September2011Banner

 


أدب الرحلات
المحاكاة والبيئة المليئة بالمثيرات عنصران مهمان لتنمية الإدراك.



يقول الكاتب صالح بن محمد المطيري في كتابه الموسوم «في أدب الرحلات»: إن فن الرحلة هو، بلا ريب، لون من الأدب يستهوي جمهور القراء، ويحوز إعجابهم، فيحرص على متابعته الكثيرون، لما فيه من متعة وفائدة لا تخفى على ذي بال، فإنك لتجد القارئ غير المكترث أحيانًا لما يقرأ في الكتب أو الذي لا يلقي له بالاً، ربما ينسى ويغرب عن ذاكرته كثيرًا مما قرأ، إلا أنه قلما ينسى رحلة قرأها، ويندر أن ينسى جميع مجرياتها عن بكرة أبيها، لأن بعض تفصيلاتها تظل عالقة في مخيلته لزمن أطول تقاوم النسيان».
يقول الأستاذ فؤاد قنديل في كتابه «أدب الرحلة»: خلق الله، سبحانه وتعالى، الإنسان محبًا للحركة والتنقل، وأمده بالعقل الذي يدعوه إلى ذلك، والجسم الرشيق الذي يعينه على الانتقال من موضع لآخر بحثًا، في البداية، عن طعامه وشرابه، هربًا من القوى المعادية، وقد بدت له عاتية مخيفة، سواء كانت الطبيعة من برق ورعد وعواصف، أو فيضانات وزلازل وبركاين، أو كانت حيوانات ضخمة كالديناصورات والأفيال، أو المفترسة كالأسود والنمور والذئاب».
والإنسان دومًا يريد أن يتعلم ويتعرف على ما يجهل، فهو لا يكف عن السؤال: أين ولماذا وكيف؟ ومع توسع العلم وتقدم الوعي تزداد الرغبة في التعلم والسؤال، وفي السفر والانتقال، وتنوع دوافع السفر والترحال. ولقد احتاج الناس منذ القدم إلى معرفة الطرق بين البلاد لأسباب مختلفة.
عن ذلك يقول الأستاذ جورج غريب في كتابه «أدب الرحلة»: «احتاج الناس قديمًا إلى معرفة الطرق والبلاد، إما للتجارة وإما للفتوحات « فكان عليهم أن يلجؤوا إلى التجار والفاتحين، لجمع ما لديهم من معلومات، فلما تم لهم شيء من ذلك بتوالي الأزمان، أخذوا يتداولونه». وعن الرحالة الغربيين، تحديدًا، يقول علامة الجزيرة، الشيخ حمد الجاسر، رحمه الله، في المقدمة التي كتبها لكتاب «اكتشاف جزيرة العرب»: لا مغالاة في القول بأن لكثير من علماء الغرب، من مستشرقين وغيرهم، يدًا طولى في إبراز معالم جزيرة العرب، وفي كشف ما خفي من آثارها، فضلاً عما لهم من فضل في إحياء التراث الإسلامي، والشرقي، بوجه عام».
وهناك فئة أخرى من هؤلاء الغربيين هي فئة الرواد من العلماء والمغامرين الغربيين، الذين كشفوا كثيرًا من معالم جزيرة العرب وآثارها، وعرفوا المجهول من مختلف أخبارها وأحوالها، بعد أن جاسوا صحاريها، واخترقوا فيافيها وقفارها، ووصلوا إلى أصقاعها النائية، وتوغلوا في مجاهلها، مدفوعين بدوافع مختلفة، مستهينين في سبيل ذلك بجميع الأخطار والصعوبات، مهما بلغت من شدة وعنف، ضاربين أروع الأمثال بصبرهم وجلدهم، وتحملهم لنمط من حياة الشظف والقسوة، قلّ أن يستطيع ابن الصحراء نفسه أن يجاريهم في تحمّله في هذا العصر».
هذه نظرة سريعة على أدب الرحلات عمومًا، وأدب الرحلات إلى جزيرة العرب خصوصًا، قد نتبعها بالحديث عن بعض ما سجلته عدسات ذاكرات بعض الرحالة الذين زاروا بعض مدن جزيرة العرب، وخصوصًا مدن الحج ومحطاته.