جدة: آمال خليل
تزدهر في السعودية، وتحديدًا عند أبواب المساجد، تجارة بيع «السواك»، الذي يكثر السعوديون من استخدامه، وأصبح، أيضًا، مقصدًا لكل الوافدين إلى المملكة من حجاج ومعتمرين، كما يعد السواك المستخرج من شجر الأراك الأفضل لدى عموم المتسوكين، وتزداد جودته، بحسب عرف مستخدميه، إذا كان في حجم استدارة الإصبع، وبطول 10-20 سنتيمترًا، وكان لونه بنيًا يميل إلى الخضرة.
يفضل في السواك أن يكون رطبًا، كي تتم الاستفادة من جميع المواد المميزة له، إلا أن الجاف منه يمكن أن يحقق الاستفادة نفسها إذا تم نقعه في الماء قبل استخدامه، ومن ثم دكه لتتباعد أليافه ومن ثمَّ تتفرق وتتناثر عن بعضها. ويعد النوع المأخوذ من جذور شجرة الأراك، ذو الطعم الحار في أيامه الأولى، الأغلى سعرًا، حيث تراوح قيمته بين 3 و5 ريالات، وعندما يجف ينخفض السعر إلى ريالين، وترتفع الأسعار تلقائيًا في مواسم رمضان والحج، ليصل سعر النوع الجيد إلى عشرة ريالات، وحتى الصيدليات الآن لا تخلو أرففها من أنواع عديدة من السواك مغلفة بطريقة صحية وأنيقة، وزادت بعض الشركات لإضافة بعض المنكهات للسواك مثل النعناع والفراولة، وإن كان الطعم الطبيعي والمذاق اللاذع للسواك هو المفضل والأكثر اطمئنانًا من الناحية الشرعية لمستخدمي السواك، بحسبما يؤكد هشام محمد السيوفي، الصيدلاني بجدة، ويستحب استخدام السواك في أي وقت من اليوم، لكن يفضل أن
يكون ذلك قبل أداء الصلاة، وبعد الأكل، وقبل النوم، وعند الاستيقاظ منه، وعند الوضوء، أو عند الرغبة في تغيير رائحة الفم.
نكهات
يمتاز السواك المستخرج من شجرة الأراك عن غيره بعدد من الخواص والمزايا الطبية منها: أن أليافه الدقيقة تؤدي إلى تنظيف الأسنان، وإزالة الفضلات والأوساخ الدقيقة بين الأسنان، في الوقت الذي تعمل فيه المواد المطهرة وبلورات السيليس، والمواد العطرية والحمضية، والأملاح المعدنية الموجودة فيه، على قتل الجراثيم الموجودة في الفم، في الوقت الذي تعمل فيه مادة العفص الموجودة به كمضاد للتعفنات والإسهال. وقد أثبتت التجارب والبحوث، أن عود الأراك يحوي أملاحًا معدنية كشدرات الكبريتات، والكلور، والفحمات، والصوديوم، والكالسيوم، والحديد، ومواد سكرية مختلفة كالنشادر والمواد الصمغية اللعابية، إضافة إلى المادة العطرية الزيتية التي تعطي الفم رائحة زكية وطعمًا مستحسنًا.
ينصح الأطباء أن يكون استخدام السواك بطريقة عمودية وطولية من اللثة إلى الأسنان بطريقة هادئة، بحيث يتم في الفك السفلي من أسفل إلى أعلى، وفي الفك العلوي من أعلى إلى أسفل، وتسهم هذه الطريقة في تدليك اللثة للحفاظ على صحتها ونموها.
علاج ووقاية
يقول د.حسن السماعيلي، استشاري طب الفم والأسنان، إن السواك أفضل علاج وقائي لتسوس الأسنان عند الأطفال والكبار، لاحتوائه على مادة «الفلورايد»، كما أنه يزيل الصبغ والبقع لأنه يحتوي على مادة «الكلور»، كذلك يعمل على تبييض الأسنان لما به من مادة «السليكاز» التي تحمي الأسنان من البكتيريا لاحتوائه على مادة «الكبريت»، كما أنه يفيد في التئام الجروح، وشقوق اللثة، ويساعد على نموها نموًّا سليمًا، لأنه يحتوي على مادة «تراي مثيل أمين» وفيتامين «ج» ويمنع تكوّن الرواسب الجيرية.
يؤكد د.باسم المنشاوي، أستاذ ورئيس قسم العقاقير والنباتات الطبية بالمركز القومي للبحوث، أن البحوث والدراسات الحديثة أثبتت أن السواك يقضي على ميكروبات الفم والأسنان المسببة لالتهاب اللثة وتسوس الأسنان.
وقد أوضحت نتائج هذه البحوث أن فاعلية السواك تستمر من «6 ساعات إلى 8 ساعات» من استعماله، عكس المعجون العادي الذي لا تستمر فاعليته سوى ساعتين فقط، ثم يبدأ ظهور البكتيريا مرة أخرى بالفم.
وهنا نوع خاص من البكتيريا هي المسؤولة عن تسوس الأسنان ونخرها، والسواك هو الذي يقضي عليها تمامًا، ولا تظهر هذه البكتيريا إلا بعد عشر ساعات من استعماله. كما أثبتت النتائج، أيضًا، أن استعمال السواك يمنع نمو عدد من الميكروبات التي تسبب الإصابة بأمراض اللثة والأسنان، ويستمر هذا المنع لمدة «8» ساعات، وهو ما لا يتوافر في معاجين الأسنان العادية.
