كبت المشاعر يؤدي إلى سلوك عدواني
دعي طفلك يعبِّـر عن مشاعره
من المهم أن يعرف الطفل والأهل معًا أن المشاعر السلبية أمر طبيعي.
• جدة: أهلاً وسهلاً
تنتاب الأطفال مشاعر كثيرة ومتنوعة لا يستطيعون، في أغلب الأوقات، التعبير عنها بالكلمات، مثلما يحدث معنا نحن الكبار، ولذلك يلجؤون إلى التعبير عنها بوسائل مختلفة كالبكاء والضحك أو الغضب أو الرسم.
|
|
|
|
حسب د.أميرة الزين، الاستشارية النفسية واستشارية التربية الخاصة، نشعر جميعًا بالفرح، والخوف، والغضب والضيق، منذ صغرنا، ويعد التعبير عن العواطف من الأمور المهمة جدًا لنمو الأطفال، فكريًا وعاطفيًا. وسلوك الطفل، منذ نعومة أظافره إلى فترة مراهقته، بحاجة إلى العناية من قبل الوالدين، وخصوصًا من قبل الأم، حتى لا ينشأ على عادات سيئة، يكون لها تأثير سلبي في كبره. لذا ينصح الاختصاصيون بتشجيع الأطفال على التعبير عن أنفسهم بهذه الطريقة والعيش معها، خصوصًا أن عواطف الأطفال قوية ويتأثرون بالمعاملة التي يتلقونها من الكبار المحيطين بهم، ومن الممكن أن تتحول هذه العواطف إلى عناد وعدوانية إذا ماحاول الأهل كبتها.
مشاعر الفرح
أشياء بسيطة للغاية تجعل من طفلك شخصية قوية وناجحة مستقبلاً، منها ترك مساحة من الحرية له، ليعبِّر عن فرحه كما يشاء، ولا يجدر بالأهل كبت هذه المشاعر أو إرغام الطفل على التواضع وعدم الصراخ فرحًا، كلما أنجز شيئًا مهمًا برأيه أو انصاع لأوامر الأهل والتزم بها. ويجب على الأم مرافقة طفلها في فرحه من دون التأثير فيه، مع ضبط مشاعره إذا ما لاحظت أن هذا الفرح بدأ يتحول إلى حماسة كبيرة من الممكن أن تجعل الطفل مستيقظًا طوال الليل.
التعبير بالرسم
يبدأ الطفل حياته حرًا طليقًا ثم يتعرض شيئًا فشيئًا في سياق تنشئته الاجتماعية لضغوط الكبار، ومن ثم يتعرض الطفل إلى الكثير من الصراعات والاحباطات والكبت لانفعالاته ورغباته التي من الممكن ألا تجد طريقها للإشباع، ما ينجم عنه شعور بالتوتر والقلق، ربما يصل إلى حد الاضطراب النفسي، ما لم يجد الطفل الوسيلة الملائمة التي يمكنه عن طريقها التعبير عن مخاوفه وانفعالاته وصراعاته. والرسومات والأشكال الفنية تسمح للمشاعر عند الأطفال بالظهور، حيث لا يمكن التعبير عنها لفظيًا، كما تيسر الفرصة لإشباع الرغبات التي لم تجد فرصة للإشباع في الواقع، ويعد التعبير الفني من هذه الزاوية وسيلة للإسقاط، يعكس من خلالها الطفل مجموعة من ذاته وعن الآخرين وعلاقته بهم واتجاهاته نحوهم، كما يعكس ما قد يعتمل داخله من حاجات ومشاعر ومخاوف في صورة مرئية.
