وادي حنيفة
روض في قلب الرياض
يوفر مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة منطقة ترفيهية مفتوحة يبلغ طولها 80كم.
رعى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، افتتاح مشروع تطوير وادي حنيفة الذي يمتد على مسافة تزيد على 80 كيلو مترًا، بعد إكمال الهيئة العليا لأعمال تطويره، كما افتتح سبعة مواقع من عناصر المشروع، ضمت متنزهات مفتوحة، ومحطة المعالجة الحيوية للمياه.
أوضح المهندس عبداللطيف آل الشيـخ، عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، رئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة، أن الهيئة انطلقت من تبنيها لهذا المشروع الأكبر من نوعه في المنطقة، من منطلق الأهمية الكبيرة، والقيمة الاستراتيجية لوادي حنيفة الذي يمثل رئة مدينة الرياض، ومصرف المياه الأكبر في نطاقها الحضري.
التطوير عبر مبدأ الحماية
وأضاف المهندس عبداللطيف آل الشيخ أن الهيئة بادرت إلى تبني جملة من الإجراءات والتنظيمات التي تهدف إلى إيقاف المصادر الرئيسة للتدهور في بيئة وادي حنيفة. وقال: « بدأت الهيئة إجراءاتها لوقف التدهور في الوادي بإقرار مبدأ «الحماية البيئية» للوادي، واحتساب محيطه محمية بيئية، ومنطقة تطوير خاصة تحت إشراف الهيئة، أتبعتها بإجراءات تنفيذية شملت: نقل الكسارات والمصانع إلى مواقع بديلة خارج الوادي، ووقف أنشطة نقل التربة من الوادي، وتنظيم حملات تنظيف متكررة لأجزاء الوادي المتداخلة مع عمران المدينة، جرى خلالها إزالة المخلفات مما مساحته 10 ملايين متر مربع، وإزالة نحو نصف مليون طن من النفايات ومخلفات البناء».
ولكون إعادة تكوين الوادي جغرافيًا، وطبيعيًا، وبيئيًا، يتطلب خطة استراتيجية شاملة، ذكر المهندس عبداللطيف آل الشيـخ، أن الهيئة العليا توّجت عنايتها بالوادي بوضع «المخطط الشامل لتطوير وادي حنيفة» ليكون بمنزلة الأساس الذي ستُبنى عليه بقية المشاريع التطويرية التنفيذية الحكومية والاستثمارية. وكان من عناصرها إطلاق مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة.
ثلاثة مستويات للمياه
وقد اشتمل المشروع على جملة من الأعمال، من بينها تسوية مجاري المياه، وفق ثلاثة مستويات مختلفة من تصريف المياه الجارية، وهي: مستوى المياه دائمة الجريان التي تتغذى من شبكات تخفيض المياه الأرضية في المدينة، ومن شبكات تصريف السيول, وأعدت لهذا المستوى قناة مفتوحة للمياه دائمة الجريان مدعمة بالتكوينات الصخرية و«الهدارات»، للمساعدة على معالجة المياه، والحفاظ على قدرتها التصريفية طوال العام، وذلك بطول 57 كيلو مترًا، بعرض متسع نسبيًا يصل في بعض الأجزاء إلى ستة أمتار، وبعمق يبلغ 1.5متر. ومستوى السيول الموسمية التي تجري في الوادي في مواسم الأمطار, حيث جرى تسوية بطن الوادي بميل دائم باتجاه الجنوب, وميل عرضي باتجاه القناة الدائمة. كما جرى تدعيم حواف الأودية في بعض النقاط الحرجة, وتدعيم الخدمات والمرافق القائمة في بطن الوادي, بحيث تتحمل غمر مياه السيول. والمستوى الذي يختص بالفيضانات التي تحدث في الدورات المناخية كل 50 سنة تقريبًا.
