August2010Banner

 


الصوم وأثره في
إنعاش الروح




د.رفيق السامرائي
أستاذ الدراسات الإسلامية
بجامعة الأمير محمد بن فهد

فريضة الصوم من الفروض الخمسة التي أوجبها الله، عز وجل، على المسلمين، 29 أو 30 يومًا من كل عام في شهر رمضان. ومن الجدير بالذكر أن الصوم لا يقتصر على هذا الشهر، بل هناك صوم تطوع، كصيام يومي الإثنين والخميس، لأن الأعمال تُرفع إلى الله تعالى يومي الإثنين والخميس، فيحب بعض المسلمين أن يُعرض عمله وهو صائم، تأسيًا بالنبي الكريم، صلى الله عليه وسلم.

كذلك صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وتسمى الأيام البيض، لأن القمر يشع نوره فيها من أول الليل إلى آخره، وهي أيام 13، 14، 15. وكصيام الكفارات.. إلخ.
يقوم الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، بتهنئة المسلمين عند قدوم الشهر الكريم، فيقول:
«أتاكم شهر رمضان شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، من حُرم خيرها، فقد حُرم». ما يدل على عظمة هذا الشهر وفضله.
والصوم هو الامتناع عن الأكل والشرب وكل ما يؤدي إلى الفطر، بما في ذلك العلاقة الجنسية بين الزوجين، منذ الفجر إلى غروب الشمس. لقد أكد الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، أن الصوم هو العبادة الوحيدة التي لا يدخلها الرياء، فقال فيما يرويه عن ربه: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به». ومما ينبغي ذكره أن ساعات الصوم تختلف من وقت لآخر، حسب موقع شهر الصوم بالنسبة إلى دورة الشمس، أما بالنسبة إلى المسلمين الذين يعيشون في المناطق الشمالية من الكرة الأرضية، فقد يطول النهار ويقصر الليل.
ومما لا شك فيه أن الصوم يستلهم منه الإنسان الجوانب الروحية والأخلاقية، بل يُعد من العبادات التي من شأنها أن تؤدي بالإنسان إلى مراجعة ذاته وتقويمها.
كما أنه يؤدي بالإنسان إلى أن يبتعد عن الصخب والضجيج، وكل ما هو مشين، وسيشعر بالفقراء والبؤساء من أهل العوز والحاجة.
ومما يلاحظ في شهر الصوم أن الأسرة الواحدة تتآلف فيما بينها، أكثر من أي شهر، عندما تجلس العائلة، الصغار والكبار، لتناول الإفطار على مائدة واحدة في جو إيماني روحاني، تهيمن عليه طاعة الرحمن عز وجل، وحفظ ملائكته لهم.
ومن المعلوم أن وجبات الطعام في شهر رمضان تقل عن مثيلاتها في غيره، ما سيساعد الكثيرين على تخفيف الوزن، والشعور بالصحة البدنية، فضلاً عن الصحة النفسية.
كما أن الصوم يساعد على إزالة أسباب الضغائن والأحقاد بين الأقارب وغيرهم، إن وجدت، خصوصًا إذا عرفنا أن العيد يأتي بعد الصوم، ليشعر الإنسان بالحياة الاجتماعية الجديدة.
ومن هنا يمكن لي القول إن سائر ما أوجب الله تعالى على العباد من فرائض وواجبات، منسجم مع فطرة الإنسان، الأمر الذي يجعله يشعر براحة النفس وطمأنينة القلب، فبذكر الله تطمئن القلوب، وبطاعته عز وجل ترقى الروح، وبشكره تزداد النعم، وبالركوع له تشعر بعظمته، وبالسجود له تشعر بملكوته وعليائه، وبحج بيته تشعر بتوحيده، وبالصلاة والصوم تشعر بعبوديته عز وجل. فهنيئًا للمسلمين صيامهم، وتقبل الله منا ومنكم صالح العمل.
وكل عام أنتم بخير.