September2011Banner

 


الكتاب خير جليس
فوق السحــــــــاب
الأطباء يحملون مشاغلهم البحثية في كل مكان.. والروايات الرابح الأكبر للمسافرين.



آمال خليل

بين السماء والأرض تسيطر علينا أجواء الرهبة أحيانًا، أو توتر يغالبه التحدي وإقناع الذات بعدم الخوف، أو متعة الوصول إلى الشاطئ الآخر من أطراف الدنيا، يطويها السحاب، وبين هذا وذاك يرافق بعضنا «كتاب» لتمضية الوقت في القراءة فيما اتفق على تسميته
بالعادات والطقوس في الأجواء الطائرة
.

يعدّ إحسان طيب، المستشار الاجتماعي، أن وقت الرحلة بالنسبة إليه هو وقت مستقطع من دوامة العمل اليومي والروتيني، ويقول: غالبًا ما تكون
قراءاتي على متن الطائرات خفيفة ولا تحتاج إلى عمق في التفكير، لخلق نوع من الراحة الذهنية. ووفقًا لمدة الرحلة تكون نوعية الكتب التي أتناولها، وأحيانًا تكون مجلة «أهلاً وسهلاً» هي الرفيق الوحيد طوال الرحلة إذا كانت قصيرة. أما إذا كانت رحلة طويلة فأفضل قراءة الدراسات الاجتماعية، أو دراسات في علم الأجناس والحضارات. ولا يعدّ «طيب» أن القراءة على متن الطائرة كسرًا للخوف، فعلاقته بالطائرات بدأت منذ عمر 6 سنوات، ولذلك فبالنسبة إليه القراءة استثمار لوقت الرحلة.

قراءات أنثوية
أما سيدة الأعمال ازدهار باتوباره فتؤكد أن قراءاتها على متن الطائرة تحكمها الصحبة المرافقة لها، وكذلك الوجهة، فلو كانت رحلتها لحضور مؤتمر أو منتدى فغالبًا ما تكون نوعية المواد التي تقرؤها موافقة لطبيعة المؤتمر، حتى يكون لديها اطلاع بموضوع المؤتمر والجديد الذي يمكن أن يقدمه. أما لو كانت رحلة قصيرة فتأخذ مجلة الطائرة والجرائد اليومية وقت الرحلة كاملاً.

البدء بالدعاء
الشاعرة الجوهرة الصالح.. الشعر يرافقها أينما حلت وارتحلت: عادة ما يكون في حقيبتي أحد الدواوين الشعرية، لأنني ببساطة أتنفس شعرًا، ولكن هذا لا يمنع ميلي إلى التنوع الثقافي ومختلف الفصائل الأدبية، والتاريخ. وهذه المشارب المنوعة تتوقف على طبيعة الرحلة ومدتها، ثم تأتي الحالة المزاجية لتحدد نوعية الكتاب الذي أقرؤه على متن الطائرة، ولكن ما لا أتخلى عنه أبدًا هو قراءة الأدعية قبيل الإقلاع وبعد الإقلاع، ثم أشرع في قراءة المجلة، ويأتي بعد ذلك أي كتاب.
المخرج د.فهد الغزولي يتفق مع الشاعرة الجوهرة في بدء رحلته بالأدعية المختارة، ثم يتفرغ لقراءة سريعة للصحف والمجلات، ويقول: القراءة متعة كبيرة في أي مكان، حتى لو كانت على الطائرة، وإن كان الوقت على الطائرة أفضل أن أستثمره في قراءة أحد السيناريوهات، أو مراجعة أوراق ومذكرات، هذا في حال كنت مسافرًا بمفردي، ولكن إن كنت بصحبة العائلة أو أحد الأصدقاء فالحديث والدردشات تستغرق وقت الرحلة.

