بيعة الخير
قطرات من غيث الإنجازات
خمس سنوات حافلة تفيأ الوطن ظلالها، وانحنى العالم إعجابًا لقائد مسيرتها.
خمس سنوات ثرية بالأحداث والمواقف والإنجازات، وضعت المملكة على مسارات تنموية عالية الأداء،
فأصبح بوسع المراقب للشأن التنموي في المملكة العربية السعودية أن يسجل حالة من الركض خلف قائمة من الأهداف التنموية، وجه بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز،
يؤازره في تحقيقها أخوه وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، في أجواء من الأمن والاستقرار تحدت بها المملكة نفسها قبل أن تتحدى العالم، عززها تنصيب سمو وزير الداخلية
الأمير نايف بن عبدالعزيز نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء.
فيرونيكا ماريا غاربوت
ترجمة: إيمان عبدالواحد
الإنصاف
وزعت عطاءات السنوات الخمس الماضية بالتساوي على جميع أبناء المملكة، فجامعات هذه السنوات الخمس من ثماني جامعات إلى ما يقارب الثلاثين، وزعت بالتساوي على جميع مناطق الوطن، وكلياتها ومعاهدها التقنية والصحية وكليات تعليم البنات، وزعت بالتساوي على جميع مناطق الوطن، وبرنامج الابتعاث الخارجي الذي منح الفرصة لأكثر من 80 ألف مبتعث ومبتعثة لتلقي الدراسة واكتساب المعارف من أكثر من 25 دولة حول العالم وزع بالتساوي على جميع أبناء الوطن، وثمانية المليارات ريال التي أمر خادم الحرمين بتخصيصها لمشروعات الإسكان الشعبي كانت لجميع مناطق الوطن، والمليارات الخمسة والعشرون التي أمر بها، حفظه الله، لزيادة رأس مال كل من صندوق التنمية العقارية وبنك التسليف السعودي لدعم ذوي الدخل المحدود وصندوق التنمية الصناعية، ثم دعم صندوق الاستثمارات العامة بمبلغ 20 مليار ريال، ثم تعزيز موارد صندوق التنمية العقارية بما مقداره 25 مليارًا، ثم إيداع عشرة مليارات لحساب بنك التسليف والادخار لزيادة عدد القروض الاجتماعية والأسرية الممنوحة لذوي الدخول المحدودة، ثم عشرة مليارات التي دعم بها صندوق التنمية الصناعية السعودي مرة أخرى، كلها كانت من نصيب جميع أبناء الوطن، فضلاً عن المدن الاقتصادية والمعرفية برابغ، وحائل، وجازان، والمدينة المنورة التي عزز بها الحضور الاقتصادي لمناطق غابت طويلاً عن المشهد الاقتصادي بالوطن، إلى جانب مركز الملك عبدالله المالي قبلة اقتصاد المستقبل. أما جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، فأبى خادم الحرمين الشريفين إلا أن تكون معقلاً لعباقرة العالم طلابًا وأساتذةً. تتربع «كاوست» التي صرح خادم الحرمين الشريفين بأنها كانت حلمًا يراوده منذ 25 عامًا، على ضفاف البحر الأحمر، وتحظى بحواسيب فائقة التطور والسرعة، بالإضافة إلى تجهيزات تقنية من الأحدث في العالم، بكلفة تتجاوز 1.5 مليار دولار. وسبق للجامعة أن أطلقت برامج مشتركة للأبحاث مع مؤسسات عريقة مثل جامعة سنغافورة الوطنية، والمعهد الفرنسي للنفط، وجامعتي كامبريدج البريطانية وستانفورد الأميركية. كما أنشأت الجامعة وحدات للأبحاث خاصة بها في مجالات تقنية «النانو» والرياضيات التطبيقية، والطاقة الشمسية، وعلم الجينات. وستحظى الجامعة بوقف بقيمة عشرة مليارات دولار بهدف تمويل الأبحاث، ما مكن رئيسها السنغافوري شون فونغ شيه من القول لوكالة فرانس برس: «قبل سنتين، لم يكن هنا إلا الرمال والبحر، واليوم لدينا واحدة من أفضل البنى التحتية للأبحاث في العالم». ولعل عبارة فونغ شيه القصيرة البليغة تعكس تلك السرعة التي أصبحت طابع إنجازات السنوات الخمس الأخيرة وعلامتها الفارقة.
