June2010Banner


التشكيلي اليمني زكي يافعي:
مصدر إلهامي الوجوه الطيبة
الخطوط السعودية الناقل الرسمي لآثار نادرة تعرض في اللوفر لأول مرة.

عبر لوحات جسَّد فيها جمال الطبيعة، والتراث المعماري الأصيل لليمن، ووجوه أهلها الطيبين، تمكن الفنان التشكيلي زكي يافعي، أحد أبرز الوجوه الشابة في الحركة التشكيلية اليمنية، من تأكيد عمق إحساسه بهذه الموضوعات التي تشكل مصدر إلهامه، وثراء تجربته الفنية المتميزة، التي مكنته من حصد العديد من الجوائز، التي أبرزها جائزة رئيس الجمهورية لعام 2007، وجائزة وزارة السياحة اليمنية لعام 2008 لأفضل منظر سياحي.حاوره: حسين شيخ

المدرسة الواقعية والقصيدة العمودية
استهوته المدرسة الواقعية في الرسم، على الرغم من توجه العديد من الفنانين العرب، في الآونة الأخيرة، نحو التجريد، والفن المعاصر، وما بعد الحداثة، وتشبثه بالمدرسة الواقعية، التي يراها المحطة الأولى للفنان. «حتى يصبح فنانًا عليه أن يمر بهذه المرحلة، لما فيها من صقل لمهاراته، وتمكنه من أدواته الفنية، وكونها تضيف الكثير إلى ثقافته البصرية في مجال تاريخ الفن، والتشريح، والمنظور، وتقنية اللون، وإيصال رسائله إلى شرائح المتلقين كافة باختلاف ثقافاتهم وأجناسهم».

بالإضافة إلى رؤيته هذه لأهمية الانطلاقة من المدرسة الواقعية يقول: «شخصيًا أعد اللوحة الواقعية كالقصيدة العمودية في الشعر، فالقصيدة العمودية في الشعر تحكمها قوانين معينة: الوزن، والقافية. فإذا اختل بيت أو حرف واحد، أو نقص، من شأنه أن يضعف الوزن والإيقاع في القصيدة كاملة. وفي اللوحة الواقعية هناك قوانين تحكمها كالمنظور، والتشريح، وتقنية اللون والضوء والظل، وكلاهما «القصيدة العمودية واللوحة الواقعية» مقيد بقيود».

أركز على ما يجول في خاطر الإنسان وفي تعابير وجهه
هناك طقوس قبل البدء في العمل الفني يشير إليها زكي، مرتبطة بتقييم الفنان، وأن يكون لديه حس فني قبل اتخاذ الخطوة الأولى، سواء بالقلم الرصاص أو «الاسكتش»، أو لقطة الكاميرا، أو قبل اختيار الموضوع نفسه. «بالنسبة لي عندما أذهب إلى الأماكن الأثرية والأسواق الشعبية مثل: باب اليمن في العاصمة صنعاء، أو باب موسى في مدينة تعز، أو يافع «مسقط رأسي»، وأختار زاوية معينة للإضاءة في وقت معين، لأن الضوء مهم في اللوحة «البورتريه»، ويبرز بشكل جمالي أكثر. وأختار الموضوع، حيث أهتم باختيار موضوع يحمل شيئًا من هوية الشخص الذي أقوم برسمه، سواء في المدينة، أو المهنة، أو شكل الملبس. شيء من الأصالة. «وفي لوحاتي وشخوصها ترى تعابير الوجه بوضوح، فمن خلال هذه التعابير الإنسانية بتفاصيلها الدقيقة، أركز على ما يجول في خاطر الإنسان من توتر، وقلق نفسي، ومعاناة. أما توظيفي للتراث المعماري اليمني الأصيل في أعمالي الفنية، فإنني أود إيصال رسالة إلى كل الأجيال في العالم، مفادها أننا أصحاب حضارة، وهذه شواهد حقيقية على أصالتنا».

