June2010Banner

 


جيل لا يعرف الانتظار
علينا حين نعلِّم أبناءنا الصبر ألا ننسى نصيبنا منه

يحتاج الأطفال
من 6 سنوات إلى 8 سنوات إلى الدخول في تجارب تكسر حدة توقع الاستجابة اللحظية لمطالبهم.

ستاسي كولينو

ستاسي كولينو

عندما قرر ابني البالغ من العمر ست سنوات شراء لعبة جديدة من ماله الخاص الذي ادخره من مصروفه، أحسست بالسعادة لدخوله منعطفًا مهمًا في حياته، إذ قرر الاعتماد على نفسه.
لم تكن اللعبة التي استهوت صغيري موجودة في الأسواق، لذا لم يكن أمامنا خيار آخر سوى أن نبحث عنها في الإنترنت، وأخيرًا توصلنا إلى الموقع الذي يبيع اللعبة، وقمنا بطلبها منه، لكن ما كادت تنقضي ثوان على إنهاء معاملة الشراء حتى انفجر صغيري باكيًا. وبين تنهداته وشهقاته تبينت أن صغيري كان يتوقع أن الحاسوب سيخرج من جوفه شريط اللعبة الذي اشتراه ويضعه بين يديه.
بدا لي أنني لم أتفهم طبيعة أن الأطفال في سن ابني وحقيقة أنهم «جيل الآن»، فالحياة وسط هذا الكم الهائل من الفورية، لم تتح لهم الفرصة الكافية لاكتشاف فوائد الصبر. وما من شك في أن ثقافة الضغط على الأزرار مثيرة للغاية، ولكنها تعني أن الأطفال في سن ما بين 6 سنوات و 8 سنوات، لا يعيشون الحياة التي تتيح لهم المجال ليمروا بتجربة الصبر، ونتيجة لذلك، والقول للخبير التربوي مايكل أوسيت Michael Osit، استشاري الطب النفسي السريري ومؤلف كتاب «جيل النص: تنشئة أطفال متوازنين جيدًا في عصر كل شيء فوري»، فإن هذه العملية التعلمية الحاسمة تتأخر لدى الأطفال.
ومن حسن الحظ أن هناك العديد التي تحقق هذا التوازن المطلوب لدى الطفل بين سحر السرعة الكامن في الهواتف الذكية، والتلفاز، والإنترنت، وفي الوقت نفسه ضمان أن يتفهم الطفل حتمية وجود فارق زمني أحيانًا بين الأفعال والنتائج. لكن علينا نحن، أيضًا، أن نتحلى بالصبر، ولا ننتظر نتائج آنية أو إصلاحات فورية.

عدم الصبر
قبل أن نتوقع من الطفل أن يكون قادرًا على مقاومة العجلة، ينبغي علينا أن نكون نحن قادرين على ذلك أيضًا. وفي هذا الصدد تقول د.هيلي ناصحة الأمهات لقربهن من الأطفال أكثر في تلك السن: يتعلم طفلك كل شيء، بدءًا من كيفية تركيز انتباهه إلى كيفية السيطرة على شعوره بالإحباط، من خلال ملاحظة سلوكك. ولذلك ينبغي أن تنتبهي جيدًا: هل تلجئين، دائمًا، إلى القيام بمهام عدة في آن واحد معًا؟ مثل: قراءة البريد الإلكتروني في أثناء الحديث أو تصفح الفيسبوك خلال إعداد وجبة العشاء.
إذا كانت الإجابة بالإيجاب، فإن سلوكك هذا سيبدو طبيعيًا، إن لم يكن مرغوبًا، بالنسبة لطفلك الذي سيقلدك حتمًا. وبما أن الأطفال لا يعرفون كيف يكونون صبورين، فإنك بحاجة إلى أن تكوني قدوة لطفلك، وأن تقاومي التوقع المستمر للنتيجة الآنية لعبارة «نفذ كلامي الآن».
ولحل هذه المشكلة، تحدثي عما لا تفعلينه بين حين وآخر، فعندما يرن هاتفك الجوال لينبهك بوصول محادثة ضعي الهاتف في وضع صامت وقولي شيئًا مثل: لن أرد، لأننا الآن مشغولون في متابعة برنامج تلفازي مثلاً. ومن المفيد، أيضًا، تعمد تخصيص فترات انتظار حتى يتعلم طفلك ترقب حدث ما، حتى ولو كان بسيطًا مثل تناول الآيس كريم بعد العودة من المدرسة يوم الأربعاء فقط، وليس في كل مرة تمرون فيها أمام بقالة أو متجر مثلجات.
تقول الطبيبة مارلين. ب. بنوا Marilyn B. Benoit الرئيس السابق للأكاديمية الأمريكية لعلم نفس الأطفال والمراهقين: «مواجهة التحديات الصغيرة تساعد على زيادة قدرات طفلك على تحمل الإحباط». فإذا وجدت نفسك تقفين في طابور طويل في متجر، فاضبطي نفسك بدلاً من أن تنظري بضيق في وجه موظف الصندوق، واسألي طفلك عما إذا كان يحب أن يمارس معك لعبة الأسئلة والإجابة في أثناء انتظاركما دوركما في سداد قيمة مشترياتك. وإذا كنت بصدد تنظيم برنامج ترفيهي عائلي، فحاولي التخطيط لنشاط يشاركك فيه طفلك لبعض الوقت، مثل التقاط أوراق الأشجار المتساقطة في الحديقة أو المشي مسافة طويلة أو زراعة الحديقة.

الدلال الزائد
ثمة مشكلة أخرى قد تواجه الأم مع طفلها حين يعتقد أن بإمكانه، دائمًا، الحصول على ما يريد.
فحتى أقل الأطفال تدليلاً في الحي قد يتكون لديهم انطباع بأن هناك معينًا لا ينضب من المال يجري بين يديه، لهذا فإن طفلك يعتقد أن كل ما عليك أن تفعليه هو أن تتوجهي إلى أقرب صراف آلي لتحصلي على ما تريدين. ومع توافر إمكانية التسوق عبر الهاتف طوال الأربع والعشرين ساعة في كل أيام الأسبوع دون حاجة إلى استخدام العملة النقدية على الإطلاق، فليس من الصعب تصور كيف أن الأطفال سيجدون أن الإجابة بـ«لا» عندما يرغبون في شيء أمر لا يمكنهم تقبله أو استيعابه.
ويكمن حل هذه المشكلة في أن تجيبي بـ «لا» متى ما شئت ذلك، ولكن لا بد من تقديم توضيح، فإذا تركت طفلك حائرًا في تخمين سبب رفضك فإنك لن تستطيعي معرفة ما إذا كان سيطور لديه فهم علاقة الأسباب بالنتائج، مثل علاقة عملك ساعات طويلة بحصولك على الراتب.
توضح د.روبرتا غولينكوف، أستاذ علم النفس التنموي بجامعة ديلاوير بواشنطن، قائلة: «عندما تشركين طفلك في أفكارك، فإن ذلك يساعده على معرفة كيف تسير الأمور في العالم، وهي معرفة لا شك في أنها ستطمئنه وتريحه. وفي النهاية فإن توافر أدوات الاستعجال الفوري «التقنية» تحت تصرفنا لا يعني أن علينا أن نستخدمها طوال الوقت وفي كل الأوقات، وسيتعلم طفلك أنه يتمتع بالسلطة والقوة والقدرة، وأن عليه في الوقت نفسه أن يستخدمها بطريقة راشدة».