الموز غذاء الكبار والصغار
بقلم: محمد سعيد المولوي
رسومات: ريما الكوسا
جلستْ عائلةُ عدنان بعد تناولِ طعام العشاء تتسامر وتشاهد الرائي «التلفاز»، وقال الأبُ لابنه هيثم: أغلقْ التلفازَ، وسنسهرُ اليومَ سهرةً مميزةً، ننمي فيها معارفَنا ومعلوماتِنا، لذلك سألقي عليكم أحجيةً، وسنرى مَنْ يستطيعُ منكم أن يحزرها ويعرفها:
تحمَّس الأولادُ وصفَّقوا بأيديهم فرحين، وقال عدنانُ: شكرًا لك يا أبي ونحن جاهزون. وقال الأبُ: «ما حلوة بيضاء في حلة صفراء، أطول من الإصبع محنية من التواضع يحبها الجميع، تنساب في الحلوق وتجري في العروقِ، تكثرُ فيها المعادنُ، تُولدُ خضراء، فإذا بلغت الشباب صارت صفراء، وإن أُهملتْ أصبحت سوداء؟ صاحتْ ليلى: عرفُتها يا أبي، إنها الليمونة، وردَّ الأبُ: لقد قلنا إنها أطول من الإصبع، فهل الليمونة بطولِ الإصبع؟ وقال هيثم: أظنُّ يا أبي أنها الجزرة، وردَّ الأبُ: وهل تكون الجزرة خضراء ثم تصبح صفراء؟
كان عدنانُ صامتًا يفكر. نظر الأبُ إليه وقال: أراك صامتًا؟ وتبسَّم عدنانُ وقال: أظن أنها الموزة، وتهلَّل وجْهُ الأبِ وقال: لماذا؟ وأجاب عدنانُ: لأنَّ الصفاتِ التي أوردتها من انحناءٍ وخضرةٍ واصفرارٍ واسودادٍ وانسيابٍ في الحلوق، كلها تنطبقُ على الموز، فقال الأبُ: أحسنتَ يا بُنيَّ. لكن بقيتْ عندنا أسئلة عن الموز، فما اسم الموز قديمًا؟ فقال عدنانُ: هذا سؤالٌ صعبٌ، وقال الأبُ: بسيطة، كانوا يسمونه طعام الفلاسفة، لإقبال كبارِ السِّنِّ على أكله. وقال الأبُ: إن الموزَ يزرعُ في كثيرٍ من البلاد، كالهند، وجنوب شرق آسيا، واليمن، وجنوب السعودية، والصومال، وأمريكا الجنوبية، وغيرها، ما يدلُّ على أنه طعامٌ لذيذٌ ومفيدٌ، فالموز يحتوي 25% من وزْنهِ على سكريات، ونشويات، ومعادن من أهمها: البوتاسيوم، والصوديوم، واليود، والنحاس، والزنك، والكوبالت، والفوسفور، بينما يكون الماء 75% من وزْنهِ. والسؤال الآن كيف يزرع الموز؟ فقالتْ ليلى: أنا أعرفُ أن النخلةَ تبْرزُ من طرفِها نخلةٌ صغيرةٌ، تفصل عن أمها وتزرع، فتصبح نخلةً كبيرةً، وأظن أن الموز يزرع بالطريقة نفسها. قال الأبُ: أحسنتَ، ولكنْ ماذا تحتاج هذه الفسيلة حتى تنمو؟ وأسرعَ هيثمُ قائلاً: إنه الماء، فكل النباتات تحتاج إلى الماء، وقال الأبُ: جيِّد جدًا، ولكن الموز يحتاج أيضًا إلى الرطوبة الشديدة، لذلك فإن بعض زارعيه يقطعون بعضَ ورقهِ العريض ويفرشونه في الأرض لتبقى رطبةً.
وتابع الأبُ أسئلته: وهلْ تعرفون كيف يحمل شجر الموز؟ وضحك الأولادُ الثلاثةُ، وقالوا هذا أمرٌ معروفٌ، فكلنا رأينا صورَ الموزِ، حيثُ تبدأ حباتُ الموزِ صغيرةً كأنها بذور إلى جانب بعضها، ثم تكْبرُ متجاورة كأنها أصابعُ الكفِّ، وتوضع الأكف فوق بعضها مكونة، بلونها الأخضر، قطفًا من الموز. قال الأبُ: حسنًا، وهلْ يؤكل الموز وهو أخضر؟ قال عدنانُ: قرأتُ في كتابِ العلومِ الطبيعيةِ المدرسي، أن بعضَ سكان آسيا الشرقية وأفريقيا يطبخون الموز الأخضر كالخضار واللحم، بينما يعْمدُ آخرون إلى تخمير الموز الأخضر، وذلك في غرف حرارتها شديدة، ويسلَّطُ عليها غاز الإثيلين، فيصبح لونُ الموز أصفر، وطعمُه حلوًا، لتحوُّل النشويات فيه إلى سكريات. والآن إلى السؤال الأخير، فما فوائد الموز؟ فرفعَ عدنانُ صوتَه قائلاً: من فضلِكم اتركوا لي الإجابة، فأنا سمعتُ أحدَ الأطباءِ في الرَّائي يتحدثُ عن فوائدَ الموز، إذ ذكر أنه غذاءٌ جيِّدٌ، مليِّنٌ للمَعِدةِ، سريعُ الهضمِ، منشطٌ للذهنِ، وهو من أفضل الأطعمة للمسنين، لأنه يكافح هشاشةَ العظام، وضعفَ الذاكرةِ، ويقضي على اضطرابات الكلى والقولون. فقال الأبُ: أحسنتم يا أولادي، وإلى جلسة مقبلة.