375 مليون وردة و25 ألف تولة
الورد الطائفي.. زراعة الجمال
30 منتجًا تدر دخلاً سنويًا يقارب 40 مليون ريال، ما يجعل الورد الطائفي أفضل إنتاج اقتصادي بعد الزيتون.
الورد الطائفي حكاية تبدأ من مفهوم زراعة الجمال في تربة خصبة تحتضن الشمس ورذاذ المطر. لقد اختارت مدينة الطائف وبحسب روايات تاريخية أن تستخلص الدهن العطري من قبل 6 قرون ماضية، ويعد وردها الآن لغة عالمية استقبلت مصانعها 375 مليون وردة وأنتجت 25 ألف تولة من مزارع بالهدا، والشفا، ووادي محرم.
وصلت منتجات الورد إلى أكثر من 30 منتجًا منها تولة الورد، وماء العروس، والصابون، والمعطر، والمناديل، واللوشن، وغيرها، والتي تدر دخلاً سنويًا يقارب 40 مليون ريال للمزارعين، ما يجعل الورد الطائفي أفضل إنتاج اقتصادي بعد الزيتون.
ولمزارعي الورد الطائفي مع وردهم قصة عشق لا تنتهي، يزرعونه ويعتنون به ويحصدونه بأنفسهم بعيدًا عن التقنية الحديثة التي دخلت عنوة في الزراعة، ولكنها لم تصل إلى مزارع الورد التي لا تزال تدار وتتابع وتحصد بالطرق التقليدية، حرصًا من أصحابها على جودة المنتج.
783 ألف شجرة في الطائف
الهيئة العامة للسياحة والآثار تعتني بالورد الطائفي عناية تامة، وتدعم المهرجان السنوي له في إطار صناعة الجمال، وتحاول بشتى الوسائل تسويق هذا المنتج المحلي الذي تقول إحصائياتها لهذا العام إن عدد مزارع الورد المنتجة في أنحاء محافظة الطائف بلغ 760 مزرعة على مساحة 1672 دونمًا. ويضيف المدير التنفيذي لجهاز الهيئة بالطائف د.محمد قاري السيد أن عدد شجيرات الورد حسب آخر إحصائية للعام المنصرم يبلغ أكثر من 783 الف شجيرة.
وتبدأ زراعة الورد بزراعة الشتلات في نوء الطرف، ويبدأ بعد ذلك التشذيب أو التهذيب والمتمثل في قص الفروع حتى يتسنى للشجيرة تفريع أفضل في الموسم، ويمكن للمزارع جني محصول أوفر. وتستمر عملية الري في فصل الربيع إلى نهاية فصل الصيف، فيما يبدأ موسم قطف الورد مع بداية دخول فصل الصيف، ويستمر القطف مدة تتراوح بين 40 يومًا إلى 60 يومًا. وتتم عملية جني الورد بالطريقة التقليدية «يدويًا» في الصباح الباكر في أثناء عملية تفتح الورد، حيث يتم نقل الورد فور قطفه في سلال خاصة إلى المصانع التقليدية حتى لا يفقد خصائصه المميزة.
أعداء الورد
هناك عدوان للورد وزراعته هما شح المياه، والصقيع.. واللذان يؤثران في الإنتاج حسب محيسن القرشي أحد مزارعي الورد الذي ورث المهنة أبًا عن جد. وعلاقته بالورد وطيدة، فهو من يتولى زراعته ومتابعته وتقليمه بيده، ولا يسمح للعمالة الوافدة بذلك، لكنه يستعين بها في موسم القطاف، حيث إن عملية قطف زهور الورد تكون في الصباح الباكر وتحتاج إلى جهد، لذلك قام بتدريب بعض العمال على عملية القطاف لكي يستعين بهم. وشكا القرشي من شح المياه، وظروف المناخ التي تؤثر في إنتاج الورد، حيث يكتفي مزارعوه بعائده الاقتصادي من عام إلى عام، فهو يغنيهم عن أي مهنة، ولا توجد حاجة ماسة لتسويقه.
أما عن الإشكالية الأخرى التي تواجه المزارعين فهي ظاهرة «الصقيع»، والأمطار المصحوبة بالبرد والتي تؤثر في الإنتاج. ولو وضعت مزارع الورد داخل محميات أسوة بالمنتجات الزراعية الأخرى لكان في ذلك حل لمشكلة الصقيع والبرد.
شجرة معمرة
تعيش شجرة الورد 20عامًا تقريبًا، وتعطي باكورة إنتاجها الأول بعد عام من غرسها. ويقول المزارعون إن شجرة الورد لا تعطي كامل إنتاجها إلا بعد 3سنوات من غرسها، وإن عملية التقليم، قص الأغصان اليابسة، يقوم بها المزارع في نوء الطرف من كل عام، وهي تحافظ على الشجرة التي يتجاوز عمرها 20عامًا، وكلما قُصَّ منها غصن يابس ظهر بديله.. وهكذا. ويصف القرشي عملية تقطير الورد بأنها عملية بسيطة لكنها حساسة، إذ تربط أنابيب التقطير بين الأواني التي يوضع فيها الورد وتوقد تحتها النار. وإناء التقطير يجب أن يكون محكمًا جدًا، فتسريب الهواء من أي جزء من هذه الأنابيب يفسد عملية التقطير ويكبد صاحب المزرعة خسائر فادحة.
سعر التولة
في كل عام يختلف سعر تولة الورد بسبب حجم الإنتاج وتحمل المزارع لتكاليف إضافية. وفي هذا العام وفقًا للقرشي فقد تراوح سعر التولة من 1500 إلى 2000 ريال، بينما تراوح سعر ماء الورد العروس «درجة أولى» من 50 ريالاً إلى 40 ريالاً. أما ماء الورد العادي فيباع بـ10ريالات. والعائد الاقتصادي للورد الطائفي مرتفع جدًا بالرغم من تسويقه المحلي. ويعتمد المزارعون كليًا على العائد من إنتاج الورد الطائفي الذي لا تتجاوز فترة إنتاجه 60يومًا من العام. ويهتمون بإنتاج الدهن وماء الورد، والتي تدر دخلاً سنويًا يقارب 40مليون ريال، وهذا يجعل الورد الطائفي أفضل إنتاج اقتصادي بعد الزيتون. كما أن هناك مشتقات كثيرة يمكن صناعتها من عصارة الورد بعد تقطيره كأدوات التجميل، والبخور، والصابون، وهي ذات عائد اقتصادي كبير يضاهي ما يعود على المزارعين من إنتاج دهن الورد ومائه، وترفع نسبة الدخل إلى الضعف.
وعن عدم تفوق الورد الطائفي على العطور الفرنسية بالرغم من جودته العالية وشهرته أشار القرشي إلى أن عدم تسويق المنتج من قبل شركات متخصصة، وضعف الدعم اللوجستي والمادي للمزارعين حصر الورد الطائفي في النطاقين المحلي والإقليمي، إضافة إلى العقبات التي تواجه المزارعين كشُحّ المياه والظروف المناخية.