التعبير بالبكاء
عصبية الأطفال أمر طبيعي، لأن البكاء هو وسيلتهم الأسهل للتعبير، لكن هذه الحالة من العصبية قد تزيد ردّ فعل الأم العصبي تجاه طفلها، فضرب الطفل مثلاً في أثناء صراخه، يزيده عنادًا وبكاءً، ولن يجعله يكف عن الصراخ، بل سيدفعه للتمادي، لأن الوضع بالنسبة له كمن يعاقب على ذنب لم يفعله. فسلوك العنف ضده لن يكون مبررًا، ومن ثم سيكرر هو عصبيته وعنفه في الاتجاه المضاد كرد فعل طبيعي. لذا على الأم أن تعي أن سبب بكاء طفلها عائد إلى سبب ما ، فإذا كان الطفل يبكي لعدم رغبته في تناول الطعام، عليها أن تجعل هذه العملية ماتعة بالنسبة إليه، كأن تشغله باللعب قليلاً، ومن ثم تنتقل تدريجيًا من اللعب إلى الطعام، ولا مانع من مشاركته اللعب في أثناء عملية الإطعام.
مشاعر الخوف
الحب وحده كفيل بطرد مشاعر الخوف من داخل الطفل، التي ترتبط عنده بالبيئة المحيطة به، بحيث يمكن أن تضبط ضمن حدود أو تخرج عن السيطرة، فإذا عرف الأهل الخوف وقاموا بصياغته ضمن قالب محدود عنده يكون بمقدور الطفل تجاوزه والتغلب عليه. ولا يجب أن نسخر من مخاوف الطفل عندما يخبرنا بها، بل علينا أن نعمل جاهدين على طمأنته ليتلاشى خوفه. وحضن الأم كفيل بعلاج هذا التخوف وعدم تأصل العادة العصبية في شخصيته. وعملية تخويف الطفل بالوحش الموجود في الغرفة ومن ثم طرده منها، ترهبه للغاية، وستزيد من عصبيته، بل ستمدّد المسافة بينه وبين أمه، ما يعرِّضه لخطر التحوّل لشخص عدواني عند الكبر، حيث ستتلاشى لديه أي طريقة للحوار سوى العنف.
مشاعر الحزن
البكاء أو الإحساس بالحزن هما الطريقة المثالية ليعيش الطفل عواطفه الحقيقية، ليتمكن بعد ذلك من طيها والعيش في مرحلة جديدة دون مشكلات نفسية أو عقد، خصوصًا أن الطفل لا يستطيع أن ينسى أو يتجاوز مشاعر الحزن التي تكون مكبوتة بداخله، لذلك يستحسن أن يقوم الأهل بتشجيعه على التعبير عنها علنًا، ومن المهم أن يعرف الطفل والأهل معًا أن المشاعر السلبية أمر طبيعي، وعليهم أن يجلسوا مع أطفالهم ليتحدثوا عنها بشكل صريح، فهذا السلوك يمثل بالنسبة للطفل مشاعر الاهتمام والرعاية من قبل والديه، وهكذا يتم تعليم هذه المشاعر للطفل. وحقيقة أن الأهل يرغبون في حماية أطفالهم ومشاعرهم غير صحيحة، فهم يريدون أن يعفوا أنفسهم من مشاعر الحزن، متناسين أن الحياة تحمل الكثير من الأحاسيس الجميلة والمحزنة، لذا من الضروري تعليم الطفل قبول الحزن أو الخسارة بكلمات مواساة مشجعة.
الغضب
ترتبط مشاعر الغضب الأولى عند الأطفال بالحرمان، بمعنى أن الطفل كلما واجه رفضًا لأي طلب يطلبه من أهله، كان الرد بالرفض أو عدم السماح له، ومن الممكن أن يبدأ الطفل بالبكاء والصراخ والتدحرج على الأرض، هنا يتبادر إلى ذهن الأم أن طفلها يمارس سلوكًا مبالغًا فيه وردة فعله غير متناسبة مع الوضع الحقيقي، لكن الأمر يختلف تمامًا عند المختصين الذين يرون أن الطفل لا يستطيع أن يخرج بمفرده من غضبه، بل عليه أن يتعلم ذلك مع الوقت مع إصغاء الأهل إليه وصبرهم عليه وتفهمهم له. وعندما يهدأ الطفل بعد مواساته، ويعود للمطالبة بما يريده، يجب على الأهل التوضيح له بأن طلبه لن ينفذ.