أفضِّل جيلاً يحمل الهوية
«يستهويني رسم الوجوه «البورتريه»، لأنني معجب، حقيقة، بجيل معين، هو الجيل القديم الذي حمل الهوية، فهو أفضل جيل حمل الهوية وحافظ عليها حتى يومنا هذا، بل ومتشبث بالحفاظ على الهوية، وهذا يزيدنا فخرًا. خذ، مثلاً، عندما أرى رجلاً قد تجاوز العقد الثامن من عمره، وقد فعل الزمن به ما فعل من تجاعيد على وجهه، ينتابني إحساس بالاعتزاز بهذا الجيل الذي يظل يعطي بشموخ حتى الرمق الأخير، كالرجل في لوحة، «بائع الحَبِّ». «الحَبُّ: القمح باللهجة الشعبية اليمنية». ويحضرني هنا تعبير جميل: «الأشجار تموت واقفة». هؤلاء أمثال «بائع الحَبِّ» يعطون للحياة معنى، ويبتسمون حتى وهم في أسواء حالاتهم».

مسؤولية الفنان
الثقافة الجمالية ليست لوحة تشكيلية، كما يقول، بل هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الفنانين في تنمية الذائقة الجمالية في المجتمع. «كوننا فنانين نغرس حب الفن في الأجيال الناشئة، والثقافة الجمالية ليست لوحة تشكيلية فحسب، بل الثقافة الجمالية في حياتنا بشكل عام. يجب أن يكون المشهد أمام أعيننا شيئًا جماليًا، في مدننا، في شوارعنا، في بيوتنا، في العمل، في المدرسة، في كل مناحي الحياة، فإذا ارتقينا بثقافتنا الجمالية، سنلحظ كل شيء جميلاً حولنا، لأن الفن التشكيلي مرآة تعكس تطور الأمم وتقدمها.

أمانة الناقد وضميره
لا يوجد فنان متصالح مع النقاد كلهم. للأسف الشديد ثمة إشكالية تتعلق بقضية النقد الفني في وطننا العربي، إذ يوجد صراع بين مدارس فنية. يقول زكي يافعي: «من وجهة نظري أرى أن على الناقد أن ينسى صراع المدارس هذا، وينسى المدرسة التي يميل إليها. المدارس الفنية جميعها تصب في قالب واحد ألا وهو الإبداع. لكن صراع الحداثة هذا أحدث نوعًا من الاختلالات. عندما يتم اختيار ناقد ما في لجنة تحكيم تجده يميل إلى الأعمال التي تتوافق مع توجهه لهذه المدرسة أو تلك، أو دعني أقولها صراحة: يحكم على هذا العمل الفني أو ذاك على هواه، إن صح التعبير، وهذه من الأخطاء الفادحة في نقد العمل الفني. يجب على الناقد أن ينتقد العمل حسب عناصر التكوين فيه، وجودته الفنية، وينسى الصراع. هذه هي أمانة الناقد وضميره».

لا أحمل موقفًا عدائيًا من التجريد
لفت انتباهي توجه العديد من الفنانين في الساحة الفنية اليمنية، وحتى هنا على صعيد المشهد التشكيلي السعودي، إلى التجريد. التجريد حاضر وموجود وفارض نفسه بشكل قوي. في اليمن لدينا أمثلة رائعة لأعمدة فن التجريد في المحترف اليمني مثل: الفنان الرائد فؤاد الفتيح، والفنان المتألق مظهر نزار، ود.آمنة النصيري، وهم قامات فنية نفخر بها في اليمن والوطن العربي. على الصعيد الشخصي لست متعصبًا لمدرسة بعينها، وضد صراع المدارس، بل على العكس، عندما أشاهد عملاً تجريديًا يشدني أحترمه، ولا أحمل موقفًا عدائيًا من التجريد وفنانيه. القضية مسألة تذوق بصري.