التطريز الصيني
فن بلغة مختلفة
يعد من ينابيع الفنون الموروثة في الصين.
• الرياض: هالة محمد الجيرودي
تصوير: هشام شما
تعددت أجنحة الثقافة، ولاحت في الأفق ترسم وجهتها، فكان الإبداع يتنفس تفاصيل الأشياء وترسو بمكنونها في ملتقى يحمل رسالة التاريخ، ويعزز أطر العلاقات بين الشعوب، لتنشر أبرز ما يميزها، ومن هذا المنطلق كان تجوال الفن الصيني في أغلب الدول العربية، وعلى مدرج مركز الملك فهد الثقافي في الرياض افتتح معرض «أعمال التطريز اليدوي»، ليعرض أجمل ما يمكن أن تتقنه يد فنان.
|
|
|
|
أشاد وكيل وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الثقافية الدولية د.أبو بكر باقادر خلال افتتاحه المعرض بما تميزت به بكين والمدن الصينية في هذا الفن الممتع للنظر، مضيفًا أن المملكة ستستضيف فعاليات صينية أوسع وأكبر في الشأن الثقافي العام المقبل. يضم المعرض بين جناحيه ستين لوحة تنوعت عرضًا وطولاً، وتعددت فيها الأساليب المختلفة في التطريز، فمنها على وجه واحد، أو على وجهين، وهناك التطريز المسطح، والتطريز بالخطوط العشوائية، والتطريز بتقليد النقش، وأعمال التطريز التقليدي، تمازجت جميعها بمهارة وبألوان تحاكي الإبداع في الدقة والمهارة في طريقة العمل.
موروث فني
من بين ينابيع الفنون الموروثة برع فن التطريز اليدوي، الذي عده الصينيون نوعًا من أنواع الفنون التقليدية للأمة، ويرجع بزوغ شمسه إلى مدينة «سو تشو» الصينية، حيث يرجع تاريخ مطرزات هذه المدينة إلى ما قبل 2000 سنة. تعد «سو تشو» مدينة يشتغل أهلها جميعًا بالتطريز على نطاق واسع في أسرة سونغ الملكية، وأسرة مينغ الملكية قد تكونت لها خصائص محلية بارزة تمتاز بالدقة والأناقة، وفي نهاية القرن التاسع عشر نجح السيد «شن شو» فنان التطريز المشهور بمطرزات «سو تشو» في الجمع بين الأسلوب التقليدي الصيني ومهارة فن الرسم الغربي بصورة إبداعية، لتظهر أعمال التطريز في صور أقرب إلى الواقع الحي، وفي ثلاثينيات القرن الماضي، أبدع فنان التطريز «يانغ شو يو» لأول مرة أسلوب «التطريز بالخطوط العشوائية» التي أحدثت التطوير في أساليب التطريز، وشكلت لهذا الفن أسلوبًا فريدًا تمثل في جمال التصميم، والانسجام اللوني، وفخامة الخيوط الحريرية.
سمات التكوين
من فن التطريز أبدع الفنان «يانغ شويو» في ابتكار أساليب التطريز «بالخطوط العشوائية» عن طريق استعمال ألوان متنوعة بطريقة التطريز المتراكم في الخيوط، ومتعدد الاتجاهات، يضفي تناغمًا مميزًا على مخرجات اللوحة، وطابعًا فنيًا جذابًا، ويكمن الاختلاف، أيضًا، في طريقة التطريز، فهناك التطريز على وجه واحد، أو على وجهين، والتطريز المسطح، بأن تكون مساحة الخيط مسطحة في اتجاه واحد، ومتناغمة مع القطعة المستخدمة في التطريز، أما التطريز العشوائي فيتم العمل عليه بطريقة الخيط المخفي والبارز، وهناك التطريز بتقليد النقش. جميع هذه الأعمال تخرج بكل دقة ومهارة النتائج التي حققتها الوسائل الفنية الأخرى مثل: الرسم التقليدي الصيني، والرسم المائي، والرسم الزيتي، ورسم الطبيعة الصامتة، والنحت، والتصوير الفوتوغرافي، ومن خلال التمعن في هذه الأعمال يمكن للمشاهد أن يستمتع بسحر الاتقان في العمل، والدقة المتناهية في تجسيد التفاصيل، والمهارة في اختيار درجة الخيط الحريري للعمل.
مزج حضاري
في الخمسينيات اتخذت السيدة «رن هو يشيانغ»، الأستاذة في فن تطريز «سو تشو»، عناصر الفنون الجميلة الحديثة، وأبدعت في أسلوب التطريز العشوائي، معتمدة طريقة المزج بين الواقع والخيال، باستخدام أساليب الخطوط العشوائية والمسطحة كافة، ما يغني مضمون فن التطريز، ويضاعف تأثيره الفني.