إنجازات في الداخل ومركز متقدم في المشهد الدولي
الملك عبدالله..
مسؤولية الدور والريادة
حضور دائم في الملفات الإقليمية والدولية، ومشاركة مميزة في دعم الاقتصاد العالمي.
كان من الضروري أن تصدر عن المجتمع الدولي تلك الدعوة غير المسبوقة لحضور المملكة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قمة العشرين الاقتصادية الأولى في واشنطن عام 2008، التي تضم أقوى 20 اقتصادًا حول العالم، للوقوف على الدور المؤثر الذي تقوم به المملكة في الاقتصاد العالمي.
وكان الأكثر ضرورة أن تنقل وسائل الإعلام العالمية ذلك المشهد الجامع لصورة ضمت الملك عبدالله مع أكثر القادة في العالم تأثيرًا في رسم الاستراتيجيات الدولية.
وبين الضرورتين برزت ضرورة ثالثة من خلال طرح المملكة رؤيتها في كيفية تنسيق الجهود الدولية في مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية، وجعل الاقتصاد العالمي في منأى عن الأزمات العاصفة التي تواجهه.
هذه الإطلالة على الساحة العالمية المترافقة مع حراك مؤثر على الساحتين العربية والإقليمية تستحضر في مدلولاتها ما يصوغ المعادلة التي تقول: إن الحاضر يطل على المستقبل بالقدر الذي يرسم ملامحه قادة شاءت الأقدار أن يكونوا في لحظة تاريخية فاصلة في تاريخ أمتهم في سدة المسؤولية. فالتاريخ مجموعة أحداث من صنع العظماء الذين أثروا في دورته المكانية والزمانية، على غرار المملكة العربية السعودية التي أثرت برجالها في محيط ساعدوا على تشكيل ملامحه، فكانت الريادة لهم محط تقدير في الساحة الأوسع المطلة على الفضاء العالمي.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ترتسم في عمق المشهد السعودي عناوين كبيرة تندرج في تفاصيلها حزمة كبيرة من الإنجازات الوطنية ترفد تنامي دور المملكة على الساحتين الإقليمية والدولية.
«ستجدونني معكم في السراء والضراء أخًا وأبًا وصديقًا صادقًا، وسأكون بينكم في المسيرة الواحدة نرفع كلمة الإسلام ورفعة الوطن، وليعلم كل مسؤول أنه مساءل أمام الله ثم أمامي وأمام الشعب عن أي خطأ مقصود أو تهاون». بهذه الكلمات بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، عهده الزاخر بالإنجازات في مختلف القطاعات، ليرسم ملامح منهج تشكل في مجمله بنهضة تنموية شاملة متكاملة، ما ساهم في وضع المملكة في مركز متقدم على خريطة دول العالم.
ميزانية تاريخية
استطاع خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، من خلال نهجه وسياسته الحكيمة، أن يقود مسيرة البناء في المملكة نحو آفاق واسعة، مع المحافظة على قوة الاقتصاد السعودي ومتانته، ففي الوقت الذي تعرضت فيه اقتصادات دول عدة للانهيار التام أو الجزئي، زادت ميزانيات المملكة عامًا بعد عام، وتحققت الفوائض فيها.. إذ بلغت ميزانية العام المالي الجديد التي تعد أكبر ميزانية في تاريخ المملكة 580 مليار ريال، بحجم إنفاق يصل إلى إيرادات متوقعة تبلغ 540 مليار ريال، ما يعني أن العجز المقدر سيكون في حدود 40 مليار ريال، وسينصب التركيز في موازنة 2011 حسب وزارة المالية على المشاريع التنموية التي تعزز استمرارية النمو والتنمية طويلة الأجل، وزيادة الفرص الوظيفية للمواطنين. وستذهب حصة الأسد في الميزانية إلى قطاع التعليم، وسينخفض حجم الدَّين العام بنهاية العام الحالي إلى 167 مليار ريال.