يحتوي السواك على العديد من المواد الفاعلة، وأهمها على الإطلاق مادة «إيزوثيوسيانات»، وهي مادة كبريتية، وقد ثبت أن هذه المادة تلتصق بالغشاء المخاطي بالفم واللثة لعدة ساعات، وهي تعمل كمضاد حيوي طبيعي يمنع نمو البكتيريا الضارة بالفم والأسنان، وهذا هو السر في بقاء فاعلية السواك واستمرارها لمدة طويلة بعد استعماله.
ولذا ينصح باستعمال السواك بعد الأكل، وبعد الاستيقاظ من النوم، وعند كل صلاة، لأنه يؤدي إلى استمرار بقاء الفم خاليًّا من الميكروبات طوال اليوم، ما يتيح بيئة صحية للفم والأسنان، بوصف الفم أحد الأبواب الرئيسة لدخول الميكروبات إلى جسم الإنسان.
يحتوي السواك على زيوت طيارة و«فلافونيدات» و«قلويدات»، وتساعد هذه المواد على زيادة مناعة الجسم ضد الأمراض. يُنصح باستعمال جذور السواك لشجرة الأراك، وليس السيقان أو الفروع، لاحتواء جذور الشجرة على المواد الفاعلة بكميات مناسبة، ولكي يختبر الإنسان صلاحية جذور السواك للاستعمال عليه أن يمضغ جزءًا صغيرًا منها في الفم مع اللعاب، فإذا شعر بلسعة أو بطعم لاسع فهذا دليل على أن المادة الفاعلة موجودة، أما إذا لم يشعر باللسعة فهذا يعني أن هذه الجذور تم تخزينها في مكان معرض للشمس أو في جوٍّ جاف بعيدًا عن الرطوبة والشمس حتى لا يفقد السواك مزاياه وفاعليته.
مطهرة للفم
عن فوائد السواك، يقول الشيخ إبراهيم القرني: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يستاك مرارًا في نهار رمضان، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عامر بن ربيعة قال: «رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما لا أحصي، يستاك وهو صائم»، ويقول العلماء: إن السواك لا يزيل خلوف فم الصائم، الذي هو أطيب عند الله من ريح المسك. والسواك مُطهِّر للفم، فلا يكره للصائم كالمضمضة، وهو مستحبٌّ في كل وقت وبعد الزوال للصائم، أي بعد صلاة الظهر، يكون أكثر استحبابًا عند تغيُّر الفم بسبب عدم الكلام والصمت لفترة طويلة أو تناول طعام يجعل للفم رائحة، وعند القيام من النوم، وعند كل صلاة، لأنه يستحب أن تكون رائحة المسلم طيبة وزكية وهو خاشع في صلاته. وقد حثَّ الإسلام على الاعتناء بنظافته، ومنها نظافة الفم والأسنان ووقايتهما من الأمراض، وحضَّ على استعمال السواك، لأنه مطهر للفم من بقايا الطعام التي تلتصق بالأسنان واللسان وسقف الحنك، وينبغي بلُّ السواك قبل استعماله، وغسله بعد الاستعمال. واستعمال السواك من السنن القديمة للسلف، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب». وكانت دراسات سابقة قد أظهرت أن معدلات تسوس الأسنان بين مستخدمي السواك كانت أقل على الرغم من تناولهم أغذية غنية بالسكريات والنشويات، كما أثبتت دراسات أخرى أن آثاره المزيلة لطبقة البلاك تعادل آثار فرش الأسنان المستخدمة للهدف نفسه.
وقد استخدم فريق البحث أحدث التقنيات الحيوية لعزل المركبات الموجودة في السواك الناميبي، حيث تتركز آليات الحماية في معظم النباتات في اللحاء أو في الأخشاب القريبة منه، فتقلل الأشجار بهذه الطريقة خطر إصابتها بالأمراض. من جانب آخر، أكد د.كين بيوريل، مدير الشؤون العلمية في مجلس الجمعية الأمريكية لطب الأسنان، أن هذه الاكتشافات لا تعني التخلي عن معجون الفلورايد وفرش الأسنان، ولكن السواك قد يكون بديلاً عندما لا تتوافر فرش الأسنان. ويرى أن المركبات الجديدة التي تم اكتشافها في السواك، الذي يستخدمه سكان المناطق الريفية في العالم الثالث بكثرة، قد تصبح أساس المنتجات الطبية في المستقبل، ويدعم هذه الدراسة تأكيد الدين الإسلامي الحنيف، قبل أربعة عشر قرنًا، فوائد السواك، حيث أوصى الرسول، صلى الله عليه وسلم، المسلمين باستخدامه قبل كل صلاة.
والمعروف أن السواك يأتي من جذور شجرة دائمة الخضرة، وهي الأراك، التي توجد في الجزيرة العربية، وبلاد الشام، وجنوب وادي النيل في مصر، والسعودية، ودول الخليج العربي تعد من أكثر الدول استخدامًا للسواك، حيث تنمو عادة أشجار الأراك في الأماكن الحارة والاستوائية، ولذلك تجدها بكثرة في المنطقة الجنوبية من السعودية، وتحديدًا في أبها، وجازان، والساحل الجنوبي، وتشبه هذه الشجرة في شكلها شجرة الرمان، حيث أوراقها بيضاوية الشكل وفروعها شائكة، وتكون هذه الأوراق ملساء متقابلة يراوح طولها بين سنتيمترين و6 سنتيمترات، وهي دائمة الخضرة طوال فصول السنة.
.