April_09Banner

أسرة أطفال


حاوروهم
فن الاقتراب من أطفالنا
يفتقد كثير من الآباء القدرة على الحوار مع الأبناء، الذي يعد من أساسيات التربية الناجحة، ويجنب العلاقة بين الأبناء والآباء أي خلل يمكن أن يحدث لأسباب مختلفة.

جدة: ابتسام شوكاي

علاقة صداقة
حول تلك الأخطاء وكيفية تلافيها وطبيعة العلاقة التي يفضل أن تكون بين الآباء وأبنائهم، تقول الاختصاصية النفسية أحلام العمودي: يفضل أن تكون علاقة الأبوين بابنهما كعلاقة الصديق بصديقه، لا كعلاقة الرئيس بمرؤوسه، لأن طريقة الحوار وأسلوب المعاملة مع الطفل أمر مهم جدًا، وينبغي التركيز فيه، حيث إن عدم إشباع حاجة الطفل، وعدم الدخول إلى عالمه، يخلقان لديه نوعًا من الاضطرابات، وكون الأسرة منشأ بناء شخصية الطفل فلابد من تحقيق كل إشباعاته واحتياجاته في هذه المرحلة المبكرة، سواء إشباع على الصعيد الانفعالي، أو الفسيولوجي، أو الاجتماعي، أو النفسي، ويجب أن تكون هذه الجوانب متكاملة، وبالتأكيد وجود الإشباع المادي وإغفال الإشباعات الأخرى، من خلال كلمات هدامة، وعدم الحنان والعطف، أو أسلوب تعامل قاسٍ، تخلق طفلاً بنفسية ينعدم فيها التوازن والقدرة على الحوار، ويفشل في التعبير عن آلامه واحتياجاته. كذلك أسلوب التعامل الذي لا يشمل إشباع الغرائز من أحد الوالدين له نتائج سلبية، خصوصًا أن الطفل في مرحلة من مراحل نموه يكون تدخل الأب أهم من تدخل الأم، وهذا يعني أنه لا ينبغي أن ينسحب أحد الطرفين ويترك الآخر بمفرده في مجال التربية، ذلك أن الأمر يحتاج إلى تدخل الأسرة كاملة في مراحل نموه المختلفة. ومما يؤسف له أن الأب الغائب يكون في الغالب الحاضر الغائب، الأمر الذي يؤثر سلبًا في الطفل.وهذا يؤثر في سلوكه وتعامله مع من حوله، فيكون سلوكه عدوانيًا أو إذعانيًا، منطويًا ومنغلقًا على ذاته، لافتقاده الإشباعات الأساسية. لذا أنصح الأمهات والآباء بالاهتمام بأطفالهم لتحقيق السلوك التوكيدي من خلال تحقيق الإشباعات التوازنية لديه، كي يتمكن من التعبير عن ذاته، ويصبح إنسانًا منتجًا له هدف وطموح، ولديه شعور بالأمل والأمان، ويعيش حياة لها معنى، دون الشعور بالاضطرابات.

أخطاء الحوار
وتسترسل أحلام العمودي في حديثها قائلة: من علامات نجاحنا في التربية، نجاحنا في الحوار مع أبنائنا، ولكننا قد نرتكب أخطاءً تجعلنا نفشل في الحوار معهم، ومن الأخطاء التي قد يرتكبها الأبوان:
أولاً، استخدام أسلوب عدم الرغبة في الاستماع إلى الطفل، بحجة الانشغال بشيء ما يعتقد أنه أهم من الاستماع إلى الطفل والتحاور معه فيما يريد، لذا ينبغي على الأم عندما يأتي طفلها يعبِّر عن نفسه ومشاعره وأفكاره، أن تهتم بكل ما يقوله، ليشعر أن والدته تتفهمه وتحترمه وتتقبله، لأن هذا من احتياجاته الأساسية، كما أن حديثه في تلك اللحظة أهم من كل ما يمكن أن يشغل الأم، فإذا كانت الأم مشغولة فعلاً، يفضل إعطاء الطفل موعدًا صادقًا ومحددًا، خصوصًا إذا كان منزعجًا أو محبطًا ونفسيته متأثرة، من خلال مجموعة من الحركات كالاحتضان والتقبيل بكل أشكاله والتربيت على الكتف.

ثانيًا، استخدام أسلوب التحقيق مع الطفل من خلال الاستفسار عن أشياء معروفة مسبقًا لدى الأب، لكنه يتظاهر بعدم معرفتها، رغم أن طفله يعرف أن والده على علم بهذه المسألة، وهذا الأسلوب يجبر الطفل أن يكون متهمًا، يأخذ موقف الدفاع عن النفس، وهذه الطريقة قد تؤدي إلى أضرار غير متوقعة، فيتحول في نظر ابنه من صديق يلجأ إليه ويشكو إليه همَّه، إلى محقق أو قاض يملك الثواب والعقاب. لذا ينبغي على الأبوين أن يفهما أن طفلهما لا يريد أكثر من أن يستمعا إليه باهتمام، وتفهم مشاعره، وبحاجة إلى صديق يفهمه. ولهذا نجد الابن يبحث في سن المراهقة عن الصداقات خارج البيت، ويصبح الأب معزولاً عن ابنه تماما في أخطر مراحل حياته، وفي تلك المرحلة لا يمكن للأب أن يعوِّض فرصة الصداقة التي أضاعها في أيام طفولة ابنه.

ثالثًا، عدم استخدام الكلمة اللطيفة والتعامل اللبق مع الأبناء، يتم استخدامه مع الغرباء، له آثار سلبية في الأبناء، ذلك أن كثيرًا من الآباء يقولون بكل ثقة: أولادنا هم أغلى الناس عندنا، ثم لا يستخدمون الكلام المهذب والأسلوب الظريف إلا مع الغرباء، ولا يكادون يقدمون شيئًا منه لأولادهم، على الرغم من أنهم أولى الناس بالكلمة اللطيفة والتعامل اللبق، ربما لأن متاعب التربية وروتينها شغلاهم عن حلاوتها ولذتها، والتي لا ينبغي أن تؤثر في علاقتهم بأولادهم.

رابعًا، جعل العلاقة مع الأبناء كعلاقة الرئيس بالمرؤوس لا كعلاقة الأصدقاء، الأمر الذي يؤدي إلى نفور الطفل من محاورة والديه، فلا يشكو لهما همَّه ولا مشاكله، وهذا يسبب له الكثير من المتاعب والضغوط النفسية التي تؤثر سلبًا في شخصيته وعلاقته بمجتمعه.

بالتأكيد الفرصة لا تزال متاحة للجميع لتغيير العلاقة بالأبناء تغييرًا ينعكس إيجابًا على الجميع، سواء في التفاهم والحوار معهم، أو احترام شخصياتهم المستقلة، أو قبولنا عيوبهم ونقائصهم، كل هذا من الممكن تحقيقه إذا جعلنا علاقتنا بأبنائنا أفقية، كعلاقة الصديق بصديقه، يغلب عليها الحوار والتفاهم، أما إذا كانت العلاقة رأسية كعلاقة الرئيس بمرؤوسه، تغلب عليها الأوامر والنواهي، فإن تأثيرها سيكون سلبيًا.