نظام معالجة طبيعي للمياه
وبهدف المزج بين متطلبات المشروع الوظيفية، وبين المعايير البيئية الصارمة التي وضعها المخطط الشامل لتطوير الوادي، تبنى مشروع التأهيل البيئي آلية جديدة لمعالجة المياه الجارية في الوادي، تستند إلى نظام معالجة طبيعي غير كيميائي، يعتمد على إيجاد البيئة المناسبة في المجرى المائي لوجود الأحياء الدقيقة وتكاثرها، والتي تستمد غذاءها من المكونات العضوية وغير العضوية في المياه. وقد جاء اختيار هذا النظام الطبيعي لمعالجة المياه، نتيجة انخفاض كلفته التشغيلية، فضلاً عن كونه وسيلة طبيعية تتواءم مع بيئة الوادي، فهو يعمل على تكوين دورة كاملة للسلسلة الغذائية الهرمية لمجموعة من الكائنات الحية التي يمكن أن تعيش في المياه، بحيث يتمثل المصدران الأساسيان في العملية الحيوية في ضوء الشمس والأكسجين، اللذين يساعدان على نمو الأحياء الدقيقة والطحالب، والتي تتغذى بدورها على الكائنات الحية المختلفة.
طرق صديقة للبيئة
جرى خلال المشروع إنشاء طريق للسيارات بطول بلغ نحو 43 كيلو مترًا ابتداء من سد العلب في الدرعية شمالاً إلى طريق المنصورية، وبعرض يراوح بين ستة أمتار وتسعة أمتار، وضع في مسار جانبي من بطن الوادي, بحيث يكون محاذيًا لممر الخدمات، ولا يسير في المنتصف كإجراء احترازي لحماية الطريق من السيول. كما جرى إنشاء 22 جسرًا ومعبرًا عند تقاطع الطريق مع القناة، وتزويد الطريق بمختلف العلامات المرورية التحذيرية، والإرشادية، والتوجيهية، وبلغ عددها أكثر من 730 لوحة تساهم في توجيه مرتادي الوادي وتعريفهم بما يحتويه من معالم بيئية، وطبيعية، وخدمات، وما يكتنزه الوادي من مواقع بيئية، وتراثية.
كما جرى تنفيذ عبّارات على الطريق للوصول إلى الأودية الفرعية، وبعض مداخل المزارع التي تقع فوق قناة المياه الدائمة الجريان، وهو ما أدى إلى تحسين نقاط الاتصال بين مدينة الرياض والوادي.
كما اشتملت أعمال تحسين شبكات الطرق وتطويرها في المشروع، على أعمال الإنارة في محاذاة طريق السيارات وممرات المشاة، إلى جانب تنفيذ مصليات في الأماكن التي لا تتوفر فيها مساجد، وتنفيذ 30 مبنى لدورات المياه للرجال والنساء، فضلاً عن إنشاء مواقف جانبية للسيارات تتسع لأكثر من 2000 سيارة.
ممرات معبدة بالصخور
أما ممرات المشاة فتمتد بطول 47 كيلو مترًا، في أبرز المناطق الجمالية المتوفرة على طول الوادي، إضافة إلى ممرات مرصوفة بطول 7.4. كيلو متر، وجرى اختيار مواقعها في محيط التكوينات الصخرية البديعة والمناطق المشجرة، وبالقرب من مجاري المياه، مع مراعاة سهولة الوصول إلى هذه الممرات عبر مواقف السيارات المنتشرة حول الضفتين. وتتكون ممرات المشاة من مسارات ترابية مرصوفة بشكل يسمح بالحركة الراجلة، وعربات الأطفال والمعاقين، وهي محمية بأكتاف من التكوينات الصخرية تعمل كمحددات للممرات، ومزودة بأماكن للجلوس، ومواقع مهيأة كاستراحات للتنزه. ووصولاً إلى إيجاد بيئة نباتية تلائم بيئة الوادي، انطلقت عملية إعادة الغطاء النباتي في مشروع تأهيل وادي حنيفة على عدد من الأسس، من أبرزها: إعادة غرس النباتات التي سبق أن كانت من مكونات الوادي في السابق، واعتماد مستوى تشجير بكثافة يمكن الحفاظ عليه بقدرات الوادي الطبيعية الذاتية من مياه سطحية وجوفية. وقد تم في هذا المجال غرس 30.000 شجرة صحراوية في بطن الوادي، وغرس نحو 7000 نخلة، ونقل 2000 شجرة صحراوية إلى الوادي كأشجار الطلح، والسمر، والأثل، وغرس 50.000 شجيرة عن طريق الاستزراع من البذور والشتلات الجاهزة.
