رفيقة كل الدروب
دور المرأة في حياة الرجل
تحمل في ثنايا ثوبها مسؤولية كل فرد من أفراد أسرتها.
• الرياض: هالة محمد الجيرودي
توارت خطوات الرجل نحو عوالمها، تهجى الوجود بين كفيها حين التمس الرضا من حنان الوالدة، وجاور الشقيقة، وأنس القريبة، والسكنى لرفيقة الدرب.. وعلى عتبات الزمن تجسدت أدوار في الحياة تمثلت في كليهما، محت ركام النرجسية، ودفعت المركب نحو شواطئ العطاء، ليعبق حديث المجتمعات المقولة الأقرب للحكمة «وراء كل رجل عظيم امرأة».
المرأة التي تعهدت نبراس النجاح والعطاء كهدف في رحلتها مع الرجل، ليمتطي سحاب التميز، واثق الخطى نحو ميادينه وتبعات المستقبل، لنبادر بالسؤال: ما التكافؤ الذي تصنعه المرأة ليكون مخرجاتها رجلاً عظيمًا؟
«نعم، إن الرجال قوامون على النساء كما يقول الله تعالى في كتابة العزيز، ولكن المرأة عماد الرجل، وملاك أمره، وسر حياته، من صرخة الوضع إلى أنّة النزع.
وجملة القول: إن الحياة مسرات وأحزان، أما مسراتها فنحن مدينون بها للمرأة، وأما أحزانها فالمرأة هي التي تتولى تحويلها إلى مسرات أو ترويحها عن نفوس أصحابها على الأقل، فكأننا مدينون للمرأة بحياتنا كلها».. هكذا أثنى عليها مصطفى المنفلوطي الرجل بكيانه، والكاتب بصفته.
شواطئها.. والعطاء
كشف السؤال عن نماذج في المجتمع عانقوا النجاح حينما كان لشقائقهن المد السديد. من مرفأ الدبلوماسي والكاتب صالح الغفيلي كان له مد في شواطئها عندما قرأ الواقع في قوله: «هذه مقولة حقيقية وواقع حياة لا يستطيع أحد أن ينكرها أو يتطاول عليها إن كانت أمًا، أما إن كانت زوجة أو ابنة أو أختًا أو عمة أو خالة، فلسنا كذلك في كل المواقف والأحوال. فالزوجة قد تدعم رجلًا بمالها أو جاهها أو بأي تأثير لها، لكنه لذلك يبقى ينظر إليها وليس إلى الأمام، لأنه مشروعها الذي تحرص على نجاحه لمصلحتها أولًا ولخدمة حياتها، أما الأم فوقوفها خلفه أهداف أخرى لا يفشلها الربح أو الخسارة».
ويعتلي شواطئها المد باكتمال بدر العطاء ليفسح عن أضواء النجاح حينما يذكر د.حمدي الصريصري الجهني، عضو مجلس الشورى السعودي، ويبصم لهن بالخمس في حياته عندما يذكرهن في قوله: «نساء من أسرتي كان لهن أثر كبير في حياتي، منهن والدتي تاج كياني ومعلمي الأول في التكوين النفسي والأخلاقي، كذلك هو الحال مع زوجتي الداعم لأفق التفوق. وهنا أشير إلى دور الزوجة الواعية التي تتمتع بقدر واف من الشخصية حيث تنتزع احترام الآخرين لها، الأمر الذي يجعل كل من حولها يوافقها الرأي، ويتأثر بأفكارها وسلوكها.فالتصرف الحكيم الذي جسدته زوجتي في مشوار حياتنا، سبر أغوار الأسرة للتطلع إلى ميادين التميز والنجاح. فهي تدرك أن الحياة الزوجية تتطلب نوعًا من التكيف النفسي والتنازلات والتضحية مع معطيات الحياة. فالمجتمع يحمل المرأة المسؤولية إما الخلاص أو الهلاك للعائلة، لأنها تحمل في ثنايا ثوبها مصير كل فرد من أفراد العائلة».
المرأة.. وكفة المجتمع
ويعارك المد شواطئ المجتمع ليعلق عليها د.عائض ربيعان القحطاني، أستاذ واستشاري الجراحة والمشرف على كرسي جامعة الملك سعود للسمنة، عما يسمع وما يطبق تجاه المرأة بقوله: «نسمع كثيرًا أن المرأة نصف المجتمع، إلا أننا وللأسف ما زلنا نرى كثيرًا من النساء يقفن خلف ستار الرجل الذي لا يسمح لهن حتى بالتحدث عن حالتهن الصحية، أو حالة أحد أبنائها عند زيارة الطبيب.. فالرجل هو من يقوم بذلك الدور. فرصتي معها كانت الأعظم، ولولا وجودها في حياتي لما تحقق أي شيء من طموحاتي، أو أي إنجاز إن صح التعبير في مسيرتي المهنية. كانت مع الوالدة، حفظها الله، فهي منحتني حبها وحنانها، ما ساعداني في مشوار النجاح والوصول لما أنا عليه اليوم، ثم دور زوجتي التي تملك عاملين مهمين في المرأة وهما: الثقة، وحسن التصرف. وفرت للأسرة الجو الملائم الذي يعوضهم عن غيابي المتكرر، وفي ذات الوقت كنت أسمع منها كلمات التشجيع على مواصلة العمل، وأهمية ما أقوم به من عمل، وجعله جزءًا من اهتمام الجميع في المنزل. لقد أصبحت زوجتي مديرة لأعمالي الأسرية والاجتماعية».
التضحية.. وألوان أخرى
حينما تلتهب غابة الحب لا يتشاجر الرماد حول تحديد أي غصن بدأ بالالتهاب، وهذا ما حدث مع عبدالله بن سعيد، الموظف في المركز الرئيس لمؤسسة النقد العربي السعودي، عندما أشاد بالدور العظيم الذي رسمته المرأة في حياته وبالتحديد الزوجة التي تُوجت بالعطاء والتضحية، وجدها الصديقة حين عجز الكثير من الرجال عن الوقوف بجانبه كما فعلت، فيذكر ذلك العطاء بكل شجن وهو يروي مساحات النبل معها: «على مشارف البدايات الزوجية تعرضت لحادث غيَّر مجرى حياتي، أصابني بشلل رباعي لا يتحرك من جسدي سوى الرأس، كان سببًا كافيًا أن يحولني إلى الاكتئاب وعدم استمرار حياتي بشكل طبيعي إلى العمل والحياة الزوجية ومشاركة المجتمع، ولله الحمد منحني الله زوجة كانت هي كل المجتمع، حين ضربت بعرض الحائط قرار أسرتها وقولهم «اتركيه وسيعوضك الله بخير منه» ومعتقدات المجتمع الظالمة. شققنا الطريق معًا، فكان النصر حليفنا ولأكثر من عقدين فتح الله علينا من نعمه اقتصاديًا واجتماعيًا، ولي من الأولاد أربعة، والآن يشار لي بالبنان وصرت مضربًا للمثل في تحدي الصعاب في كل حضور ومشاركة لمؤتمر أو منتدى فاعل في المجتمع، وأصبحت مرجعًا استشاريًا لجميع المصابين في المجتمع أمثالي.. الشكر لمثلها رمز في بحر العطاء».