ساعة مكة
تعد أكبر ساعة برج في العالم، ويمكن رؤيتها من جميع أحياء مكة المكرمة.
في واد غير ذي زرع، وبين شعاب مكة وجبالها التي لفحتها الشمس على مدى قرون..
ولدت مع غرة رمضان المعظم، درة معمارية باسقة، تطل من أعلى أبراج وقف الملك عبدالعزيز، على البيت العتيق، وتقف كأنها الكوكب الدري، لتكون أعلى نقطة ينطلق منها أذان على وجه الأرض.
تحركت عقارب الساعة التي أطلق عليها اسم «ساعة مكة المكرمة»، وستعتمد كتوقيت زمني رسمي ثابت عبر وسائل الإعلام والجهات ذات العلاقة، مع بداية الشهر الكريم، في تشغيل أولي تجريبي يستمر لثلاثة أشهر، يبدأ بعدها التشغيل الفعلي، ليتم بعده ربط ساعة مكة بأكبر مراكز التوقيت في العالم بما في ذلك لندن وباريس ونيويورك وطوكيو.
الأكبر في العالم
تعد ساعة مكة المكرمة التي يمكن رؤيتها من جميع أحياء مكة المكرمة من بُعدٍ يزيد على ثمانية كيلومترات، أكبر ساعة برج في العالم، حيث يزيد قطر واجهتها على 40 مترًا، وارتفاعها على 400 متر عن مستوى الأرض. فيما يمكن رؤية المبنى «البرج»، من مسافة تزيد على 30 كيلومترًا.
يبلغ الارتفاع الإجمالي لبرج الساعة، 601 متر، فيما يصل ارتفاع الساعة من قاعدتها إلى أعلى نقطة في قمة الهلال 251 مترًا. ويبلغ الوزن الإجمالي لساعة مكة المكرمة، 36.000 طن. أما حجمها فيقدر بستة أضعاف ساعة «بيج بن» اللندنية. وقد تم إنشاؤها فوق هيكل حديدي، يبلغ وزنه 12.000 طن تقريبًا، ويتكون من نحو 14.000 قطعة فريدة، تم صنعها بشكل متقن ودقيق. ويصل وزن بعض القطع الأثقل إلـى ما يقارب 16 طنًا.
تغطي واجهة الساعة المزخرفة 98 مليون قطعة من الفسيفساء الزجاجية الملونة، ويبلغ طول عقارب الدقائق 22 مترًا، وطول عقارب الساعة 17 مترًا، يزن كل عقرب 6 أطنان. وقد كتب على مينائها عبارة «تم التنفيذ في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود»، وسنة تدشين المشروع «1431هـ 2010م». ويبلغ وزن كل محرك من محركات هذه الساعة التي طورها صانع رائد في مجال صناعة ساعات الأبراج، ما يزيد على 21 طنًا، وعلى هذا النحو فإن محركات «ساعة مكة» هي أكبر المحركات وأثقلها التي تم صنعها حتى الآن.
وسيكون مجمع ساعة مكة ضمن الأكثر تطورًا في العالم على صعيد المعلوماتية، إذ يقدر مختصون أن به نحو مئة ألف كيلومتر من أسلاك الألياف البصرية، كما سيضم 76 مصعدًا بينها مصعد، هو الأكبر حجمًا في العالم.
لا شرقية ولا غربية
انكب فريق من كبار المهندسين الأوروبيين على تطوير هذا المنجز الحضاري الذي يعد من روائع الهندسة والتصميم، مع الحفاظ على روح المعمار الإسلامي ودقته وجمالياته.
ويحمل البرج على جهاته الأربع، أربع ساعات يعلوها من الجهات كلها لفظ الجلالة، كما تتوسطها علامتا السيف والنخلة، أكبر شعار وطني سعودي صُمِّم حتى الآن. وتتكون الساعة المصممة على الطراز الإسلامي وطبقًا لأدق معايير السلامة، من مستوى قاعدي يحتوي على شرفة للزائرين تقع تحت واجهات الساعة الأربع.
وتتكون واجهات ساعة مكة كلها، من 43 ألف متر مربع من مادة «الكاربون فايبر» المتطورة، التي تستخدم في صناعة الطائرات الحديثة. وتتميز هذه المادة عالية التقنية بقوتها العالية التي تزيد على ثلاثة أضعاف قوة الحديد، إضافة إلى قدرتها على مقاومة الظروف الجوية القاسية.
