السفر عبر الفن
رؤية فنية حول مفاهيم السفر بعيون سعودية في معرض إدج أوف أرابيا في مركز دبي المالي.
الحجز.. التفتيش الأمني.. بوابة المغادرة.. تسليم الحقائب.. جميعها تفاصيل وخطوات مرتبطة بالسفر لا يستطيع أن يراها أو يعيشها لحظاتها إلا المسافر عبر المطارات. لكن بإمكان المقيم أن يعيش تجربة المطار الواقعية في رؤية إبداعية لا يكفلها إلا الفن.
معرض إدج أوف أربيا الفني المتنقل ألقى ضوءًا مغايرًا على الثقافة الفنية المعاصرة في المملكة العربية السعودية من خلال معرضه الرابع والمسمى «محطة- تيرمينال»، في مركز دبي المالي، وذلك في أعقاب نجاحه في برلين، لندن، اسطنبول. كان المعرض بمنزلة رحلة في عمق المطارات باتجاه السفر، فاحتوى على جميع الخطوات والتفاصيل الذي يمر بها المسافر برؤى فنية تنوعت ما بين التركيبات، والأداء التمثيلي، والتصوير الفوتوغرافي، والفيديو، والنحت. ابتكرها ونفذها فنانون سعوديون، مقدمين بذلك منظورًا فريدًا وغير متوقع للثقافة المعاصرة في الشرق الأوسط.
تفاصيل الرحلة على أرض المعرض
تبدأ الرحلة الوهمية التي كفلها الفن في منطقة الطابق الأرضي المهجورة في مركز دبي المالي العالمي، ثم تنتقل بالزائر، أو المسافر عبر الفن إلى خوض تجربة المطار الواقعية متمثلة في الحجز، الذي يعد بداية الرحلة، ثم تسليم الحقائب، إلى التفتيش الأمني، فبوابة المغادرة. إن هذا المعرض «المحطة» يطرح ويعالج مفاهيم السفر من بيروقراطية، وخصوصية، وهوية من خلال عيون مجموعة من الفنانين السعوديين، أو الفنانين الذين أقاموا فيها منهم: منال الضويان، وهي من أبرز فنانات التصوير الفوتوغرافي في المملكة العربية السعودية، ومن مؤسسي «إدج أوف أرابيا». ولدت وترعرعت في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. تتميز بخلفية تعليمية غنية في التصوير الفوتوغرافي، درست في المملكة العربية السعودية ودبي والبحرين ولندن. يقتني أعمالها الحديثة عدد من المتاحف والمؤسسات الكبرى، منها المتحف البريطاني. تقيم، حاليًا، معرضًا فرديًا في غاليري سلطان بالكويت. والفنان سامي التركي الذي يعيش بين باريس ودبي. فنان عربي أوروبي، يعكس أسلوبه الانتقائي والمنوع النشأة الثقافية التعددية والبيئة الغربية المشوشة مقابل البيئة الشرقية للإمارات العربية المتحدة. ولد في جدة عام 1984، وأقام معارض كثيرة في دبي، وكذلك في توكسون وفيينا. يبحث سامي، مدفوعًا بأجوائه المحيطة، عن أساليب لتجسيد البيئة ومواضيعها مع إبداء رأيه فيها، بالإضافة إلى إظهار المضامين المفهومية العميقة للصورة عندما تلتقطها العدسة. حصل عام 2009، على بكالوريوس الفنون في التصوير الفوتوغرافي من الجامعة الأمريكية في دبي وشاركت أعماله في منصة هيئة أبوظبي للثقافة والتراث للفنون البصرية في بينالي البندقية الثالث والخمسين. وأيمن يسري، فلسطيني يحمل الجنسية الأردنية، أمضى معظم حياته في جدة، وتربطه بالتالي علاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية. تتضح الهوية المتعددة الجنسيات في تجربته الفنية التي تتناول مواضيع الاقتلاع والمنفى والذاكرة والنزوح. يتبع أيمن أسلوبًا انفعاليًا، ويثير خطابًا وتأملاً عميقًا لدى المشاهد من خلال أعماله الفنية المتميزة بتعقيدها الثقافي وأسئلتها المطروحة. يقيم، حاليًا، أول معرض منفرد في لندن، المملكة المتحدة، ويعتزم عرض أعماله في معرض ترافيك بالإمارات العربية المتحدة أواخر هذا العام. والفنان عبدالناصر غارم وهو فنان له حضوره في منطقة الشرق الأوسط، شارك في تأسيس «إدج أوف أرابيا»، ولد عام 1973 في خميس مشيط، حيث يعيش ويعمل حاليًا. غارم فنان ممارس وأيضًا ضابط برتبة مقدم في الجيش السعودي. درس في قرية المفتاحة التشكيلية في أبها، ويعد الآن من رواد الفن المفاهيمي في المملكة العربية السعودية. هناك مجموعات فنية مهمة تضم أعماله مثل مجموعة المتحف البريطاني، ومجموعة متحف الفنون الخاص بمقاطعة لوس انجليس. سيشهد عام 2011 أول معرض فردي له في المملكة المتحدة في معرض فريز للفنون مع إطلاق كتاب له. كذلك الفنانة هلا علي، وهي سعودية شابة، تدرس، حاليًا، في السنة النهائية في كلية الفنون الجميلة والتصميم بجامعة الشارقة. تستخدم اللغة والنص بظرافة، وتتساءل ما إذا كان الفن قادرًا على إطلاق شرارة التغيير الاجتماعي. الفنان أحمد ماطر ولد لأسرة تقليدية في عسير عام 1979، وترعرع بعيدًا عن المراكز المدينية في المملكة العربية السعودية. كان في الثامنة عشرة فقط عندما شارك في تأسيس قرية المفتاحة التشكيلية في أبها، وكان يدرس الطب في الوقت نفسه. ما زالت هذه الازدواجية بين الطبيب والفنان تمثل مصدر إلهام لأعماله. شارك في تأسيس «إدج أوف أرابيا»، ويعد من أبرز الفنانين الشباب في العالم العربي. تعرض أعماله على الصعيد العالمي ويضمها عدد من المجموعات المهمة منها مجموعة المتحف البريطاني، ومجموعة هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث. رسالته متاحة الآن، بعد أن أطلقت بنجاح في لندن، وفي ميامي في أثناء آرت بازل ميامي في عام 2010. مها ملوح عاشت فترة طويلة من حياتها في الرياض وشاركت منذ عام 1979 في معارض فردية وجماعية دولية. بعد حصولها على درجة بكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة الملك سعود الرياض، واصلت دراساتها في مجال التصميم والتصوير الفوتوغرافي، ونالت عليها شهادة من كلية دي آنزا بولاية كاليفورنيا. بدأت مسيرتها الفنية بأعمال الكولاج، وتحولت في الآونة الأخيرة نحو أعمال الفوتوغرام، وهو من أقدم أشكال التصوير، لا تستخدم في هذه التقنية الرائدة كاميرا أو نجاتيفًا، بل مجرد ورق الطبع الفوتوغرافي بتعريضه مباشرة لمصدر الضوء.
لقد أسهم معرض «محطة» بمشاركة الفنانين في مساعدة الجمهور الزائر على فهم الثقافة والتراث المعاصرين في المملكة العربية السعودية من خلال رحلة بين الواقع والخيال.