مملكة البحرين
تاريخ مجيد.. وحاضر زاهر
اتصل تاريخ البحرين الذي ترك آثاره شاهدة على حضارة عظيمة بحاضر مزدهر، وتطور في الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة.
|
ازدهار وعمران
مظاهر العمران في البحرين في ازدهار، وكأن ناطحات السحاب تنبت من الأرض. |
استطلاع وتصوير: عبدالعزيز محمد العريفي
اتصل تاريخ البحرين الذي ترك آثاره شاهدة على حضارة عظيمة بحاضر مزدهر، وتطور في الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة.
|
ورلد تريد سنتر
مبنى البحرين ورلد تريد سنتر من أفخم المباني في العاصمة المنامة، ويوجد بين البرجين مجمع مودا مول.
|
البحرين التي تجذرت عروقها المطمورة في ثرى التاريخ إلى أعماق سحيقة موغلة في القدم اختلطت فيها الحقيقة بالخيال والواقع بالأسطورة، ها هي الآن تعيش طفرة حضارية غير مسبوقة، إذ تعلو في السماء بناطحات سحابها. وما أن أنهينا إجراءات الدخول على نقطة الحدود بين السعودية والبحرين، وانطلقت بنا السيارة فوق بقية جسر الملك فهد، حتى بدت ملامح مدينة المنامة تتضح شيئًا فشيئًا وكأن أبراجها وناطحات السحاب بها أخذت تنبت من الأرض وترتفع رويدًا رويدًا لترقب الضيف القادم.
البحرين اسم كان يطلق على كل الجزء الشمالي الشرقي للجزيرة العربية وجنوب العراق حتى عصور متأخرة، وتاريخ البحرين يمتد إلى أكثر من 5000 سنة عندما كانت مركزًا لحضارة ديلمون العظيمة.
ومملكة البحرين أرخبيل يتكون من أكثر من ثلاثين جزيرة أكبرها بالطبع جزيرة البحرين التي تبلغ مساحتها ما يربو على 591 كم2، وهو ما يمثل الثمانين بالمئة من مجمل مساحة الأرخبيل البالغة 620 كم2. وتقع البحرين في الخليج العربي شمال دولة قطر وشرق المملكة العربية السعودية. ويربطها بالسعودية جسر الملك فهد «الذي شيدته السعودية في عهد المغفور له بإذن الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز»، ويمتد إلى أكثر من 25 كم داخل البحر حتى مدينة الخبر السعودية, التي تعد نقطة البداية، ويصل التعداد السكاني في جميع الأرخبيل إلى ما يقارب المليون نسمة.
بلاد السياحة والآفاق المفتوحة
صحيح أن البحرين صغيرة في المساحة الجغرافية، بيد أنها رحبة جدًا في آفاقها الثقافية والاجتماعية. يعيش فيها الناس على اختلاف طوائفهم في توافق وانسجام ووئام أشبه بأوتار آلة العود، فاختلاف نغماتها أساس جمال معزوفها.
على أن أكثر ما يشدك في البحرين، خصوصًا في المنامة، تلك الغابة العظيمة من ناطحات السحاب التي بنيت على أحدث المواصفات العالمية وأفضلها، ناهيك من روعة تصاميمها التي يبهرك جمالها. ولا يقف الأمر عند ذلك الحد، إذ حالما تكل عيناك من النظر إلى أعلى فسرعان ما تصدمهما روعة الأسفل، حيث الطرقات الجميلة، والشوارع الفسيحة فائقة التنظيم المعماري والجمالي، فضلاً عن سلاسة حركة المرور والسيارات التي تنم عن سلوكيات منضبطة، ووعي حضاري وصل إلى أعلى مستوياته. وتتوفر في البحرين بنية سياحية متطورة، وتزخر بمناطق جذب سياحي وترفيهي، حيث الشواطئ البحرية العالمية، ومدن الألعاب، وصالات السينما، والأسواق التجارية بما تحويه من علامات تجارية عالمية، وحراك تجاري كبير، يجعل من البحرين مركزًا تجاريًا مهمًا على نطاق منطقة الخليج العربي، بل والعالم قاطبة، ناهيك عما تشعر به من أمن، وأمان، وراحة نفسية تدغدغ خلجات قلبك بأنامل السعادة.
|
متعة بحرية
مرسى لبعض اليخوت والقوارب التجارية التي تنقل السياح والمتنزهين من كورنيش المنامة إلى عرض البحر. |
وكان لجسر الملك فهد دور فاعل في صناعة السياحة في البحرين، فوفقًا لآخر الإحصاءات فإن عشرات الملايين من المسافرين قد عبروا الجسر خلال الأعوام القليلة الماضية.
