June2010Banner


في ضيافة اللوفر
روائع المملكة عبر العصور
بعض آثار المملكة العربية السعودية ومقتنياتها التي تعود إلى مليون
سنة خلت، تعرض في متحف اللوفر.

في باريس، وفي أكبر متاحف العالم وأعرقها على الإطلاق «اللوفر»، الذي يرتاده سنويًا تسعة ملايين زائر، وفي أشهر قاعة عرض بهذا المتحف «نابليون»، تقيم منذ منتصف شهر يوليو، وحتى السابع والعشرين من شهر سبتمبر، أكثر من ثلاث مئة قطعة من كنوز آثار المملكة العربية السعودية، نفضت عنها غبار المتاحف، لتنطلق في رحلة عالمية هي الأولى، تعد خطوة نوعية في تواصل المملكة مع العالم عبر قناة جديدة بعيدة كل البعد عن القنوات التقليدية مثل: الاقتصاد، والسياسة، هي الثقافة، لتنبئ، من خلالها، عن العمق التاريخي لجزيرة العرب، والحضارات التي تعاقبت عليها، وما تزخر به من مخزون تراثي هائل، تراكم عبر العصور، وتعكس، في إطار التنوع الثقافي الثري، المشاركة الفاعلة لابن الجزيرة العربية عبر العصور، وإسهامه في صنع التاريخ الإنساني، والتأثير في غيرها من الحضارات، والتأثر بها، انطلاقًا من موقعها الجغرافي المتميز، الذي جعل منها محورًا رئيسًا لتبادل اقتصادي وثقافي ثري بين الشرق والغرب.

الرياض: نجاة الوحيشي

هذه آثارنا تدل علينا
ازدانت قاعة «نابليون» باللوحات، والتماثيل، والأواني، وأدوات الزينة، والحلي، والمعادن، لتشهد على حضارة تعود إلى مليون سنة قبل الميلاد، وتستحضر، في ديناميكية واضحة، الحراك الثقافي والحضاري الهائل الذي شهدته هذه المنطقة، وإسهام نهضة شملت جوانب الحياة جميعها، في بلاد شرفها الله لتكون مهدًا لرسالة الإسلام، وموطنًا لحضارات.

البعد الثقافي
يجسد المعرض بعدًا ثقافيًا أكيدًا، يكرس التعاون المشترك بين بلدين تربط بينهما، أواصر متينة، ويطمحان إلى فتح قنوات جديدة من التواصل الفكري والتبادل الثقافي، من بينها توافد خبراء فرنسيين في مجال التنقيب عن الآثار في المملكة، لمشاركة زملائهم السعوديين في نفض الغبار عن كنوز ما زالت أرض الجزيرة حُبلى بها، في مواقع مختلفة من المملكة.
نجح علماء الآثار في الكشف عن قطع نادرة، وآثار قيِّمة، ظلت لآلاف السنين محتجبة عن الأنظار، حتى حملتها طائرات الخطوط السعودية لتحل ضيفة على اللوفر، وكانت حرارة الاستقبال على قدر حرقة الشوق، إذ ازدحم المتحف الباريسي الشهير بزوار من أرجاء المعمورة، يتقاطرون عليه صباح مساء، منبهرين بهذه الروائع... وتهافتت أكبر متاحف العالم تعبر عن رغبتها الملحة في احتضانه، لعلها تقف على روائع حضارات مجيدة تركت بصماتها، وبدأت تكشف في وجل، عن مفاتنها، وعرفت طريقها إلى العالمية، بعد أن ظلت لقرون طويلة، رهينة المحبسين: المواقع والمتاحف.

