سقيا زمزم
هدية خادم الحرمين الشريفين إلى الأمة
ما كادت تكتمل مشروعات التوسعة العملاقة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحرم المكي، والمسجد الحرام، ومشروع جسر الجمرات التاريخي غير المسبوق، الذي كان محل رضا الأمة الإسلامية، لحقنه أرواح الحجيج التي كانت تزهق إثر أكثر من حادث تدافع مر في مواسم الحج، حتى شهد العالم خادم الحرمين الشريفين يدشن مشروع سقيا زمزم في كدي بمكة المكرمة أواخر شهر رمضان الماضي، معايدًا به الأمة الإسلامية.
إمكانات عملاقة
يتألف مصنع تعبئة مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقيا زمزم من مبانٍ عدة، منها مبنى ضواغط الهواء، ومستودع عبوات المياه الخام، ومبنى خطوط الإنتاج، ومبنى مستودع العبوات المنتجة بطاقة تخزينية يومية تبلغ 200 ألف عبوة، وتبلغ المساحة الكلية للمصنع 13.405 أمتار مربعة، ويضم المشروع مبنى للمولدات الكهربائية الاحتياطية بطاقة 10 ميجاوات، يعمل بنظام «سكادا» الذي يمكن من التحكم في جميع مراحل المشروع ومراقبتها، ابتداءً من ضخ المياه من البئر إلى آخر مراحل التعبئة.
كما يضم المشروع مستودعًا آليًا مركزيًا لتخزين العبوات المنتجة من مصنع التعبئة وتوزيعها، مجهزًا بأنظمة تكييف وأنظمة إنذار وإطفاء الحريق، يمثل 15 مستوى لتخزين 1.5 مليون عبوة سعة 10 لترات وتوزيعها.
يعمل مستودع التخزين آليًا بوساطة نظام تقني متقدم دون تدخل بشري، ما يساعد على الوفاء بحاجات الحجاج والمعتمرين في أوقات الذروة، إذ يتم تخزين العبوات واستخراجها آليًا من خطوط الإنتاج بمصنع التعبئة عبر سيور ناقلة آلية تصل بين خطوط الإنتاج والجسر الناقل الذي يصل بدوره بين مصنع التعبئة والمستودع المركزي سعة 1.5 مليون عبوة، وتستخدم فيه أحدث أنظمة التخزين العالمية المعروفة باسم التخزين الآلي والاسترجاع الآلي، حيث تدخل العبوات المنقولة عبر الجسر الناقل إلى المستودع المركزي عن طريق رافعات رأسية حمولة كل منها 2000 كيلو جرام، تخزن هذه العبوات في أماكن محددة، ويتحكم فيها، وتدار عن طريق برنامج تخزين متطور يتم من خلاله التخزين حسب تاريخ الإنتاج وخط الإنتاج، ويتيح هذا البرنامج المتطور تحديد أولويات التوزيع حسب تاريخ التخزين ونتائج الاختبارات الخاصة بالمياه المنتجة التي تتم في مختبر المحطة.
وبعد انتهاء مرحلة الإنتاج والتخزين تبدأ مرحلة نقل العبوات المخزنة من مبنى المستودع إلى نظام التوزيع الأوتوماتيكي عن طريق الرافعات الرأسية، لتوضع العبوات على سيور ناقلة تنقلها إلى 42 نقطة توزيع آلية، إذ توزع هذه العبوات على المستفيدين باستخدام قطع معدنية خاصة، كل منها مخصص للحصول على عبوة واحدة فقط، ويمكن الحصول على هذه القطع من منافذ التوزيع الخاصة المنتشرة داخل منطقة المشروع، ليقوم المستهلك بوضع القطعة داخل ماكينة التوزيع، فيحصل آليًا على العبوة.
هذا، ويوجد مشروعان تابعان لهذا المشروع، يختصان بتحسين عملية توزيع مياه زمزم داخل الحرمين الشريفين وتطويرها، المشروع الأول لتعديل تصميم حاويات مياه زمزم سعة 40 لترًا داخل الحرمين، بحيث تأخذ تصميمًا جديدًا يقضي على كثير من السلبيات المصاحبة للتصميم القديم، وسيتم توريد 5 آلاف من هذه الحاويات قبل موسم الحج المقبل، والمشروع الآخر تركيب أجهزة ومعدات لغسل الحاويات، وتنظيمها، وتعقيمها، والانتقال بذلك من التنظيف اليدوي الذي كان يستهلك كثيرًا من الجهد والماء ويعاني البطء، إلى نظام حديث يخفض استهلاك المياه في أثناء الغسل لتصبح كمية الـمياه الـلازمة لغسل كل حاوية 1.5 لتر، وبـسرعة 250 حاوية في الساعة.
وأثنى الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، في كلمته التي ألقاها في حفل تدشين المشروع بين يدي خادم الحرمين الشريفين، على مساعي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لخدمة ضيوف الرحمن، مذكرًا بقيامه بأكبر مشروع لتوسعة المسجد الحرام في التاريخ، مؤكدًا أنه أكبر من كل مشروعات التوسعة التي وجدت في التاريخ مجتمعة بلغة الأرقام، إذ إن الطاقة الاستيعابية لمساحة هذا المشروع تبلغ مرة ونصف المرة قدر الطاقة الاستيعابية للمساحة الحالية المتاحة للمصلين، حسب تصريح الشيخ الحصين.
وأكد الشيخ الحصين أن مشروع سقيا زمزم يعد، في جوهره، تطويرًا لسبيل الملك عبدالعزيز، ويحقق أهدافه بقوله: «أهدافه، كما تعرفون، رفع معاناة الناس في الوصول إلى ماء زمزم، وتوفير ظروف أفضل للسلامة والأمن، وحماية الماء المبارك من التلوث.
«زمزم» والعالم
على صعيد آخر يكتسب مشروع الملك عبدالله ابن عبدالعزيز لسقيا زمزم بعدًا عالميًا، ففضلاً عما لبئر زمزم ومائها من مكانة لدى المسلمين، لما تواتر من أحاديث وآثار تؤكد بركة هذا الماء، وتعلي قدره، إلا أن عام 2008 شهد جدلاً علميًا عالميًا واسعًا فجره العالم الياباني الشهير د.مساروا ايموتو، رئيس معهد هادو للبحوث العلمية في طوكيو، بتأكيده إثر دراسات معمقة أجراها أن ماء زمزم يمتاز بخصائص فريدة لا تتوافر في المياه العادية، مشيرًا إلى أن البحوث العلمية التي أجراها على ماء زمزم بتقنية النانو لم تستطع تغيير أي من خواصه، وأن قطرة من ماء زمزم عند إضافتها إلى 1000 قطرة من الماء العادي تجعله يكتسب خصائص ماء زمزم.
وذكر الباحث الياباني الذي زار المملكة آنذاك في ندوة علمية بكلية دار الحكمة للبنات في جدة، أنه أجرى تجارب ودراسات عديدة على ماء زمزم بعد أن حصل عليه من شخص عربي وخلص إلى القول إن زمزم ماء مبارك، وفريد، ومتميز، ولا يشبه في بلوراته أنواع المياه العديدة، وأن كل المختبرات والمعامل لم تستطع تغيير خواصه.