الجنادرية 25
وحدة وطن
فعاليات فكرية وثقافية وفنية تثري التنوع الثقافي وتلبي جميع الأذواق.
رعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يوم الأربعاء الأول من شهر ربيع الآخر 1431هـ، الموافق 17 مارس 2010
انطلاق الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الوطني للتراث والثقافة، الذي ينظمه الحرس الوطني سنويًا في قرية الجنادرية.
الرياض: نزار الغنانيم
تصوير: هشام نصر شما، خالد الخميس، سعد العنزي
اشتمل المهرجان الوطني للتراث والثقافة على عشرات الفعاليات الثقافية والفكرية، والأنشطة الفنية، بما يلبي تنوع الثقافات والاهتمامات، من سباق الهجن الشهير، إلى «أوبريت» حفل الافتتاح، ومسابقة حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية، والندوات الفكرية والثقافية، والأمسيات الشعرية بنوعيها، وعروض الفرق الفلكلورية والفنية، والدكاكين التقليدية، وأجنحة الحرف التقليدية الشعبية، إضافة إلى أنشطة الفن التشكيلي، والمسرح، ومعارض الكتاب، والأكلات التقليدية، والألعاب الشعبية، وفنون الزراعة القديمة.
دشن المهرجان بانطلاق سباق الهجن السنوي الكبير، الذي أقيم شوطه الأول برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ابن عبدالعزيز آل سعود، وهو السباق السادس والثلاثون، في تاريخ هذه المسابقة التي شاركت فيها دول من مجلس التعاون الخليجي. وأقيم في مساء اليوم نفسه، حفل خطابي وفني كبير تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، اشتمل على أوبريت حمل هذا العام اسم «وحدة وطن»، كتب كلماته الشاعر ساري، ولحنه ماجد المهندس، وناصر الصالح. وأداه محمد عبده، وعبدالمجيد عبدالله، وراشد الماجد، وعباس إبراهيم، وماجد المهندس، والطفل خالد الجيلاني. أما الأداء الدرامي فقد قام به راشد الشمراني، وشاركته صوتًا فدوى المالكي ويارا.
انطلق النشاط الثقافي بندوة «رؤية الملك عبدالله للحوار والسلام وقبول الآخر»، وتكريم شخصية العام، وكان هذا العام الأديب عبدالله بن إدريس، إذ سلطت الندوة الضوء على شخصيته ومسيرته وإسهاماته.
اشتملت قرية الجنادرية على عادتها، على سوق شعبية قديمة ضمت العديد من الأجنحة والدكاكين حاكت ما كانت عليه الأسواق قديمًا في مدن المملكة وقراها وهجرها، وعرضت نماذج من المقتنيات والحرف التقليدية والصناعات التي ما زال معظمها قائمًا إلى يومنا الحاضر، ومنها: صناعة الخناجر، وهي إحدى الحرف التقليدية التي تنتشر في جنوب المملكة العربية السعودية. ومن أشهر أنواع الخناجر، العماني والسعودي، وحرفة «الخرازة»، وهي حرفة شعبية قديمة، يتعامل من خلالها الخراز مع الجلود بأدوات بسيطة كالمقص والسكاكين والمجاذيب، ويصنع عددًا من الأدوات كالنعال، والقرب، والصملان الخاصة باللبن، وعكاك الدهن، وخباء البنادق، والمحازم، والغروب، وصناعة المشالح، التي اشتهرت بها منطقة الأحساء منذ القدم، وتوارثها الآباء عن الأجداد، واستخدم فيها الحائك خيوطًا متنوعة منها الغزل المستخرج من وبر الإبل وصوف الأغنام... وكذلك صناعة المسابح، التي تنتشر بكثرة، في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وقد بلغت قيمة بعضها أسعارًا خيالية، حسب المادة الخام التي استعملت في صناعتها، ونقوشها وزخرفتها.
عرضت دكاكين القرية التراثية، أيضًا، حرفة «التطريز»، وهي من الحرف القديمة جدًا، لم تعد حكرًا على النساء، وتدخل في صناعة الألبسة النسائية، والرجالية على حد سواء، وحرفة «الحائك». وتعد الحياكة أو فن السدو من أهم الصناعات التقليدية الشعبية، وتعتمد على خامات البيئة المحلية ومهارة الحائك.
وكذلك حرفة القفـاص، وهو حرفي يتعامل مع جريد النخل بعد إزالة أوراقه أو ما يسمى «الخوص»، وما يصنعه القفاص: المحضر أو المنز، وهو سرير نوم الطفل، وأقفاص الطيور، وأقفاص الرطب، والتين، والمراجيح القديمة... وغيرها. ويستخدم نوعين من الجريد، أخضر ويابس، وحرفة «الخواص» أو «سف الخوص»، وكانت تعتمد على خاصة الخوص الذي يتألف من أوراق جريد النخل ويصنع منه: المهفة وهي المروحة اليدوية، والحصير، والسفرة، والأواني الخوصية بمختلف أشكالها وأحجامها.
من المهن الشعبية العريقة التي انقرضت في عصرنا الحاضر، نجارة الأبواب القديمة، ومن الأبواب في القديم ما كان يصنع من جذوع النحل أو خشب الأثل، وهو الأكثر استخدامًا، وأبواب الجريد، و«باب بحر»، الذي كان يرد إلى المملكة من بعض المناطق في الخليج، ويمتاز بصلابة خشبه وزخارفه الجميلة، والأبواب الكبيرة مثل «دروازه» التي كانت تستخدم، عادة، عند مداخل أسوار المدن.
عرضت قرية الجنادرية، أيضًا، مجسمًا لمهنة «السواني»، أي استخراج المياه للسقاية والري من الآبار العميقة على الطريقة القديمة التقليدية، وتشتهر بها منطقة نجد.
كانت فرنسا ضيف شرف المهرجان هذا العام، فعرضت على الزوار، في جناح تم التخطيط له وتنفيذه بعناية بالغة، نماذج من ثقافتها وتاريخها وحضارتها، وجلبت فرقًا شعبية تمثل مختلف أنحاء البلاد، لتقدم عروضًا فنية شيقة، وأهازيج كانت الأمهات يهدهدن بها أطفالهن، ورقصات أشاعت في النفوس البهجة والمرح، كما جلبت باقة من أمهر الخبازين والطهاة، انتشروا على جانبي شارع ضم أهم المعالم الفرنسية، فكانوا طوال أيام المهرجان يوزعون القهوة الفرنسية والخبز الشهي، ويرسمون على أرض الجنادرية نموذجًا حيًا للبيئة الفرنسية الأصيلة.