من أقوى 20 اقتصادًا في العالم
وقد شكّل دخول المملكة إلى مجموعة العشرين الدولية، التي تضم أقوى 20 اقتصادًا حول العالم، زيادة في الدور المؤثر الذي تقوم به المملكة في الاقتصاد العالمي. وكان لنجاح قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي العهد، والنائب الثاني، في توجيه سياسة المملكة الاقتصادية ودعم الاقتصاد وقطاع الأعمال السعودي، أبلغ الأثر في جعل المملكة دولة فاعلة في رسم سياسة الاقتصاد العالمي، وقبلة آمنة للاستثمارات من مختلف دول العالم.
خطط طموحة
على الصعيد الداخلي وضعت الخطط الطموحة لتنفيذ مجموعة من الأهداف التي تحقق النماء والرفاه للمواطن، وتمثلت هذه المرحلة في إنشاء ست مدن اقتصادية تجسد البدء بمسيرة جديدة لصناعات وأعمال تجارية تضم أكثر الاستثمارات طويلة المدى طموحًا في المملكة.
ومن شأن هذه المدن المساهمة في توسيع الاقتصاد المتنامي غير النفطي في المملكة، وتخفيف الضغط المتزايد على الرياض وجدة والدمام، التي استحوذت على حصة الأسد منذ الطفرة النفطية الأولى في السبعينيات.
ومن السمات الأساسية للمدن الاقتصادية الجديدة، تطويرها من قبل القطاع الخاص، مع دعم الهيئة العامة للاستثمار السعودية التي قدمت التسهيلات وتشجيعها. وستوفر هذه المدن ملايين الوظائف، وتشتمل على اتفاقيات شراكة مع كبريات شركات التقنية في العالم مثل مايكروسوفت وسيسكو، لإنشاء أكاديميات في المدن.
وقد أنشئت مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة بهدف المساهمة في التنمية المستدامة في المملكة، باستخدام العلوم والبحوث والصناعات ذات الصلة بالطاقة الذرية والمتجددة في الأغراض السلمية، وبما يؤدي إلى رفع مستوى المعيشة، وتحسين نوعية الحياة في المملكة، وبناء قاعدة علمية تقنية في مجال توليد الطاقة والمياه المحلاة، وفي المجالات الطبية والصناعية والزراعية والتعدينية، والعمل على تطوير الكفاءات العلمية الوطنية في مجالات اختصاصاتها. ومن واجبات المدينة اقتراح السياسة الوطنية للطاقة الذرية والمتجددة، ووضع الخطة والاستراتيجية اللازمة لتنفيذها، وتشجيع البحوث التي يجريها الأفراد والمؤسسات والهيئات المعنية في الجامعات ومراكز البحوث في المملكة والتي تقرها المدينة. علاوة على إنشاء مشاريع لتوليد الكهرباء من الطاقة الذرية والمتجددة، وبناء مراكز للأبحاث والتطوير. وتعمل المدينة على إدخال مصادر جديدة للطاقة للمساهمة في التنمية المستدامة، وتكوين قطاع اقتصادي فعَّال. وستعمل المدينة على تصدير المكونات التي ستقوم بإنتاجها إلى الخارج، وتصدير الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية. وستعمل، أيضًا، على الاستعانة بالخبرات العالمية لتحقيق أهدافها التي من شأنها جعل المملكة مركزًا عالميًا في مجال الطاقة الذرية والمتجددة.
التعليم.. مرحلة جديدة
انتقل التعليم في المملكة، في عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إلى مرحلة جديدة لضمان إعداد الشباب، لكي يصبحوا قادرين على التعامل مع العصر الحاضر والمتغيرات الاقتصادية والعالمية بصورة إيجابية.
والشواهد على انتقال المملكة إلى هذه المرحلة الجديدة تتمثل في إنشاء جامعات في مناطق المملكة، والتوسع في التعليم العالي بالمحافظات.. إذ قفز عدد الجامعات من ثماني جامعات فقط، إلى 25 جامعة حكومية، بالإضافة إلى الجامعات الأهلية التي تنمو بسرعة. يضاف إليها إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول على البحر الأحمر شمالي جدة، وإنشاء جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن للبنات، وجامعة الملك سعود للعلوم الصحية بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض، وأيضًا، إطلاق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث.
