April_09Banner


حزينة..سعيدة..خائفة
ساعدي طفلتك على فهم انفعالاتها المتغيرة والتعامل معها.

بقلم: هجار شير Hagar Scher

ليس من السهل أبدًا، أن تتعاملي مع طفلة في الثانية من عمرها: تملأ البيت في لحظات السعادة رقصًا ومرحًا، وتشبعك قبلات واحتضانًا. ثم تفاجئك بحالات من الغضب والهيجان لا تطاق، تضع أعصابك على المحك، ولا تملكين أمامها سوى التحلي بالصبر والثبات. تقول د.كورالي بيريز-إدغار (Koraly Perez-Edgar)، أستاذ علم النفس المساعد بجامعة جورج ماسون، في مدينة فيرفاكس بولاية فيرجينيا، في هذا الشأن: «يختبر الأطفال في هذه السن عواطفهم بشكل مكثف للغاية، حيث يتقلب مزاجهم، من الانفعال الصاخب، إلى الهدوء التام، ثم العودة بسرعة فائقة، للانفعال...».

يخطو الطفل، ما بين سن الثانية والثالثة، خطوات هائلة باتجاه تمييز مشاعره وتفهمها، إلا أن قدرته على التحكم في تلك المشاعر المتباينة تكون، في الغالب، مهتزة. لذا، يجب أن تركزي خلال تلك المرحلة الحرجة من النمو العاطفي، على الإكثار من الحديث مع طفلك، عن المشاعر: مشاعره هو، ومشاعرك وكذلك مشاعر كل من يحيطون به. تقول د.كريستين لاغاتوتا (Kristin Lagattuta)، أستاذ علم النفس المساعد في جامعة كاليفورنيا، بمدينة دافيس: «يتمتع الأطفال الذين يتحدث إليهم أهاليهم عن المشاعر والانفعالات، بمهارات اجتماعية أفضل من غيرهم». حين نفتح مجالاً للحوار، يصبح بإمكاننا تطوير طرق نستبق بها بعض المواقف التي قد تؤجج مشاعر مختلفة، لنخرج بأشكال مقبولة للتعبير عن الذات.

طفلتك سعيدة
لقد لمستِ ذلك بنفسك، وشاهدتِها ترقص بعفوية، كلما منحتِها قطعة من الحلوى، أو تطير فرحًا حالما ترى صديقتها المفضلة.
السبب في ذلك «أن الإنسان يشعر بسعادة بالغة، حين يفعل شيئًا يحبه!» وهذا يساعد الطفل على ربط الصلة بين السعادة التي يشعر بها، وما يدور في عالمه. كما يعلمه أنه قادر على إدخال السرور على نفسه.

بناء على ذلك، فإن بعض مؤشرات التفاعل تبدو على الأطفال منذ سن العامين والنصف تقريبًا. حفزي هذا التفاعل المتنامي لدى طفلتك، باللجوء إلى طرق العصف الذهني، لإدخال السعادة على قلب حبيبتك كلما أحسست أنها كئيبة، على حد قول د.لاغاتوتا.

ابنك حزين
لقد لمست ذلك بنفسك، ورأيت أنه سرعان ما ترتجف شفتاه، وتبدو الكآبة على وجهه، وتنهمر الدموع من عينيه، لمجرد أنه لم يجد لحافه... كما أن ملامحه تتغير، وتعلو وجهه نظرة حزينة، حالما ينتهي وقت اللعب مع رفاقه، وتحين لحظة الوداع أو، عندما يرتفع صوتك عليه بالتعنيف، حين يحدث فوضى في البيت.

السبب في ذلك يعود، حسب د.لاغاتوتا، إلى أننا «جميعًا، نشعر، في بعض الأحيان، بالحزن. وهذا أمر لا يدعو في حد ذاته إلى القلق. لكن علينا أن نبحث عن الطريقة المثلى للخروج من تلك الحالة. ترى د.لاغوتاتا أنه «من الضروري أن نؤمن بأن كلاً منا يشعر من حين لآخر، بالاستياء، فالرياح كثيرًا ما تجري بما لا تشتهيه السفن، لكن من المؤكد أن هناك طرقًا عديدة تساعد على الرفع من معنوياتنا. من هنا تأتي أهمية التحدث إلى ابنك عن الانفعالات السلبية، لكي لا يتبادر إلى ذهنه أنه الوحيد الذي يعانيها، فتصبح مصدر قلق له ويشعر بالتالي، أن تلك الانفعالات التي تنتابه غريبة، أو أنها تمثل خطرًا ما عليه».

بناء على ذلك، في هذه المرحلة العمرية، حالات الكآبة تشبه الثقب الأسود، الذي يمتص اهتمام الطفل، فيؤثر في معنوياته، وسرعان ما يصيبه بالإحباط التام. يقول د.بيريز إدغار (Perez-Edgar): «مهمتك تتمثل في رفع الروح المعنوية لطفلك، بالإضافة إلى مساعدته على امتلاك الأدوات اللازمة التي تمكنه من السيطرة نهائيًا وبطريقته الخاصة، على حالة الذعر التي تنتابه. بإمكانك أن تعرضي عليه بعض الحلول المهدئة كأن تسأليه: «هل لو احتضنتك فستكون في حالة أفضل؟»، أو «هل تعتقد أن اللعب خارج البيت سيساعدك؟».

