كيف أصبت بالسكري؟
وهل من علاج؟
مرض مزمن قد يؤدي إلى مضاعفات كثيرة على المدى الطويل إذا لم ننتبه إليه.
بقلم: د.وفيق وفا
استشاري الأمراض الباطنية، والسكري، وأمراض الغدد الصماء
يصيب مرض السكري الأطفال والكبار، ويؤدي إلى مضاعفات خطرة كالذبحة القلبية، والجلطة الدماغية، والعمى، وضمور الكلى. ولقد أذهلني أن كثيرًا من المرضى الذين يعاودونني من أجل هذا المرض هم في سن الشباب، إذ تراوح أعمارهم بين 20 سنة و40 سنة، أي أنهم سيعيشون أكثر من نصف عمرهم يعانون هذا المرض ويتعرضون لمضاعفاته. ومنذ الدقائق الأولى في العيادة يبدأ المرضى طرح الأسئلة التالية: كيف أصبنا بهذا المرض؟ وهل من الممكن الشفاء منه؟ وهل بالإمكان الوقاية منه؟
من أجل الإجابة عن هذه الأسئلة، يجب فهم كيفية تنظيم الجسم للسكري، هذه المادة التي هي الوقود الأساسي لعمل الخلايا وجميع الأعضاء.
فهم المرض
إن خلايا (Langerhans) في البنكرياس تفرز هرمون الأنسولين الذي يعمل على تنظيم السكري. وإن أي خلل في هذا النظام يؤدي إلى فشل هذه الخلايا. وانخفاض كمية الأنسولين أو عدم فعاليته يؤدي إلى مرض السكري. بناءً على ذلك يمكن تصنيف السكري إلى نوعين أساسيين:
النوع الأول للسكري يمثل 5% من مرضى السكري، وينتج من التهاب خلايا ( Langerhans)، ما يؤدي إلى نقص فوري وتام في الأنسولين، ويكون العلاج بالأنسولين مباشرة. إن هذا النوع أكثر شيوعًا في الأطفال، لكنه يحدث عند الراشدين أيضًا.
أما النوع الآخر فهو الأكثر شيوعًا، ويصيب 95% من مرضى السكري. وهو ينتج عن انخفاض تدريجي في الأنسولين، بالإضافة إلى عدم فعالية الأنسولين الموجود، أما السبب فليس واحدًا، وإنما عوامل كثيرة تتفاعل مع بعضها، وتؤدي إلى هذا النوع من السكري، كعامل الوراثة، ونمط حياتنا غير الصحي من حيث قلة الرياضة، والإسراف في الأكل، وزيادة الوزن، هذا بالإضافة إلى الضغوط النفسية والجسدية. وهنا أود أن أشير إلى أن الضغط النفسي لا يؤدي إلى السكري إلا عند الذين لديهم استعداد أو قابلية لذلك.
إن تشخيص مرض السكري يعتمد على فحص مستوى السكري في الدم في حالة الصيام، وبعد شرب 75 غ من محلول السكر بساعتين. ويمكن تصنيف الأشخاص إلى ثلاث مجموعات: إما هو شخص طبيعي ذو استعداد أو قابلية للسكري، أو مريض سكري. أما المريض الذي يعاني عوارض ارتفاع السكري كالعطش، وكثرة التبول، ونقص الوزن، والتعب، وضعف النظر، فيعني أن مستوى السكري قد زاد على 200 ملجم/دسل.
وهنا لا بد من التنبيه إلى أنه إذا كان السكري تحت 200 ملجم/دسل، فإن المريض لا يعاني عوارض السكري، لذلك يجب فحص السكري دوريًا من أجل التشخيص. أهمية الفحص الدوري المتكرر هي تشخيص حالة الاستعداد أو القابلية للسكري، لأنه في هذه الحالة يمكن التدخل والوقاية، من أجل منع التقدم إلى حالة السكري. وعلى الرغم من أن السكري لا علاج تامًا له يؤدي إلى الشفاء منه، إلا أن هناك، ولله الحمد، علاجًا لتنظيمه والوقاية من مضاعفاته، أما حالة الاستعداد أو القابلية للسكري فيمكن الشفاء منها.
هل من الممكن الوقايةمنه؟
الوقاية من مرض السكري ممكنة ومقدور عليها، ويجب أن تبدأ منذ الطفولة. والسبب، أن مرض السكري أصبح يصيب الشباب والمراهقين، بسبب العادات اليومية السيئة التي يكتسبها الأطفال، وعدم جدية الأهل والمدرسة في محاولة التصدي لها، فأطفالنا لا يمارسون الرياضة، ولا يخرجون إلى الساحات والملاعب ليلعبوا, ويتسمرون أمام التلفاز والحاسوب، كما أننا لا نحظر عليهم المأكولات التي تؤدي إلى البدانة، كالحلويات، والبيتزا، والمثلجات «البوظة»، والوجبات السريعة كالبرجر.
من هنا يأتي دورنا كأهل لتشجيع أولادنا على ممارسة الرياضة، والأكل باعتدال فقط، وإذا نشأنا أطفالنا بطريقة صحيحة وصحية، فإنهم يبقون أصحاء في كبرهم.
أخيرًا، أود أن أشجع الأمهات على الرضاعة الطبيعية، وعلى دعم الحليب بفيتامين «د»، لأن كثيرًا من الدراسات تشير إلى أن ذلك يمنع حدوث السكري في المستقبل، وكمية فتامين «د» التي يجب إضافتها إلى الحليب هي 400 وحدة دولية