الحريد..
هدية الشواطئ الهندية
جزيرة فرسان تستقبل موسم صيد سمك الحريد وسط مهرجان شعبي.
يعد موسم هجرة الحريد «ببغاء البحر» في منطقة جازان من الظواهر الفريدة بيئيًا، وتتكرر سنويًا في جزيرة فرسان، على ساحل حصيص في منطقة تسمى باسم السمك وهي منطقة «الحريد»، وذلك خلال شهري إبريل ومايو من كل عام. ويأتي هذا السمك مهاجرًا من الشواطئ الهندية في مجموعات يسميها الفرسانيون بـ«السواد» وجمعها «أسودة»، أما المجموعة الصغيرة فيطلقون عليها اسم «القطعة». ويمكث الحريد على شواطئ فرسان الضحلة لمدة أسبوع فقط محتميًا بذلك من حيتان الشواطئ الهندية.
كان أهالي جازان يتوجهون قديمًا إلى هذه المنطقة على ظهور الدواب، بعد صلاة الفجر مباشرة، فيصلون هناك مع طلوع الشمس، ويبدؤون بالتجمع على طول الأماكن القريبة من الساحل بغية مراقبة سطح الماء.
علامة حضوره
بعض الاضطرابات الخفيفة التي تظهر على سطح الماء فيها دلالة على وجود السمك، وعلى إثرها يقوم بعض صيادي الأسماك، المختارين من قبل كبار البلد الموجودين هناك، بإحاطة الأدوال «الشباك» حول السواد «مجموعة سمك الحريد»، ولا يخرجون ما اصطادوه من حريد من الماء حتى لا يموت. ومن الممكن رؤية السمك في أثناء وجوده في وسط حلقة الشباك وهو يدور دون الاصطدام بالشباك الموجودة حوله.
ويكرر الصيادون الطريقة نفسها لاصطياد أسودة «مجموعات» أخرى من الحريد، ثم يسحبونها لإدخالها داخل حلقة واحدة. وبعدها ينادون على الشباب والأطفال لجمع شجيرات «الكِسْب» الموجودة على طول الساحل. وبعد جمع كمية لا بأس بها يبدؤون بمحاصرة السواد بالأشجار، وإزالة الأدوال «الشباك» من حول سواد الحريد، بحيث تكون الأسماك محاصرة بالشجيرات في عمق لا يتجاوز النصف متر أحيانًا.. وعندما يكون كل شيء مهيأ للانقضاض، وتكون الأعصاب مشدودة، والتوتر والقلق يبدوان على محيا الجميع يصيح كبير الصيادين بأعلى صوته: «الضويني»، وهي كلمة جازانية محلية تدعو للانقضاض على الصيد، فيسارع الناس بالركض حاملين كيسة المطوق ليجمعوا أكبر كمية من هذا السمك، وسط جو مليء بالفرح والسرور والبهجة.. لتبدأ بعد ذلك عملية التهادي منه بين المنازل.
مناسبات.. وصيد
تتزامن الأفراح والمناسبات السعيدة مع موسم الحريد، فالعرائس اللواتي لم يمض على زواجهن عام تقام لهن ما يعرف بالليالي أو «معاني الحريد»، ويكون الاحتفال مقتصرًا على النساء فقط، إضافة إلى كثير من العادات الاجتماعية التي تواكب هذا الموسم الفريد، والذي بدأ يأخذ صبغة العالمية بدعم أمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز، وبجهود الهيئة العامة للسياحة والآثار، حيث تقام الكثير من البرامج والفعاليات التراثية، والثقافية المتنوعة.
طبق من حريد
يعرف أن سمك الحريد لا يتجاوز طوله 40 سنتيمترًا، ويخلو من الأشواك، ويمتاز بجمال المنظر ولذة الطعم.. وأهالي فرسان يتبعون طريقة خاصة في طهيه، إذ يقومون بتنظيفه، ثم بتتبيله بالبهار والبصل والملح، ثم يشوونه في التنور المسمى «الميفا»، فالحريد لا يؤكل مقليًا بالنسبة لأهالي فرسان، وتقوم بعض الفرسانيات بعجن كبد السمك مع لحمه وتتبيله، ثم شوائه.
«السعودية»
تشارك في مهرجان الحريد
شارك الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز، أمير منطقة جازان، أهالي محافظة فرسان فعاليات صيد سمك الحريد المقامة ضمن المهرجان السنوي السابع لصيد سمك الحريد بخليج حصيص. ولقد أشاد الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز، أمير منطقة جازان، بالدور الرائد الذي تلعبه الخطوط السعودية وبدورها الكبير في دعم المهرجانات والفعاليات في المنطقة، وقال سموه بمناسبة رعاية الخطوط السعودية المهرجان السنوي السابع للحريد الذي أقيم في جزيرة فرسان: «للنقل الجوي دور أساسي ومهم في تنمية المنطقة وتطويرها، خصوصًا السياحة، ونأمل أن يكون نصيب المنطقة في الرحلات أكبر في المستقبل، وبما يتواكب مع الطلب المتزايد للسفر والتطور السريع للمنطقة»، كما تفضل سمو أمير منطقة جازان بتسليم الجوائز المقدمة من الخطوط السعودية.
وقد خصصت «السعودية» جوائز قيمة عبارة عن تذاكر سفر للمسابقات الثقافية والسباقات الرياضية، داعمًا فعاليات المهرجان الذي أثبت نجاحه السنوي بكل المقاييس، والذي يعد تظاهرة سنوية واحتفالية كبيرة يحتفي بها الأهالي ابتهاجًا بمقدم ضيف الجزر الذي يطل عليهم في الموعد نفسه من كل عام.