June2010Banner

 


سيرة في التراث العمراني



المؤلف: الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود،
أ.د.مشاري النعيم
صدر عن الهيئة العامة للسياحة والآثار، 1431هـ
عدد الصفحات: 291 صفحة
تصميم وإخراج: الشركة السعودية للنشر المتخصص

قراءة: عبير الفوزان

يعد هذا الكتاب سيرة للأفكار التي راودت الأمير سلطان ابن سلمان، مكتوبة بشغفه للتراث العمراني، ورصد لتحولات هذا التراث بالصور المؤرخة خلال الخمس والعشرين سنة الأخيرة. يحتوي الكتاب على ستة فصول، يحكي فيه الأمير سلطان بن سلمان عن تجاربه الشخصية مع التراث والأشخاص الذين تقاطع معهم، وبداية الحكاية يثيرها في الفصل الأول «التراث العمراني.. كيف ولماذا؟» وهي تساؤلات بمنزلة الومضة التي شكلت منعطفًا مهمًا في علاقته بالتراث، إذ إن حدث «التراث العمراني» الذي عاشه يتقاطع مع الوطن، ويخوض في هويته، ويرتبط بمن عاشوا المرحلة التي عاشها المؤلف. يستدعي الأمير سلطان ذكرياته عن بيوت الطين في الفصل الأول فيقول: «لست غريبًا عن بيوت الطين، فما زلت أذكر بيت العم الأمير فيصل بن سعد وزوجته العمة سارة بنت عبدالعزيز، رحمهما الله، «وقد أزيل جزء منه»، والذي يقع على شارع الملك فيصل «الوزير سابقًا»، فقد كنت أدخل البيت وأنا صغير عبر «المجبب» «السباط»، وما زلت أتذكر كثيرًا من التفاصيل في تلك المساكن». بينما يروي في الفصل الثاني الذي يحمل عنوان «التراث العمراني.. مواقف ورؤى فكرية» بعض الأفكار وموقفه منها، يقول حول المحافظة على التراث العمراني: «إن المحافظة على التراث العمراني ليست خيارًا عاطفيًا، بل مرتبطة بالإيمان العميق بأن الإنسان ابن بيئته، فلا يمكن أن نتوقع من مجتمع أن تكون له شخصيته وهو يعيش في بيئة مشوهة ومهجنة». يركز الكتاب في الفصل الثالث «بين التراث والتعليم» على أهمية دمج التراث العمراني في التعليم المعماري، وتطرق إلى ثلاثة إشكالات رئيسة تواجه هذا النوع من التعليم في العالم العربي. ففي اعتقاد المؤلف أن الوضع الذي يعيشه التعليم المعماري في العالم العربي نابع من «العقلية الغربية» التي فُرضت منذ منتصف القرن التاسع عشر، كما أن الاهتمام بالعمارة العربية الإسلامية كان ضيئلاً. أما في الفصل الرابع من الكتاب، والذي يحمل عنوان « فضاءات للتخطيط العمراني الإنساني» يتطرق إلى البعد الإنساني للتراث العمراني وتأثيره في تخطيط مدننا في المستقبل. ويشير سمو الأمير إلى أن «مدينة الرياض فقدت الجانب الإنساني في معظم أحيائها التي خططت دون حساب للمقياس الإنساني، ووضعت تنظيماتها بناءً على أسس لا تتفق مع عاداتنا ومثلنا». في الفصل الخامس من هذه السيرة العمرانية يتناول موضوع الهوية والطابع المعماري، ويسميه «طبقات الهوية»، ويعكس وجوهًا متعددة لهوية المدينة. في الفصل الأخير من الكتاب الممتع يتحدث عن إدارة التراث من الفكرة إلى العمل المؤسساتي، وفيه يثير الأمير تساؤلات مثل: لماذا نحافظ على التراث العمراني؟ وما الدواعي التي ستجعل الناس يحافظون على مبانيهم وقراهم طواعيه، بل وبحماس كبير؟! ويجيب عنها: «لا يحمي التراث العمراني ويضمن استمراره إلا سكانه، لذلك فإن استعادة الحياة الاقتصادية، ومن ثم الاجتماعية للمناطق التراثية هي الإطار العملي الوحيد الي يمكن أن يضمن لنا بقاء تلك المناطق وتجددها من الداخل».

تنتهي هذه السيرة العمرانية التي كتبها سمو الأمير سلطان بن سلمان، وتثير الشجون بقراءة مستقبلية لهذا التراث وكيفية إحيائه، وأن ما نعمله في الوقت الحالي سيحدد سمات المستقبل بالنسبة لأبنائنا.