عمق حضاري
لأن العلاقات بين الدول يجب ألا تنحصر في السياسة والاقتصاد، والمبادلات التجارية، على أهميتها، ولأن الأبعاد الإنسانية والثقافية لا تقل أهمية عنها، بل تدعمها وترسخها، وتوسع قاعدة التفاعل، لتتعدى الحكومات الضيقة إلى الشعوب العريضة، ولأن الآثار أفضل سفير لأي أمة، تقدم عينات تحكي ماضي الشعوب، وتسرد تاريخ الحضارات، وتبرز، من خلال ما أنجزته كل مجموعة بشرية، نموذجًا حيًا من منجزها الحضاري، فقد أولت المملكة أهمية كبرى للمعارض، ودأبت على تنظيم العديد منها في الداخل والخارج، كما أدركت أهمية الدور الذي يلعبه المتحف في حياة الشعوب، كوسيلة للتعارف، والتواصل، والتأثير الفعال، فعملت على دعم أنشطة من شأنها أن تخدم الثقافة العربية الإسلامية، وتفتح لها نافذة على العالم، في صروح ثقافية عملاقة مثل: معهد العالم العربي، ومتحف اللوفر، الذي تعهد الأمير الوليد بن طلال أخيرًا، ببناء قاعات جديدة في قسم الفنون الإسلامية فيه، ترتفع تكاليفها إلى 17 مليون يورو.

مسك الختام
كان لا بد لهذه الوجبة السعودية الدسمة على مائدة اللوفر أن تكتمل بطبق حلو المذاق، لم يغفله المشرفون على إعداد الوليمة، إذ تعالت في ردهات هذا المتحف المهيب دقات دفوف الفرق الشعبية السعودية وطبولها، لتملأ أرجاءه أهازيج الفلكلور السعودي الأصيل، وتقدم لزوار المعرض ألوانًا بهيجة من الفنون الشعبية، تعبر عن أصالة الموروث الشعبي في الجزيرة العربية، تفاعلت معها الجماهير المتوافدة صباح مساء، والتي يعتقد أن تتجاوز 10 ملايين زائر.

بلد غني وتراث أغنى
ذلك هو الانطباع الذي خرج به جلُّ زوار معرض «روائع المملكة عبر العصور»، عن مملكة كانوا يعتقدون أنها أكبر مصدر للبترول في قلب صحراء قاحلة وحسب، وإذا بهم يكتشفون فجأة، ومن خلال ما شاهدوه من روائع آواها اللوفر الشهير، من تراث عربي يزخر بالكنوز والروائع. وبهذا تكون المملكة، التي حرصت من منطلق انفتاحها على العالم، واعتزازها بإرثها الثقافي والحضاري، على الحضور بهذا الموروث المتنوع، والتاريخ الغني، في المشهد الثقافي العالمي، من أجل تكريس مبادئ التواصل، والتبادل المعرفي بين الشعوب، قد كسبت الرهان، فأعطت لأعرض شريحة من المهتمين بالشأن الثقافي، وخبراء الحضارة الإسلامية والعربية، والمؤرخين، الصورة الحقيقية التي كان يجب أن تعرف عنها منذ زمن بعيد، ومكانتها التاريخية، وإسهاماتها الحضارية والإنسانية، وبلَّغت رسالة وطنية جليلة تستثمر من خلالها في أكثر من مجال، ليس أقلها، السمة التاريخية المميزة، والقيم الإنسانية الحضارية، والسياحة الوطنية.

المملكة حول العالم
اللوفر الذي يتيح لزائريه فرصة التوغل في جزيرة العرب، والوقوف على أهم مواقعها الأثرية وكنوزها، وتاريخها... ليس سوى محطة أولى، ستليها سلسلة من المعارض تجوب كبرى مدن العالم، ليصبح المعرض سفيرًا متجولاً يعرِّف بمهد الحضارة العربية والإسلامية، ويعكس بعدها الحضاري الأصيل، ويعرض وإرثها الغني الذي قامت عليه ثقافة أسهمت في التاريخ البشري، ويعلن بذلك، أن الدور الكبير الذي تلعبه المملكة في الوقت الحاضر، ليس جديدًا عليها، بل هو دور أصيل، وأن الثقل الذي تتميز به، ثقل متأصل فيها عبر التاريخ.