ومن حيث نوعية التعليم، دخلت جامعتا الملك سعود والملك فهد للبترول إلى قائمة أفضل الجامعات العالمية، واحتلتا المرتبتين الأولى والثانية عربيًا، كما نجحت جامعة الملك سعود في دخول قائمة شنغهاي، التي تعد أدق تقييم عالمي للجامعات، واحتلت جامعة البترول والمعادن المركز 226 هندسيًا في تصنيف بريطاني، في حين حصلت جامعة الملك عبدالعزيز على الاعتماد الدولي لبرامجها الهندسية والتقنية من منظمة ABET للبرامج القياسية العالمية.
الاستثمار في العقول
يعد برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي أكبر برنامج بعثات علمية مدعومة حكوميًا بالكامل في العالم، كما يعد أحد أبرز العلامات في مسيرة التعليم العالي السعودي، التي حقق خلالها إنجازات كبيرة في سنوات قصيرة.
يقوم البرنامج للابتعاث الخارجي بابتعاث الطلاب والطالبات السعوديين، إلى أفضل الجامعات في مختلف دول العالم، لمواصلة دراساتهم في مراحل التعليم الجامعي، البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه، بالإضافة إلى مرحلة الزمالة الطبية. ويهتم البرنامج بتأهيل الشباب السعودي للقيام بدوره في التنمية في مختلف المجالات في القطاعين العام والخاص، بهدف تنمية الموارد البشرية السعودية وإعدادها وتأهيلها بشكل فاعل. ومن ثمرات الابتعاث، صعود المملكة بشكل سريع في الإحصاءات الدولية المتعلقة ببرامج الدراسة في الخارج، وأعداد الطلاب الدوليين. ففي تقرير أصدره معهد التعليم الدولي في الولايات المتحدة العام الماضي، حصلت المملكة على المرتبة العاشرة في أعداد الطلاب الدارسين في الجامعات الأمريكية.
وتراهن المملكة على هذا المشروع، متوقعةً أن يعود بقيادات فتية ومهنية وإدارية متمكنة تعليميًا وتأهيليًا، وتحمل فكرًا معرفيًا وثقافيًا جديدًا.
المرأة والتنمية
تميز عهد خادم الحرمين الشريفين، بتولي سيدة سعودية منصبًا رفيعًا لأول مرة في تاريخ المملكة، إذ أمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتعيين الدكتورة نورة الفايز، نائبًا لوزير التربية والتعليم لتعليم البنات، بالمرتبة الممتازة. كما أمر بتعيين سمو الدكتورة الجوهرة بنت فهد بن محمد آل سعود، مديرة لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن للبنات.
وتفرد الخطة التنموية بابًا خاصًا بعنوان: المرأة والتنمية، كما قامت المملكة بالانضمام إلى الاتفاقية الدولية لمكافحة مختلف أشكال التمييز ضد المرأة، وحصلت على مقعد في مجلس إدارة الأمم المتحدة للنساء، وزاد عدد الإناث في بعض المراحل التعليمية على أعداد الذكور، وتم عمل برنامج للبعثات الخارجية للإناث، استفادت منه عشرات آلاف الطالبات في مختلف التخصصات.
الدور والمكانة
بالقدر الذي أولى الملك عبدالله الشأن الداخلي جل اهتمامه، كانت مكانة المملكة على الخريطة الدولية في سلم اهتماماته، حيث سعى إلى تعزيز حضور المملكة السياسي والاقتصادي إقليميًا وعالميًا، والاستمرار في ممارسة دورها المتميز في العالم العربي عامة ومنطقة الخليج خاصة.
ففي عامه الأول لتوليه مقاليد الحكم استضافت المملكة في ديسمبر 2005 القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة بمكة المكرمة التي خاطبها خادم الحرمين الشريفين داعيًا للوحدة والتسامح في مواجهة التطرف والتخلف وتطهير الأمة الإسلامية من فساد الفكر المنحرف الذي ينادي بالتكفير، وسفك الدماء، وتدمير المجتمعات.
