر إليه.. إنه القطار السريع الذي يجتاز المدن الفرنسية الكبيرة والحقيقية، قطار بسكة حديدية طويلة يخترق كل طرق المدن الفرنسية المصغرة ويمر بمواعيد ثابتة يخترق الأراضي ليجعلك ترى نماذج من القطارات الفرنسية، حيث وضع المصمم خمسة عشر قطارًا موزعة بين قطارات عادية، أو القطارات ذات السرعة العالية تمشي في هذا المتنزه على سكك حديدية تخترق المتنزه بتناسق مدروس وأصوات صفاراتها على طول 4 كيلومترات.
كما أضاف المصمم إلى هذا المتنزه نماذج من محطات القطارات الفرنسية ذات الشهرة العالية ببنيانها وتاريخها. وقد شكلت المحطات والقطارات معلمًا مهمًا من معالم فرنسا التي تفخر بها، كيف لا وقد ساعدت هذه المعالم على وضع فرنسا على رأس قائمة الدول الأكثر ارتيادًا من قبل السائحين في العالم.

الريف الفرنسي
هل خطر ببالك أن ترى قرية قديمة وتاريخية فيها الريف الفرنسي الحقيقي ببنائه الجميل البسيط المتضمن لكل ما يحتاج إليه ساكن القرية وبمدنية الاحتياج، إذًا تعال معنا في جولتنا لترى واحدة من أجمل القرى الفرنسية وأقدمها، والتي ما زالت تحافظ على كيان بيوتها الريفية الجميلة الحميمة القريبة من بعضها، واهتمام سكانها والمسؤولين فيها بالحفاظ على جمالية البيوت، والحفاظ على ماهيتها.. تقترب وأنت تنظر إلى البيت الريفي القروي ذي الحقول المزروعة، والمعدات والآليات الزراعية التي صُفَّت إلى جانب بيوت أصحابها، ولا يغيب عن عينيك حتى اصطفاف الحيوانات التي تربى في تلك القرية.. إنها قمة في الجمال الريفي والروعة القروية.

هنا فرنسا المصغرة

عندما تأتي إلى باريس أين تجلس في باحة اللوفر، أم على العشب الذي يحيط ببرج إيفل لتنعم برذاذ قطرات ماء النوافير، أم تفكر في الجلوس إلى جانب قصر فرساي، أم تختار أرصفة جامع باريس الكبير، أم تذهب إلى ديزني، أم تنتقي قوس النصر فتقف تحته وأنت ترى التماثيل، أم إلى المسلة المصرية وحديقة اللوفر، أم ترتقي الدرجات لتصعد إلى أجمل مكان وأعلاه لترى باريس كلها, أم تقف أمام قوس النصر لتتخيل نابليون بونابرت يمر من تحته قاطعًا جادة الشانزيليزيه قبل كل معركة وبعدها، أو تتخيل أحداث قصة أحدب نوتردام، أم سحر الطبيعة بحدائق باريس، وورودها، وشوارعها، ومبانيها روعةالماضي ومدنية الحاضر؟
كل هذه التفاصيل والكثير المشابه، والمختلف منها وعنها، تعيشه في أثناء زيارتك لهذا المتنزه.



القرى الفرنسية
نماذج للعديد من القرى الفرنسية باختلاف مناطقها وضعها المصمم، فمن قرية سانت إيمليون، إلى قرى من جبال الألب، والنورماندي، والبيرنيه وغيرها من المناطق كلها حاضرة هنا لتشارك في رسم اللوحة الأخاذة لفرنسا... بيوت هذه القرى بسيطة، وكل قرية استمدت من بيئتها نظامًا عمرانيًا يتلاءم مع البيئة ومكوناتها من طقس وجغرافية ومواد أولية، فخرجت رغم بساطتها آية في الجمال والتناسق. ولعل الطبيعة ساهمت في إصباغ هذه الجمالية العالية على القرى الفرنسية الطبيعة التي سيسها الإنسان لتكون معه لا عليه. ولعل أصدق ما يعبر عن هذا الكلام هو ذاك الجسر الخشبي القديم الذي بني في إحدى هذه القرى ليصل ما بين جبلين فيعلو واديًا عميقًا تصب الشلالات فيه تلك المياه التي تقطع الحشائش راسمة خطًا نهريًا ساحرًا يجعلك تهم لتمد كفك وتغرف من قطرات النهر لتروي عطشك للماء، وعطشنا الإنساني لمثل هذا الاهتمام الرائع، وعظمة المغالاة بما تملكه أراضيهم وبلادهم من مدن، وقرى، ومعدات، ومسارح، وقلاع، وأوبرا.

القلاع الفرنسية
قبل أن نتوجه إلى المنطقة التي تقدم مجسمات باريس ومعالمها لا بد أن نتمعن في بعض نماذج القصور والقلاع الفرنسية كقصر شامبورد في منطقة اللوار، والذي أخذ وقت عمل لتصنيعه 2000 ساعة ليعطي صورة عن عظمة القصر الحقيقي الذي يغطي مساحة هائلة بتناسق عمراني يعبر عن القوة والعظمة.
ومن الأمثلة الرائعة لقصور فرنسا نجد قصر شونوسو الذي يعد واحدًا من أجمل قصور منطقة اللوار بحدائقه الرائعة. هذا القصر الذي بدئ ببنائه عام 1515 ليشتريه فرانسوا الأول عام 1526، والحدائق الرائعة أخذت شكلها النهائي في هذا القصر عام 1563 لتشكل رائعة من روائع الحدائق في العالم حتى الآن.. هذه الحدائق مع قصرها جعلت من هذه التحفة قبلة لأكثر من مليون زائر كل عام.