أهداف الرحلات ودوافعها

 د.عدنان عبدالبديع اليافي 
 

والمسافر هو رحالة يجوب الآفاق ويزور البلاد ويتعرف على العباد. وقد جاء ذكر الرحلات في القرآن الكريم في قوله تعالى }لإِيلافِ قُرَيْشٍ(1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ(2){. والإنسان في ارتحال دائم من مهده إلى لحده. فولادته رحلة من رحم أمه إلى دنيانا الفانية، وتنقلاته اليومية من البيت إلى المدرسة أو إلى العمل أو إلى الأسواق أو غير ذلك، هي رحلات تتكرر مدى الحياة، وانتقال الإنسان من ظاهر الأرض إلى باطنها يعد خاتمة رحلات حياته.

ومنذ أن استطاع الإنسان أن يخرج من نطاق جاذبية الأرض في الرحلة الفضائية التي قام بها رائد الفضاء الروسي يوري جاجرين في 12/4/1961، والإنسان يتطلع إلى الارتحال والسفر إلى الفضاء، ومنذ أن هبطت المركبة الفضائية «أبوللو-11» على سطح القمر وخرج منها نيل آرمسترونغ ودوين باز الدرن ومشيا على سطح القمر والإنسان العادي يحلم بالسفر إلى القمر, بل ويطمع بعضهم حتى للذهاب إلى خارج مجرتنا هذه في فضاء الله الواسع.

أغراض الرحلات ودافعها:

أغراض الرحلات ودوافعها كثيرة ومتعددة، وقد قسَّم الأستاذ فؤاد قنديل في كتابه «أدب الرحلة في التراث العربي» أغراض الرحلات ودوافعها إلى سبعة دوافع كما يلي

 

دوافع دينية

كأن يرتحل الإنسان بجسده إلى الأماكن المقدسة تلبية لنداء الرحمن.

دوافع علمية أو تعليمية

بغرض الاستزادة من العلم في المناطق الأخرى من العالم، ذاع صيت أهلها في مجالات العلوم كالفقه والطب والهندسة والعمارة وغيرها.

دوافع سياسية

كالوفود والسفارات التي يبعث بها الملوك والحكام إلى ملوك الدول الأخرى وحكامها، لتبادل الآراء وتوطيد العلاقات وغير ذلك.

دوافع سياحية وثقافية

تصدر عن رغبة في الطواف نفسه والسفر لذاته، وحب التنقل، وتغيير الأجواء والمناظر، وتجديد الدماء بالمشاهدة والمغامرة، ومعرفة الجديد من خلق الطبيعة والبشر، وقد تكون للتعرف على

المعالم الشهيرة كالآثار وغيرها.

دوافع اقتصادية

للتجارة وتبادل السلع، أو لفتح أسواق جديدة لمنتجات محلية، أو لجلب سلع تتوافر في بلاد أخرى وتندر في بلد المسافر، وربما هربًا من الغلاء وسعيًا وراء الرخص.

دوافع صحية

السفر للعلاج أو الاستشفاء، أو إراحة النفس من ألوان العناء وتخليصها من الكدر كالارتحال إلى المناطق الريفية وغيرها.

دوافع أخرى

قد لا يعدم الإنسان من أن يجد أسبابًا أخرى للارتحال ولأسباب مختلفة.

 

يقول الأستاذ قنديل: وأيًّا كان الغرض من الرحلة فإنها في أغلب الأحوال سلوك إنساني حضاري، يؤتي ثماره النافعة على الفرد وعلى الجماعة، فليس الشخص بعد الرحلة هو نفسه قبلها، وليست الجماعة بعد الرحلة هي ما كانت عليه قبلها.

وينقل لنا قنديل قول أبو الحسن المسعودي:

« ليس من لزم جهة وطنه وقنع بما نمى إليه من الأخبار من إقليمه كمن قسم عمره على قطع الأقطار، ووزع بين أيامه تقاذف الأسفار، واستخراج كل دقيق من معدنه، وإثارة كل نفيس من مكمنه».

والإنسان في عصرنا هذا، عصر التقنية والفضاء، ما زال محبًا للترحال. عن ذلك يقول أ.د.منصور بن إبراهيم الحازمي في كتابه «رحلات العرب في جزيرة العرب»: لا تزال الرحلة، حتى في عصرنا هذا، عصر الطائرات والصواريخ، مصدر متعة وعلم وثقافة، وإن فقدت ذلك البريق الذي كان يحوطها في الماضي، وافتقرت إلى عنصر الخيال والمغامرة، حينما كان العالم متباعدًا مجهولاً، ووسيلة الانتقال بدائية محدودة. ولكن الإنسان رحال الطبيعة، تواق أبدًا إلى المعرفة واكتشاف المجهول، فإن لم تتيسر له أسباب الرحلة، أنصت إلى الذين أوتوا الحظ في المشاهدة والتجوال. وليس من رأى كمن سمع