August2010Banner

 


الشـهدي
يرسم جماليات الحرف العربي داخل الأبجدية والمشهد التشكيلي



القاهرة: غادة الترساوي

هوية الخط العربي هي أنه خط وعربي.. والثنائية هي حدود للهوية العامة وللموروث الذي يشكل معالمها.

توظيف الحرف العربي في اللوحة التشكيلية مهمة فنية صعبة تتطلب توظيف جماليات الحرف ورشاقته لإضفاء مزيد من البهجة والتوهج لهذا الفن العربي الأصيل. وهناك العديد من المحاولات الجادة في هذا الاتجاه لعل من أبرزها تجربة الشاعر والفنان التشكيلي المغربي محمد الشهدي الذي حول مكوناته الإبداعية لإنتاج لوحة مرتكزها الحرف، وتكون رؤيته ومقاربته في توظيفه، وإبراز مكنونه الجمالي في اللوحة التشكيلية مدعومة بحس إبداعي عال بصري ومهاري.

غزارة في الحركة والانسياب
الحرف العربي عنده يحمل في مواعينه الجمالية الكثير من الامتيازات. من أهمها غزارة الحركة في تقاسيمه والانسيابية وهما عنصران مغريان إلى أبعد الحدود، خصوصًا أن المبدع يسعى مما يسعى له توافر هكذا امتيازات داخل العمل التشكيلي. ولدى الفنان اعتراضات وأسف على بعض الفنانين الذين يستضيفون الخط في أعمالهم دون استكشاف لمكنونه الجمالي. ويقول عند هذه النقطة بالتحديد: «إن بعضهم يتعاطى مع الحرف بشكله التقليدي ما يجعله يضع نفسه في المساءلة القانونية للخط وأنواعه.. فاللوحة التشكيلية بمنظورها الحديث مع رسم الحرف العربي من خلال سبر أغواره وحصد ما لم تطله أنواع الخطوط وقواميسها».

منظومة قائمة بذاتها
ويتوصل المشهدي إلى أن «الخط فن له هويته الخاصة وهو منظومة قائمة.. فكما يحدث في أغلب المشاهد الإبداعية أو غيرها فالخط هو الخط ولا زال وسيظل في منصبه، نظرًا لأن الإنسان هو مبتكره وهو الذي يمول به بعض المجالات الآلية لتجعله يسرع مماشيًا العصر.. ولكن ماذا عن الخط على المستوى الإبداعي ؟ ووفق رؤيته «فهو حاضر ولا يوجد من سبب لمزاحمته، وهو موجود على الساحة الفنية العربية ما دام مرغوبًا فيه».

الحفاظ على الهوية
وفي ظل السعي للالتزام بالهوية العربية والإسلامية للخط العربي والحفاظ عليها من أدعياء التجريب والعبث باسم التجديد تكون رؤية الشهدي أن هوية الخط العربي هي أنه خط وعربي.. وهذه الثنائية هي حدود للهوية العامة وللموروث الذي يشكل معالمها، وليست حدودًا بالمفهوم الجغرافي أو القدسي، ما يعني منع الاجتهاد فيها.. لأن من دخل مجال الخط العربي إن لم يضف فلن ينقص من الأمر شيئًا، وكذلك الأمر عند أيٍّ كان. لذلك لا خوف على الخط العربي من المجربين أو العابثين، لأنه بعيد عن منالهم رغم أنه شيء غير وارد. والعابث سيمارس العبث على الورق هنا أو هناك وينسحب ليظل الخط العربي هو نفسه إلى ما لا نهاية.

حرفنا.. والمزادات
يثير لحضور الحرف العربي في صالات المزادات الفنية العالمية في الآونة الأخيرة التوجس لدى بعضنا والثناء من بعضنا الآخر إلا أن هناك بعدًا آخر لدى المشهدي يتلخص في «الحرف العربي دخل المشهد التشكيلي في أقوى تجلياته، ليس كخط قانوني الحضور والمرجعية، بل إن حضور الخط كضيف مؤثر هو رشاقة جل حروفه وتداخل تفصيلات بعضها ببعض، والانسياب الرائع الذي يجتاح مكونات الخط العربي منفردة أو مجتمعة».

الديواني يلفت الأنظار
لقد استفاد الكثير من الفنانين الذين لهم دراية ولو بسيطة ببعض الحروف بعد وضعها في القالب الخطي على أساس أن هناك خطوطًا تصبغ روعة على الحرف كالخط الديواني الذي يستنزف معظم الانسياب الموجود في الأبجدية العربية.. ويضيف المشهدي: «ليس من المستغرب أن يكون هناك إقبال على لوحات الحروفيات هذه وجهة نظر التشكيلي المشهدي والذي يرجع ذلك إلى أنه ضيف جديد والوسط الإبداعي بشكل عام يسعى للجديد.. إضافة إلى أن يحفل به التكوين الحرفي من الإبداع يعطي ثنائية في الخلق التشكيلي.. أو ما يمكن تسميته الفن الضاعف».

ظاهر ة تستحق المساندة
لكن ماذا عن موضة صالات المزاد المشار إلى ظاهريتها في الآونة الأخيرة وهي تستحق التهنئة وتجيء بحسب المشهدي «لتشد ظهر الفنان العربي الحقيقي بفنه فقط.. ولتضع التعاطي من شريحة معينة مع العمل الإبداعي على النهج الحديث المساير لمن سبقونا في هذا المضمار.. ويتمنى على الفاعلين والقائمين على هكذا مبادرات الحياد التام وعرض الجيد في مزاداتهم».