من بين الساعات الأربع ساعتان رئيستان بارتفاع يصل إلى 80 مترًا وبعرض نحو 65 مترًا وقطرهما نحو 39 مترًا. أما الساعتان الجانبيتان، فيبلغ ارتفاعهما نحو 65 مترًا، وعرضهما 43 مترًا، وقطرهما نحو 25 مترًا.
إنارة بديعة وتقنيات عالية
سيتم في أثناء الأذان، إضاءة أعلى قمة ساعة مكة بوساطة 21.000 مصباح ضوئي تصدر أضواء لامعة باللونين الأبيض والأخضر يمكن رؤيتها من مسافة تصل إلى 30 كيلومترًا من البرج، وهي تشير بذلك إلى وقت دخول الصلاة. كما تمكن هذه الإشارات الضوئية ذوي الاحتياجات الخاصة كضعيفي السمع مثلاً أو الذين يوجدون على بعد من المسجد الحرام من معرفة وقت دخول الصلاة.
وتكون واجهة الساعة باللون الأبيض والمؤشرات باللون الأسود نهارًا، وباللون الأخضر والمؤشرات باللون الأبيض ليلاً.
أما في بعض المناسبات الإسلامية كدخول الأشهر الهجرية والأعياد، فستضاء 16 حزمة ضوئية عمودية خاصة، تصل إلى ما يزيد على 10 كيلومترات نحو السماء، تبلغ قوة كل حزمة ضوئية منها 10 كيلووات.
كما سيتم تركيب مصادر ضوئية «ليزر» على جدران الساعة، تصدر إشعاعات في المناسبات المختلفة كالأعياد وإشارات ضوئية وقت الأذان، كما حددت الألوان الأبيض والأخضر، والأسود والأبيض كألوان أرضية مسطحات الساعة ليلاً ونهارًا. وزُوِّدت الساعة بنظام حماية متكامل ضد العوامل الطبيعية من أتربة ورياح وأمطار. وتقوم الألواح الشمسية بتوليد الطاقة الكهربائية لتشغيل محركات الساعة، كما ترتبط الساعة بالشبكة الكهربائية العامة لمكة المكرمة لتزويدها بطاقة كهربائية إضافية.
في خدمة الإسلام والمسلمين
يذكر أن ساعة مكة المكرمة التي تقع في أعلى البرج الخامس من وقف الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، تعد خدمة إضافية من خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لمكة المكرمة قبلة المسلمين خاصة، وللعالم الإسلامي كافة. ونظرًا لازدياد عدد المسلمين في العالم، واطراد أعداد المتقاطرين على العاصمة المقدسة في مواسم الحج والعمرة، إلى تمكين عشرة ملايين مسلم من الإقامة سنويًا في وقت واحد، في مكة المكرمة، بحلول عام 2015. وتتربع الساعة على قمة مجمع رئيس ضخم يضم سبعة أبراج، تعد نحو 3 آلاف وحدة سكنية، ما بين غرف وشقق تطل غالبيتها على الحرم الشريف، وتتوزع على ثلاثة فنادق هي: «فيرمونت»، و«رافلز»، و«سويس هوتيل». كما سيحوي «برج ساعة مكة» متحفًا إسلاميًا، ومرصدًا فلكيًا يستخدم لأغراض علمية ودينية.
ويمكن مشاهدة الساعة ومعرفة التوقيت من مسافة 17 كيلومترًا من البرج في الليل، عندما تكون إضاءة الساعة بيضاء وخضراء، فيما يمكن مشاهدة الساعة من مسافة 11كيلومترًا إلى 12 كيلو مترًا خلال النهار، عندما يتحول لون الساعة إلى الأبيض. وسيتمكن أهل مكة بذلك والمعتمرون، من ضبط أوقاتهم، على الساعة التي تحمل أربع ساعات على جهاتها الأربع. كما ستلعب «ساعة مكة» دورًا آخر كبيرًا غير تحديد الوقت، يتمثل في تحديد قبلة المساجد في مكة المكرمة، لتشكل محددًا أمثل، تتحدى فيه البوصلة ووسائل التقنية الحديثة، أي مجال للبس أو الشك.