قالوا عن المعرض
• صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية:
«المعرض موسوعة لحضارة إنسانية، يجسد البعد الثقافي في التعاون المشترك بين البلدين الصديقين في إطار السعي نحو تعزيز العلاقات القائمة وتطويرها والبحث دومًا عن آفاق جديدة للتعاون المشترك بما يخدم الشعبين والبلدين».
• صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية:
«يقدم المعرض صورة واضحة للحضارات التي قامت في جزيرة العرب على مر العصور، وما قامت به من أدوار سياسية واقتصادية في هذه الحقب التاريخية المتعاقبة».
• صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان، أمين عام الهيئة العامة للسياحة:
«في انتقال المعرض بين عدد من المتاحف الشهيرة في العالم، إسهام في تعريف العالم بالبعد الحضاري للمملكة، وتأصيل للمكانة التي تتبوؤها اليوم في قيادة التواصل الإنساني، في ظل اهتمام القيادة الحكيمة».
• صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز، أمير منطقة نجران:
«يجسد هذا المعرض العمق الحضاري والتاريخي للمملكة العربية السعودية، ويسهم في تعريف الجمهور الفرنسي والأجنبي بحضارة المملكة عبر العصور، وما قدمته من عطاء إنساني ثري، إضافة إلى كونه نقطة تقارب ثقافي وحضاري بين الشعوب والبلدان».
• برنار كوشنار، وزير الخارجية الفرنسي:
«المعرض ثمرة تعاون بين فرنسا والسعودية، توفر فرصة إضافية لنفهم بعضنا بعضًا، وللتعرف على دور المفترق الحضاري الذي لعبته السعودية عبر الحقب التاريخية المختلفة، وهو ما تعكسه القطع الأثرية الاستثنائية المعروضة».
«لم أعرف مكونات المملكة التاريخية والحضارية بشكل متكامل وفي مكان واحد، وفهمتها كما فهمتها في هذا المعرض، وهذا يؤكد بلا شك، أهمية المعرض ورسالته».
• فريدريك ميتيران، وزير الثقافة الفرنسي:
«أنا على قناعة أن المملكة تحوي روائع من الآثار الاستثنائية في عالمنا اليوم، الضاربة في عمق التاريخ؛ ولدينا الشيء نفسه في فرنسا.
• الشيخة مي آل خليفة، وزيرة الثقافة البحرينية:
«إن المعرض بما يكتنز به من قطع أثرية فريدة وصور نادرة، يشكل صورًا حضارية إنسانية تمتد لفترة تاريخية طويلة في الجزيرة العربية».
• إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لمنظمة اليونسكو:
«المملكة هي «ألدورادو El Dorado» علم الآثار والتراث العالمي، بالنظر إلى ما تزخر به من تراث، وكمية المكتشفات الجديدة لديها، وتلك التي ما زالت تنتظر من يكتشفها».
• فهد السماري، أمين عام دارة الملك عبدالعزيز:
«مناسبة لإطلاع أكبر شريحة من المهتمين من الشعب الفرنسي وزوار فرنسا، على العمق التاريخي للمملكة، ومآثرها الفكرية والأثرية، وأصالتها».
• هنري لويرات، مدير عام متحف اللوفر:
«يغطي المعرض مساحة تاريخية واسعة لكي يعرف بآثار المملكة، ويسلط الضوء على عمقها الحضاري ويؤكد حضورها التاريخي على مر العصور، فالمملكة تحوي تراثًا وآثارًا وثقافات عظيمة، وثروات ظلت محتجبة لفترة طويلة، عن أعين الفرنسيين والعالم. آن الأوان لتعريف زوار متحف اللوفر على تراث المملكة ودورها الرائد في الحضارة الإسلامية».