المانجو..
ملكة الفاكهة وسيدة المهرجان
محافظة أبو عريش في جازان تزهو بمهرجان المانجو السنوي السادس.
أرضها حرير، وخيرها وفير، كما يقال عن جازان، إذ تعد من أهم المناطق الزراعية على مستوى أرض الوطن، وذلك بمقومات طبيعية وهبها الله تعالى، من حيث توافر التربة الصالحة للزراعة والمياه الجوفية المتوافرة بكميات كبيرة، وجريان العديد من الأودية بها على مدار العام.
قصة المانجو في جازان
تشتهر منطقة جازان بزراعة أشجار المانجو، وإنتاجها الغزير أكثر من غيرها من الأنواع، والأصناف، والمنتجات الزراعية الأخرى، التي تتم زراعتها بالمنطقة، حيث تعد شجرة المانجو، التي قد يصل عمر بعضها إلى 100 عام، من أهم الفواكه الاستوائية التي نجحت زراعتها في منطقة جازان.
لنجاح زراعة المانجو بالمنطقة قصة تعود لعام 1982 عندما قامت وزارة الزراعة، ممثلة في مركز الأبحاث الزراعية بالمنطقة، بإدخال أصناف ذات جودة عالية من المانجو من الدول التي اشتهرت بزراعتها، ومن أهمها: مصر، والسودان، وأمريكا، والهند، وأستراليا، وكينيا، وإجراء العديد من الدراسات والتجارب عليها وزراعتها فأثبتت نجاحها، وبدأت عمليات التوسع في زراعة المانجو بالمنطقة.
ويشترط لنجاح زراعة المانجو توفر عدة عوامل أولها الأرض الزراعية المناسبة، حيث تعد الأراضي الصفراء الخفيفة أو الطميية العميقة جيدة الصرف ومعتدلة الحموضة، والأراضي الحصوية المكان المناسب لزراعة المانجو مع توافر الأجواء ذات الحرارة العالية نسبيًا، حيث تنمو أشجار المانجو نتيجة لارتفاع الحرارة، مع مراعاة وجود فترة جفاف في أثناء تكشّف البراعم الزهرية، والتزهير، ونضج الثمار، وهو ما يتوافر بالمنطقة خلال هذه الفترة، إذ تنخفض نسبة الرطوبة بشكل ملحوظ خلال فترة التزهير والنضوج، والتي تصادف الفترة من نوفمبر إلى مارس، التي تعد من أقل فترات الرطوبة بالمنطقة وأكثرها انخفاضًا في درجات الحرارة، وهي الفترة نفسها التي تتم فيها زراعة أشجار المانجو. كما أن للضوء أثرًا واضحًا في سلامة الأشجار، وقدرتها على حمل الثمار إذا وفر للشجرة بصورة مناسبة، حيث يجب مراعاة أن يصل الضوء لجميع أجزاء الشجرة حتى تكون قادرة على الإنتاج.
ويبدأ إنتاج المانجو من عمر 4 أعوام إلى 5 أعوام، ويتزايد الإنتاج حتى يصل عمر الشجرة 15 عامًا، لتكون بذلك قد وصلت لبداية الإنتاج الاقتصادي الذي قد يستمر طيلة عمر الشجرة إذا ما توافرت لها الرعاية المناسبة.
أنواع عديدة ومنتج ذو جودة عالية
مع بداية شهر مارس يبدأ المزارعون في منطقة جازان بجني آلاف الأطنان من ثمار المانجو التي يتم إنتاجها من مختلف مزارع المانجو بالمنطقة، والتي تشهد تزايدًا ملحوظًا في أعداد أشجار المانجو بها، وتوجه عام من قبل المزارعين لترك الزراعة التقليدية التي كانت تركز على زراعة الحبوب، والتوجه للتنوع في المحاصيل الزراعية، ومنها زراعة المانجو، وغيرها من أصناف الفواكه والخضار.
ويتفاوت محصول أشجار المانجو من عام لآخر بحسب عدد المزارعين بالمنطقة. فالمزارع عند حصوله على محصول جيد في نهاية الموسم، يبدأ في العمل على توفير السبل الكفيلة من سماد، ورعاية كاملة بالشجرة حتى يحصل على أكبر كمية من المنتج في الموسم القادم.
ولما حققه المزارع من إنتاجية عالية وسمعة تجارية، ليس على مستوى المملكة فحسب، بل على المستوى العالمي، حيث وصل منتج المنطقة من المانجو للدول الأوروبية، وعدد من الدول الأمريكية واليابان وغيرها من الدول، حظي المزارع في منطقة جازان بالدعم الكامل من قبل القيادة الرشيدة من خلال توفير القروض الزراعية الميسرة، وتحليل المياه، ومدى صلاحية التربة لزراعة المانجو، وغيرها من الخدمات الإرشادية والتوعوية.
ودعم ذلك التوجه إقامة مهرجان سنوي للمانجو تحتفي المنطقة من خلاله بهذا المنتج، وتعرف به، وتسوقه داخل المنطقة وخارجها عبر العديد من المطارات، ومنافذ البيع الداخلية، وما تزخر به المنطقة من هذا المنتج من أصناف ذات جودة عالية من أشهر أنواعها وأهمها: التومي، والجل الجلين، والزبدة، وأبو سنارة، والكنت، والكيت، والبلمر، والسنسيشن.
وإن كانت منطقة جازان قد عرفت لسنوات طويلة بأنها سلة غذاء الوطن، فإن زراعة المانجو وغيرها من المنتجات الزراعية الأخرى، التي عرفت بها المنطقة، جاءت لتؤكد للجميع أن سلة الغذاء لن تخذل المستثمرين والمزارعين إذا ما مدوا إليها أيديهم ونهلوا من خيراتها.
مهرجان المانجو
بين ألوان المانجو الزاهية التي تشبه وهج الشمس عاشت محافظة أبوعريش في جازان يوم الخامس من مايو مساءً مختلفًا وبهيًا، إذ توجه الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز، أمير منطقة جازان، لحضور انطلاق فعاليات مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية الذي تنظمه إمارة منطقة جازان، وذلك بحضور وزير الزراعة د.فهد بلغنيم، وضيوف المهرجان، حيث أقيم المهرجان في ساحة الأمير محمد بن ناصر للاحتفالات على طريق العارصة وسط حضور كبير من الجماهير التي استمتعت بليالي المهرجان الست، والتي حددتها اللجنة العليا للمهرجان، فيما يستمر تسويق المنتج لمدة شهر.
وشهد المهرجان عشرات الأجنحة والأركان للشركات المتخصصة وأصحاب المزارع الذين قدموا ملكة الفاكهة بإشكال وألوان متنوعة، ولا تخلو الفرجة بين أجنحة المعرض المصاحب للمهرجان من أن تهدى إليك عصائر المانجو وسط فرحة الأطفال، ومسارعة الكبار نحو شراء أجود الأنواع. وعلى هامش هذه التظاهرة السنوية تقام العديد من الأنشطة كالمسرح المفتوح الذي يقدم مسرحيات للأطفال، وبرامج منوعة، ومسابقات موضوعها فاكهة المانجو، والمرسم الحر لرسم أنواع ملكة الفواكه، ومسابقات لأفضل آكلي المانجو وأسرعهم، وغيرها من البرامج المسلية. ويواكب المهرجان الكثير من العروض والألوان الشعبية، وتقديم المأكولات الشعبية الجازانية كالمغش، والمرسة، وغيرهما، إضافة إلى الموروثات التي تكتنزها المنطقة من إرث وتراث أصيل.