لماذا سميت البحرين بالبحرين؟
هناك جملة من الآراء المتداولة بين الناس حول تسمية البحرين بالبحرين لا تستند إلى ثوابت تاريخية مؤكدة، مثل القول بأن الناس ثنوا البحر لوجود بحيرة كبيرة ناحية الأحساء وهجر وقريبة من البحر، ماؤها راكد، كما ذكر ذلك الأزهري في لسان العرب لابن منظور. ومن قائل إن سبب التسمية يرجع إلى وجود عيون ماء عذبة تنبع من قاع البحر المحيط بالأرخبيل، فيكون هناك بحران عذب فرات وملح أجاج، ومن قائل إن البحرين تقع بين بحر فارس وبحر عمان ومن ذلك اشتق الاسم كدلالة على أهمية الجزيرة, بيد أن التاريخ يثبت أن مسمى البحرين كان يطلق على الأحساء وهجر، أو ما يعرف اليوم بالمنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية، ويمتد حتى المناطق المتاخمة للعراق, فضلاً عن أرخبيل البحرين نفسه. ولا يعرف بالضبط متى انحسر المسمى عن جميع تلك المناطق لينحصر في تلك الجزيرة الصغيرة دون غيرها.
لمحة تاريخية عن البحرين
ولأهمية البحرين الجغرافية وشهرتها العالمية في صيد اللؤلؤ النفيس وتجارته، فقد تعاقبت عليها حضارات كثيرة تمتد إلى أعماق التاريخ، تاركة بصماتها على أصدافها الجميلة. وحرصت كل حضارة على إبقاء الهيمنة عليها، والذود عنها وحمايتها كما لو كانت لؤلؤة عظيمة، مثل حضارة السومريين، والآشوريين، والبابليين، والإغريق، والفرس، وغيرهم، وكان الإغريق يعرفونها باسم «تايلوس». وسميت، أيضًا، في فترة من الزمن بـ«أوال»، ونسبة كبيرة من سكانها كانوا من بني تميم. وقد ولى النبي، صلى الله عليه وسلم، عليها العلاء الحضرمي في العام السابع للهجرة, بعد اعتناقها الإسلام، إذ كانت قبل ذلك مركزًا من مراكز النصرانية «النسطورية». وقد احتلها الإغريق عام 1521 ونازلهم زعيم الجبور آنذاك مقرن بن زامل حتى قتل في المعركة.. وسقطت البحرين بذلك في يد الغزاة الذين بقوا فيها لأكثر من ثمانين عامًا, إلى أن قام الصفويون باحتلال الجزيرة عام 1602. وفي عام 1783 قامت أسرة آل خليفة بهجوم بحري على الجزيرة حررها أخيرًا من المستعمر, وحرصت بريطانيا على إبقاء البحرين إمارة مستقلة عن الدول المجاورة، وبقيت في حمايتها حتى عام 1971، وهو العام الذي أعلن فيه استقلال البحرين.
اكتشاف النفط
شكل اكتشاف النفط في البحرين عام 1922 قفزة كبيرة في اقتصادها، أدى إلى تسارع التطور بها، واستنهاضها، والأخذ بأسباب التمدن والحياة العصرية إلى آفاق بعيدة. تعد البحرين من أكبر مصنعي الألمنيوم في العالم، وتنتج منه ما يقارب الـ525000 ط م سنويًا، والكثير من الدول المتقدمة تستورد الألمنيوم من البحرين، كما أن البحرين تعد أكبر دولة مصنعة للسفن في الشرق الأوسط، وتمتلك ثاني أكبر ميناء صناعي في العالم بعد ميناء جبل علي في دبي.