خمسة متنزهات مفتوحة
تضمن مشروع التأهيل البيئي، بالإضافة إلى تأهيل بطن الوادي، إنشاء خمسة متنزهات مفتوحة ضمت: متنزه سد العلب الذي يحتوي على ممرات للمشاة بطول 5.5 كيلو متر، وجلسات للمتنزهين تشمل 93 جلسة، ومواقف للسيارات على جوانب الطريق تتسع لـ200 سيارة، إلى جانب رصيف للمشاة بطول 2 كيلو متر مزود بالإنارة والتشجير. ومتنزه سد وادي حنيفة، حيث يشتمل على 27 جلسة للمتنزهين، وممر للمشاة بطول 5.6 كيلو متر. ومتنزه السد الحجري الذي تبلغ مساحة بحيرته حوالي 10 آلاف متر مربع ،وبعمق يصل إلى مترين. وتم رصف محيط السد بممرات للمشاة بطول 4.5 كيلو متر، وتنفيذ جلسات للمتنزهين حول البحيرة. كما ضمت المتنزهات، متنزه بحيرة المصانع التي زودت بممرات للمشاة بطول 4 كيلو مترات، وتبلغ عدد جلسات المتنزهين 22 جلسة. فيما تبلغ مساحة البحيرة 40.000 متر مربع، بعمق يصل إلى 10 أمتار. وكذلك متنزه بحيرة الجزعة الذي تبلغ ممرات المشاة المقامة فيه 5.5 كيلو متر، وزود بــ37 جلسة للمتنزهين، فيما بلغت مساحة البحيرة 35 ألف متر مربع، بعمق يصل إلى ثلاثة أمتار.
حماية المواقع التاريخية
وفي هذا الصدد، سنّت الهيئة ضوابط عمرانية لتطوير المواقع التاريخية في الوادي، من شأنها حفظ خصائصه العمرانية وتطويرها ثقافيًا، وبيئيًا، واجتماعيًا، وربطها بالأحياء المحيطة بالوادي، وحماية المناطق التاريخية من امتداد الممتلكات الخاصة عليها، وتوظيف خصوصياتها التاريخية والعمرانية، فضلاً عن أعمال الصيانة المباشرة لأعمال التشجير والتنسيق، وتحديد أهداف الرعاية للوادي، والمشاركة الطوعية من قبل الأفراد والمؤسسات.
وفي الإطار نفسه، وضعت تصاميم ومواصفات لأسوار المزارع القائمة، وبخاصة الأجزاء الظاهرة لمرتادي الوادي، أو المشرفة على بطن الوادي لتحقيق التجانس المطلوب بين عناصر الوادي الطبيعية، حيث وُضعت هذه المواصفات وفق شروط عامة، ومواصفات فنية، من بينها تلبيس السور بحسب الحدود الموضحة بصك الملكية، ومراعاة التقليل من فروق الارتفاعات بين أسوار المزارع المتجاورة، وتلبيس جميع الأسوار المطلة على الوادي مباشرة، والأسوار الداخلية بحجر الرياض، واستخدام مواد متجانسة مع لون الحجر ضمن مقاسات معينة، ووضع فتحات في أسفل الأسوار عند مواقع جريان السيول، وتلافي جعل زوايا الأسوار حادة، واعتماد شكل البناء التقليدي.
جوائز عالمية حصدها المشروع
حصد مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، العديد
من الجوائز العالمية. فقد نال المخطط الشامل لتطوير وادي حنيفة، اهتمام كثير من الخبراء والمختصين وإعجابهم
في مختلف دول العالم، ما أهله للحصول على جائزة مركز المياه بواشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية كأفضل خطة لتطوير مصادر المياه على مستوى العالم لعام 2003،
من بين 75 مشروعًا قدمت من 21 دولة.