السفر.. أحكام وآداب

فقه سياحة المسلم في الأرض وتنقله بين البلدان.


صدَّر د.محمد بن عبدالله الطوالة، كتابه «السفر.. أحكام وآداب»، بتوضيح المقصود بالسفر أنه «الخروج عن قصد مسيرة ثلاثة أيام ولياليها فما فوقها بسير الإبل ومشي الأقدام». ومعناه: مفارقة الوطن مدة قد تطول أو تقصر ثم الرجوع إليه.

جدة: أهلاً وسهلاً

وردذكر السفر في القرآن الكريم في أكثر من موضع، من ذلك قوله تعالى }وإن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ ولَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ{ البقرة الآية «283».
وقوله تعالى: }وإذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ{. سورة النساء الآية «100». يقول ابن كثير رحمه الله: «أي: سافرتم في البلاد». وورد ذكر السفر في السُّنة المطهرة، كما في حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم» رواه البخاري.
ويشير الكاتب إلى أن سبب تسمية السفر بهذا الاسم، أنه يُسْفِر عن أخلاق المسافرين، ومدى تحملهم، وقدرتهم على المشقة، ويكشف عن أسرارهم، «وكم من أناس تراهم في الحضر، ثم إذا سافرت معهم يتبين لك من أخلاقهم وصفاتهم ما لا يتضح لك في إقامتهم. يقول الإمام أبو حامد الغزالي «ومن صلح لصحبة السفر، صلح لصحبة الحضر. وقد يصلح في الحضر ما لا يصلح في السفر». وقيل في سبب التسمية، أيضًا، لأن المسافر يكشف رأسه فيكون في حال السفر غير حال الإقامة. وقيل سمي بذلك لأن المسافر يبرز ويخرج ويظهر من بلده إلى موطن آخر ولهذا وغيره سمي سفرًا».
فقه السفر
يتناول د.الطوالة في كتابه السفر من الوجهة الشرعية من زوايا مختلفة، فيما يشبه فقه السفر، أقسامه، ما يحل منه وما يحرم، فوائده ومضاره، ضوابطه الشرعية، وغيرها من المفاهيم ذات العلاقة. فعن أقسام السفر يقول: السفر في الأصل فيه الحل والإباحة، ويختلف باختلاف الباعث عليه ونية صاحبه وقصده، يقول صلى الله عليه وسلم «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئ ما نوى» رواه البخاري ومسلم. ولهذا يكون السفر واجبًا، أو مستحبًا أو مباحًا. فيرى أن المباح من السفر «ما كان سفرًا للنزهة أو للبر أو للتفكر والتأمل ومشاهدة البلدان والآثار أو للترويح عن النفس أو لغير ذلك». كما يعدد مضاره بقوله: لا يخلو السفر من مضار على الرغم من فوائده، وتختلف هذه المضار من شخص إلى آخر، ويبقى عناء السفر إحدى مضاره على الرغم من سهولة المواصلات وتعدد وسائلها ما بين سيارة وحافلة وقطار وطائرة وسفينة. والسفر حاليًا أخف من السفر في الماضي، فقد كانوا يمكثون أيامًا وشهورًا على ظهور الدواب مع وعورة الطريق ووحشته. يقول تعالى }وتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيم{ سورة النحل الآية «7».
أحكام السفر وآدابه
ثم يشرع د.الطوالة يبين أحكام السفر وآدابه. فعن أحكام السفر يقول: من أحكامه قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، والجمع بين صلاتي الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء، وترك السنن الرواتب، ما عدا سنة الفجر، والمسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها، وجواز أخذ المسافر من الزكاة إذا انقطع به السفر، وجواز الفطر في رمضان. أما الآداب التي على المسافر مراعاتها في أثناء السفر، فيذكر منها: صلاة ركعتين قبل أن يخرج، وأن يودِّع المسافر المقيم، و«العكس»، ويقول كما كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول حين يودع أحدًا من أصحابه: «أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك» رواه الترمذي وأبو داود.
ويختم د.الطوالة آداب السفر مذكرًا بدعاء الركوب والسفر، في قوله: إذا وضع المسافر رجله على مركوبه، أيًّا كان نوعه، سيارة، أو طائرة، أو قطارًا، أو باخرة، يسن له أن يقول: «بسم الله» ثم إذا استوى على ظهره يقول: «الحمد لله» ثلاثًا و«الله أكبر» ثلاثًا، ثم يقول: «سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعْثاءِ السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل».