August2010Banner

 


فنان يحفظ جبل كرا
أنشئ قبل 1000 عام ولا يزال شاهدًا على تاريخ منطقة الهدا.



الطائف: أهلاً وسهلاً

في منطقة الهدا، تلك المنطقة السياحية الجميلة ذات الهواء العليل التي تتربع على أعلى قمة في جبل غزوان، هناك معالم أثرية استهوت الزوار والمصطافين، فأضافت إلى منطقة الهدا الجميلة طابعًا آخر. فعندما يطل الزائر على منطقة الكرا يلفت انتباهه طريق أثري قديم متعرج، ينحدر من أعلى الجبل الشاهق وينقطع النظر دون نهايته، لكنه لمن يتتبع أثره في أثناء مروره بالطريق العام، من داخل عربات تلفريك الهدا التي تنقل الزوار والمصطافين من أعلى نقطة في جبل كرا إلى منطقة الكر، يرى أن الطريق الأثري يمتد حتى منطقة الكر، حتى إن اختفت أجزاء منه في منتصف الجبل.
الطريق الأثري الذي يربط أعلى قمة في جبل كرا الشهير، بأسفل نقطة في جبل منطقة الكر، لا يزال شاهدًا على رحلة الآباء والأجداد الذين كانوا يسلكون هذا الطريق المتعرج بدوابهم، متجهين إلى مكة ثم العودة في رحلة أقسى من رحلة الذهاب، نظرًا إلى طبيعة المنطقة الجبلية التي يسلكها العائدون صعودًا، فنصف يوم في الذهاب عبر هذا الطريق من أعلى الجبل إلى أسفله، ورحلة الذهاب كلها تستغرق يومًا كاملًا.
وطريق المركبات الحالي الذي يشق جبل كرا بمسارين مختلفين، يعطي الجبل روعة وجمالًا، خصوصًا إذا أضيئت أنواره ليلًا، إلا أن الطريق الأثري .القديم هو أجمل ما في جبل كرا، فهو مَعلم تراثي أثري يستحق الاهتمام والعناية

إعادة ترميمه
قد التفتت محافظة الطائف لهذا الطريق قبل نحو 15عامًا، وشرعت لجنة التنشيط السياحي في المحافظة، بالتعاون مع الإدارة العامة للتربية والتعليم ممثلة في إدارة الآثار آنذاك، وبالتعاون مع الكشافة، في إعادة ترميمه في صيف عام 1417هـ. ونظمت مسابقة اختراق ضاحية عبر الطريق لفئة الشباب، ثم تسلمت الهيئة العامة للسياحة والآثار، مؤخرًا، زمام ترميم هذا الطريق الأثري ضمن مشروعات تهيئة المواقع السياحية بالطائف.
عن هذا الطريق الأثري يقول الباحث التاريخي عيسى بن علوي القصير: «الطائف ملتقى الطرق والمسالك البرية قديمًا منذ فجر التاريخ، من اليمن ونجران، وجنوب الجزيرة العربية، مرورًا بالطائف فمكة المكرمة، وهي امتداد لطرق القوافل التجارية والحجاج من اليمن وعسير ونجد، إلى الحجاز، فهي معبر للحجاج والمعتمرين من نجد وشرق الجزيرة العربية وجنوبها، وهي بوابة الحجاز كله قديمًا وحديثًا، وهمزة وصل بين الطرق السريعة الداخلية حاليًا».
وقد تم إنشاء طريق المشاة الذي يربط بين الطائف ومكة المكرمة، عبر طريق الهدا، جبل كرا، عقبة كرا، قبل 1000عام تقريبًا. حيث ذكرت كتب التاريخ أن بالطائف عقبة، وهي مسيرة يوم للطالع من مكة، ونصف يوم للهابط إلى مكة، عَمَرها حسين بن سلامة، وهو عبد نوبي لأبي الحسن بن زياد، صاحب اليمن، في حدود سنة 430هـ، فعَمَر هذه العقبة عمارة تمشي في عرضها ثلاثة جمال بأحمالها.

في عهد الملك عبدالعزيز
وقال القصير: هذه العقبة هي عقبة «كرا»، وقد خربت هذه العقبة خلال القرون الماضية بسبب السيول والأمطار والإهمال، وتم تجديدها عام 1228هـ، ثم جددت عمارتها سنة 1242هـ. كما تم إصلاح طريق جبل كرا سنة 1332هـ. وخلال فترات من القرن الماضي تم إصلاح طريق الكر، وقد تم في عهد الملك عبدالعزيز، رحمه الله، تجديد الطريق وإصلاحه بين الطائف ووادي محرم في عام 1352هـ/ 1933م، كما تم إصلاح طريق الهدا الكر عام 1358هـ، وعام 1359هـ، كما تم إصلاح طريق الكر عام 1368هـ، ثم أعيد ترميمه وإصلاحه عام 1369هـ، ثم دمر الطريق بسبب السيول والأمطار والإهمال خلال العقود الماضية. وأشار إلى أن لجنة التنشيط السياحي قامت بإعادة ترميم هذا الطريق مع إدارة التربية والتعليم، بمساعدة الكشافة وإدارة الآثار بتعليم بالطائف، في صيف عام 1417هـ، فقد أصبح مَعلمًا أثريًّا يرتاده عدد من الزائرين والسياح، عبر ركوب التلفريك بالهدا، لمشاهدة هذا الطريق التاريخي، الذي قارب على إنشائه ألف عام، ولا يزال واقعًا ملموسًا للعيان.