ابنتك غاضبة
لقد لمست ذلك بنفسك، ووجدت أن ابنتك تشعر بخيبة الأمل أو الإحباط، كلما رفضتِ لها طلبًا، أو قلت لها «لا»، فتثور ثائرتها، وتتحول إلى وحش كاسر، متمرد، ومزمجر.

السبب في ذلك يعود، حسب د.بيريز إدغار، إلى أننا «نشعر بالغضب لأننا لم نحصل على ما نريده». ومن المحتمل أن تكون نوبات الغضب التي تنتاب طفلتك، من القوة بحيث تسبب لك أنت الانهيار، لكن عليك، في هذه الحال، أن تحافظي على هدوئك التام. تمسكي بمبادئك التي تسيرين عليها، فالاستجابة لطلبات طفلتك، تجعلها تعتقد أن الصراخ والركل الكثيف هما السبيل إلى الحصول على ما تريده. أفهميها أنك تدركين مدى غضبها، وأنك على استعداد لأخذها في حضنك، حالما تهدأ. يقول د.بيريز إدغار: «مسار ثورة طفلتك يتوقف على ردة فعلك أنت: إما أنك ستنجحين في إخماد ثورتها، أو أن ضعفك أمام صراخها سيشجعها على التمادي».

بناء على ذلك، انتهزي هذه الفرصة لتوجيه طفلتك الحانقة نحو سلوكيات ضبط النفس، لكي تصبح قادرة، وبصورة نهائية، على التعامل مع الإحباطات التي تواجهها في الحياة، بعيدًا عن الانفعال الزائد والاستعداد الدائم للانفجار «التحلي بالصبر، مع أن العديد من كبار السن ما زالوا يفتقرون إليه». يقول د.بيريز إدغار في هذا السياق:

«بإمكانك منحها وسيلة تفرغ عن طريقها شحنات الغضب، كأن تعطيها دمية تصرخ في وجهها، أو تخصصي لها ركنًا تتجه إليه كلما كانت منفعلة، لتخفف من حدة الانفعالات الزائدة، ومن ثم تدرك ما يتعين عليها فعله كلما فقدت السيطرة على غضبها». بمجرد زوال نوبة الغضب، يمكنك التحدث إليها عن أفضل الطرق التي تساعد على التغلب على الشعور بالإحباط. كأن تقولي لها: «من الطبيعي أن تشعري بالغضب حين يرفض شقيقك السماح لك باللعب بقطاراته، لكن ألم يكن بإمكانك أن تفعلي شيئًا آخر غير العض؟».

ابنك خائف
لقد لمست ذلك بنفسك، وتأكدت أنه كلما واجه شخصًا لا يعرفه، أو دخل مكانًا لأول مرة، أو مارس نشاطًا جديدًا، ارتبك، وانتابه القلق. وإذا بالأشياء التي لم تكن من قبل تزعجه، كموعد الذهاب إلى النوم، أو المصعد، أو لعبة الانزلاق العالية، تتحول فجأة إلى مصادر هلع.

السبب في ذلك يعود ,إلى أننا «نشعر بالخوف لأننا نتوجس من حدوث شي سيئ». تريدين أن تجدي تفسيرًا للمخاوف التي تنتاب طفلك، وأن تقنعيه في الوقت ذاته، أن مخاوفه لا علاقة لها بالواقع بقدر ما هي مرتبطة بمواجهة أي موقف جديد أو مجهول.

بناء على ذلك، أعيدي الطمأنينة لطفلك وأكدي له وأنت تحدثينه عن تجاربك الخاصة، أنه بأمان. بإمكانك أن تقولي له على سبيل المثال: «أنا أيضًا كنت أخاف الوحوش، لكني لم أر في حياتي، وحشًا واحدًا على الإطلاق. فهي كائنات خرافية لا نراها إلا في الكتب والأفلام فقط. علمي طفلك قبل كل شيء، ألا يستسلم لمخاوفه، وأن يسعى في المقابل، في البحث عن أشياء أخرى تساعده على الإحساس بأنه شجاع وتعزز ثقته بنفسه. تقول د.هيثر هندرسون Heather Henderson، أستاذ علم النفس المساعد بجامعة ميامي، كورال غابليز: «أنت لا تريدين بالتأكيد، أن يتحول الخوف إلى سمة تطغى على شخصية طفلك وتكبلها. شجعيه، عندما ينتابه الخوف، على أن يلجأ إلى إحدى لعبه المفضلة، أو يتسلى برفقة أحد أصدقائه، أو يستحضر ذكرى بعض الأوقات الممتعة. ذكريه بمواقف سابقة خاضها بكل نجاح رغم مشاعر القلق التي سبقتها».

سيتمكن طفلك، بمساعدتك، من التحكم في انفعالاته الزائدة بصورة أفضل، ويقبل بثقة، على عمل مفيد يتمثل في استكشاف العالم المحيط به.