كتب الجيب
الكاتب والإعلامي جمال بنون حالة خاصة مع الكتب التي لا تفارقه، ويقول: كل كتبي التي أصطحبها على الطائرة أشتريها من مكتبات المطار، وكلها كتب الجيب البوليسية والخفيفة والروايات الأجنبية، فهي قراءة دون عمق أو جهد ذهني، لكن عادة لو كانت الرحلة طويلة فأصطحب كتابًا أكون قد بدأت بقراءته وأستكمله في أثناء رحلتي، حيث يكون هناك متسع من الوقت، وبعض الرحلات تكون أجواؤها العامة غير مريحة، خصوصًا لو كان بها أطفال وصياح وصراخ.
ويقدم بنون اقتراحًا بأن تواكب شركات الطيران التقنية الحديثة، وتعمل على توفير مكتبات إلكترونية على متن الطائرات، فتتيح للركاب الاستمتاع بالقراءة بكل راحة، وأن تكون الكتب ضمن قائمة المبيعات الجوية من أحدث الإصدارات أو لأبرز الكتاب السعوديين، فربما لا يتوفر الوقت لشراء هدية مناسبة ويكون الكتاب هو خير هدية. ويذكر بنون تجربة مطار الملك خالد بالعاصمة الرياض في إنشاء مكتبة عامة للمسافرين، يستطيعون خلال انتظارهم للرحلات تصفح الكتب. وهي تجربة بحسب رأيه جديرة بالتقدير لتعميم ثقافة القراءة، خصوصًا أنها مكتبة متكاملة تحوي العديد من التراجم والموسوعات، وغيرها من الكتب الأدبية والثقافية.
ولا يتخلص الأطباء من اهتمامهم بمتابعة المستجدات العلمية حتى لو كانوا على متن الطائرة، وهو ما يقوم به د.أيمن بدر كريم، استشاري الأمراض الصدرية وأمراض النوم، ويقول: غالبًا ما يكون معي بعض الكتب العلمية، ولكن ربما تأخذني إحدى الروايات إلى عوالمها الخيالية وصورها الجميلة، فتكون الرحلة والقراءة بمنزلة الراحة الذهنية بالنسبة لي، وأحيانًا أخرى أكتفي بقراءة الصحف والمجلات، وهو ما يتوقف على طول الرحلة وطبيعتها، وكذلك الصحبة المرافقة، ولو كنت بمفردي فبالتأكيد سيكون الكتاب خير جليس أيًا كان نوعه.

القلق المبدع
د.أحمد عاشور، وكيل الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة الأسبق، يؤكد أن القراءة على متن الطائرة تتوقف على رفيق السفر. ويقول: إذا كان الشخص المجاور لي في الطائرة لديه الاستعداد لتبادل الحديث أقضي الوقت في تجاذب أطراف الحديث معه، ما يزيد من رصيد التعارف بين الشعوب وتبادل الثقافات. ولكن إذا كان الآخر مشغولاً أو نائمًا، ففي هذه الحالة أتابع الصحف والأخبار، وأفضل قراءة مجريات الأحداث للبلد الذي أتوجه إليه، لأنه عادة ما سيكون شغل الناس أحداث بلدهم، فمن المهم متابعة الأحداث، وبالتالي لابد لي من معلومات ميسرة. أما إذا كانت رحلة طويلة فأفضل أن أستثمر الوقت في كتابة تقارير أو مذكرات. وكوني محلقًا بين السماء والأرض فعادة ما تدخلني في حالة خاصة من الإبداع التلقائي لا يضاهيها حالة أخرى على الأرض، وربما باعث هذه الحالة الإبداعية هو ذلك القلق الإيجابي الذي ينتج خواطر وملاحظات أحيانًا.

رحلات الشباب
أما صغار السن والشباب فالألعاب الإلكترونية لا تفارق أيديهم، خصوصًا بعد التطور الذي حدث والسماح من قبل شركات الطيران بفتح الأجهزة الإلكترونية بعد الإقلاع. ويقول خالد النمر: عادة أقضي وقتي على الطائرة في ممارسة إحدى الألعاب الإلكترونية. وأقترح أن تكون هناك كتب ومجلات للأطفال لا سيما الأجنبية منها. أما ناصر الحارثي، طالب جامعي، فيقول: عادة ما أقضي الوقت في المرح مع الأصدقاء ولو كان هنالك وقت للقراءة فعادة ما تكون عن البلد الذي نتوجه إليه.. أما غالب الأوقات فتكون للنوم والاسترخاء.