وتسلمت المملكة، استمرارًا لدورها المتميز في منطقة الخليج، رئاسة قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورتها الـ27 التي عقدت في الرياض في ديسمبر 2006، وكان من قراراتها السماح لمواطني دول المجلس بممارسة 3 أنشطة اقتصادية هي النقل بأنواعه، والتأمين، والتعقيب في الدوائر الحكومية.
وفي مارس 2007 عقدت القمة العربية الـ19 في الرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين الذي أوضح بشفافية حال الأمة وأهم أسباب تخلفها، مؤسسًا لمستقبل ينبغي أن تنطلق باتجاهه. وكانت قمة الرياض بحق هي قمة التضامن العربي، حيث أحدثت انفراجًا في كثير من التوترات الثنائية العربية.
السلام العالمي
والرياض التي استضافت القمم الإسلامية والعربية والخليجية استضافت كذلك قممًا عالمية. ففي نوفمبر 2007 احتضنت المملكة قمة أوبك الثالثة، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الذي أعلن تخصيص 300 مليون دولار لتمويل بحوث الطاقة والبيئة والتغيير المناخي، كما انعقد خلال يونيو 2008 وبمكة المكرمة المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين لمواجهة تحديات الانغلاق والجهل وضيق الأفق، وليستوعب العالم مفاهيم رسالة الإسلام الخيرة وآفاقها دون عداوة واستعداء، وعندما واصلت أسعار النفط ارتفاعها غير المبرر، دعا خادم الحرمين الشريفين إلى اجتماع يضم ممثلين عن الدول المنتجة والمستهلكة والشركات العاملة في إنتاج البترول وتصديره وبيعه، للنظر في ارتفاع الأسعار ومسبباته، فانعقد اجتماع جدة للطاقة في 22 يونيو 2008, الذي دعا لزيادة الاستثمارات النفطية، وتحري الشفافية في الأسواق المالية. وقد أطلق الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرة للطاقة من أجل الفقراء، وبرنامجًا بمليار دولار لمساعدة الدول النامية في مواجهة تكاليف الطاقة المتزايدة، وهي معادلة غير مسبوقة بادرت إليها المملكة لترسيخ دورها الإنساني، والمساهمة في تخفيف الضغوط الاقتصادية على المجتمعات الفقيرة.
سياسة الاعتدال
وقد حافظت المملكة على منهجها الذي انتهجته منذ عهد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز، القائم على سياسة الاعتدال والاتزان، والحكمة، وبعد النظر على الصعد كافة، ومنها الصعيد الخارجي الذي يهدف إلى خدمة الإسلام والمسلمين وقضاياهم ونصرتهم. وقد أعطى خادم الحرمين الشريفين أولوية في دعمه اللا محدود للقضايا العربية العالقة، ولا أدل على ذلك من سعيه الدؤوب لحل الأزمات على الصعيد العربي في فلسطين، ولبنان، والعراق، والسودان، وحرصه على تحقيق الاستقرار في المنطقة، ورفضه لأي تدخلات خارجية في شؤون المنطقة، مؤكدًا أن التضامن العربي هو الأداة الوحيدة لمنع تلك التدخلات.
وشكلت زيارات خادم الحرمين الشريفين العديدة للدول العربية والإسلامية والصديقة رافدًا آخر من روافد اتزان السياسة الخارجية للمملكة وحرصها على السلام والأمن الدوليين، حيث قام بزيارة عدد من الدول الشقيقة، وأجرى محادثات مطولة مع القادة والمسؤولين في هذه الدول استهدفت وحدة الأمة العربية، إضافة الى دعم علاقات المملكة مع الدول الصديقة، وأعطى قضية الحوار بين الأديان الأولوية لما لها من أهمية.. من هنا كانت دعوته لإقامة المؤتمر العالمي للحوار في مدريد، وقبله المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي عقد في مكة المكرمة، والذي بعث برسالة للعالم مفادها أننا أمة قِيم وعدل، وأن المؤتمر يعد دعوة للبحث في التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، وأن التسامح هو لغة الإسلام، مؤكدًا ضرورة تعزيز لغة الاحترام بين الأديان السماوية.