منجزات فارقة
كانت إنجازات عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فارقة في مجملها، وفي إضافتها لمسيرة التنمية الواثقة التي بدأتها المملكة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، طيب الله ثراه، إذ اختصر أكثر من خطة الزمن المقرر لها، وأنجز أكثر من مشروع قبل أوانه. كان الإنفاق سخيًا، وكانت المتابعة جادة وحازمة، وكان كل شيء موقتًا ومقررًا حسب خريطة زمنية مركبة البرامج والأهداف، فحققت المملكة طابورًا من المكتسبات والإنجازات العملاقة اللافتة قياسًا إلى زمن تحققها الوجيز، على مختلف الصعد الاقتصادية، والتعليمية، والصحية، والاجتماعية، والنقل والمواصلات، والصناعة والكهرباء، والمياه والزراعة. ففي عهد خادم الحرمين الشريفين دخلت المملكة قائمة الدول الكبرى العشرين في العالم، حيث شاركت في قمتي العشرين اللتين عقدتا في واشنطن ولندن، وانفردت المملكة بقصة نجاح نادرة وسط قصص فشل كانت ضحاياها قوى اقتصادية عظمى عالمية بتحقيقها 540 مليار ريال ميزانية لعام 2009 مسجلة أكبر ميزانية تنموية تشهدها المملكة رغم الظروف الاقتصادية الحالكة الظلمة التي يمر بها العالم، في ظل برنامج إصلاح اقتصادي شامل أسفر عن حصول السعودية على جائزة تقديرية من البنك الدولي، ودخول المملكة ضمن قائمة أفضل عشر دول أجرت إصلاحات اقتصادية انعكست بصورة إيجابية على تصنيفها في تقرير أداء الأعمال الذي يصدره البنك الدولي. ولم تكن تلك الشهادة الوحيدة، إذ أكدت مؤسسة التصنيف العالمية «فيتش» متانة الاقتصاد والقوة المالية للمملكة. ففي بيان أصدرته المؤسسة في شهر المحرم من هذا العام أكدت احتفاظ المملكة بدرجة التميز (A A) في التصنيف الائتماني العالمي. كما شهدت المملكة في هذا العهد الزاهر صدور أمر خادم الحرمين الشريفين بإنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، ومن قبل كان خادم الحرمين الشريفين تبرع بـ36 مليون ريال من حسابه الخاص لتمويل استكمال التجهيزات الأساسية لمعامل متخصصة في مجال التقنية متناهية الصغر «النانو» في ثلاث جامعات، هي: جامعة الملك عبدالعزيز، جامعة الملك سعود، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
وتجاوزت حلول خادم الحرمين الشريفين للأزمات العالمية حدود الوطن بإجماع عالمي حول مقترح له، حفظه الله، حاز موافقة قادة العالم المجتمعين في منتدى الطاقة الدولي الثامن الذي عقد في أوساكا اليابانية في 1426هـ على إنشاء أمانة عامة للمنتدى الدولي للطاقة يكون مقرها مدينة الرياض.
مملكة الإسلام والإنسانية
وعلى الصعيدين الإسلامي والإنساني سجل خادم الحرمين الشريفين باقة من المواقف والإنجازات منحت المملكة مرتبة متقدمة على الصعيد الإنساني، في حين تصدرت القائمة الإسلامية بحزمة مشروعات ومبادرات استهدف بها الملك عبدالله خدمة دينه وأمته، إذ قضى، حفظه الله، على مشاكل الازدحام حول جسر الجمرات والساحات المحيطة بها، حيث أنفقت المملكة أكثر من سبعين مليار ريال خلال السنوات الأخيرة فقط على المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة بما في ذلك توسعة الحرمين الشريفين، تضمن المبلغ نزع الملكيات، وتطوير المناطق المحيطة بهما، وتطوير شبكات الخدمات والأنفاق والطرق. كما شهد العام الماضي من بيعة الخير الانطلاقة المباركة لقناتين للقرآن الكريم والسنة النبوية من الحرمين الشريفين هدية من خادم الحرمين للعالم الإسلامي. واستحق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام لقاء قائمة إنجازاته على هذا الصعيد.
وعربيًا سجلت السنوات الخمس الماضية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله جهودًا مضنية على طريق رأب الصدع العربي ورعاية المصالح العربية، والتصدي لقضايا الأمة. ولعل آخر جولة لخادم الحرمين على هذا الصعيد كانت إعلانه، حفظه الله، في قمة الكويت الأخيرة تبرع المملكة العربية السعودية بمبلغ مليار دولار لإعادة إعمار غزة بعد الحرب الإسرائيلية الغاشمة عليها، وأيضًا إعلانه باسم قادة العرب تجاوز مرحلة الخلاف وفتح باب الأخوة العربية والوحدة لكل العرب دون استثناء أو تحفظ، ومواجهة المستقبل بإذن الله، نابذين الخلافات صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص، مستشهدًا بقوله تعالى:
{ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.}
أما الصعيد الإنساني فشهد حضورًا مشرفًا للمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، عبر باقة من المنجزات والمواقف والمبادرات، ما دفع عددًا من المنظمات العالمية إلى منحه، حفظه الله، في يناير 2009 جائزة «البطل العالمي لمكافحة الجوع لعام 2008» في حفل أقيم بمدينة دافوس السويسرية شارك فيه العديد من ممثلي الدول والمنظمات الدولية والشركات الكبرى. فضلاً عن قائمة شهادات وأوسمة استحقاق حازها خادم الحرمين لقاء قائمة من مآثره الإنسانية رشحته لموقعه المميز من بين الشخصيات العشر الأقوى تأثيرًا في العالم.
وتوجت جهود خادم الحرمين الشريفين باجتماع عالي المستوى عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في مقرها بنيويورك في الفترة من 12 إلى 13 من شهر نوفمبر 2008 بناء على طلب من خادم الحرمين الشريفين لمواصلة الحوار العالمي الذي انطلق من العاصمة الإسبانية مدريد في شهر يوليو من العام نفسه.
وقد وصفت أكثر من شخصية عالمية بارزة مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين معتنقي الديانات السماوية، بأنها أسهمت في تصحيح صورة الإسلام في العالم أجمع، ووصفت بالـ«الموقف المتسامح والعاقل»، وأنها «الفكر الديني الصحيح الذي يظهر الدين الصحيح، وسماحته وانفتاحه على الآخر بصفته نظيرًا لنا في الخلق أو أخًا لنا في الدين». كما وصف خادم الحرمين إثر هذه المبادرة بأنه «أحد عمالقة الفكر الإسلامي، يتمتع بالوسطية والتنور، ويعي روح الإسلام حقيقة».
وتقديرًا لدوره الإنساني استضافت منظمة اليونسكو أخيرًا حفل تسليم جائزة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة في دورتها الثالثة، بوصفها جائزة عالمية.
ولا تزال المملكة تمضي قدمًا في طريقها إلى تحقيق مزيد من الإنجازات، في عهد رجل الإنجازات، وولي عهده سلطان المكرمات، وسمو نائبه الثاني رجل الشدائد والملمات.