بينت دراسة قامت بها جامعة كولومبيا أن معلمي الابتدائي يقضون مدة قد تبلغ الثمانية أسابيع في إعادة تدريس ما نسيه الأطفال خلال العطلة الصيفية، وهي ظاهرة أطلق عليها اسم «سامر سلايد» أو «منزلق الصيف». ويضيف ايرل فالن، مؤسس «سامر ادفنتج» وهي جمعية غير تجارية: «إذا رأينا أن العقل عضلة فإنه كباقي العضلات إن أهملتها خسرتها». وهذا لا يعني أن الخبراء يقترحون أن تصبح الإجازات الصيفية المليئة بالتنزه والرحلات صعبة المنال.
عندما ظهرت منذ قرن الروزنامات المدرسية كان التلاميذ في تلك الأيام بحاجة إلى إجازة في شهري يوليو وأغسطس ليتمكنوا من مساعدة أهاليهم في خدمة الأرض. وأما الآن فإن الأرض الوحيدة التي يشتغلون فيها هي حقل فارمفيل الافتراضي. ويرى د.هاريس كوبر، رئيس قسم علم النفس والأعصاب بجامعة درك بولاية كارولينا الشمالية، أن «كثيرًا من الأطفال يجعلون من إجازة الصيف ماراثون ألعاب فيديو وإنترنت، ما يجعل الصيف فصل ضياع رغم أن الآباء يسارعون إلى توفير محفزات ذهنية لأبنائهم. ففي شهر سبتمبر «أي عند العودة إلى المدارس» يتحصل الطلاب على اختلاف أعمارهم على درجات أقل في الاختبارات المعيارية نفسها في القراءة والتهجئة والرياضيات مما يتحصلون عليه في ختام العام الدراسي الذي سبق. وتكون نسبة انخفاض الدرجات أعلى في مادة الرياضيات، حيث يفقد الطالب المتوسط ما يعادل ما يكتسبه خلال شهرين من المهارات في هذه المادة, وهذا ما يساعد على تفسير السبب الذي جعل الطلاب الأمريكيين يحتلون المرتبة الخامسة والعشرين في تصنيف الدول الثلاثين المتقدمة في مجال الرياضيات. ويقول رون فارتشايلد، رئيس مجموعة التعليم الأذكى «وهي مؤسسة استشارية تعمل من أجل تحسين جودة التعليم»: «إذا أردنا لأبنائنا أن يكونوا ذوي قدرة تنافسية عالية في الأسواق العالمية فلا بد من إيجاد طرق لدعم نموهم الأكاديمي خلال عطلة الصيف». ومن بين الحلول المقترحة في هذا الاتجاه ما قدمه الرئيس أوباما من ترفيع عدد أيام السنة الدراسية من 180 حاليًا إلى 197 «وهو معدل ما تعتمده الدول التي يحصل فيها التلاميذ على أعلى مستويات التحصيل العلمي ومنها اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا»، أي زيادة شهر تعليمي وتقليص أيام الراحة في الصيف. غير أن الميزانيات المحدودة تدفع المدارس إلى تقليص عدد المناهج ما يجعل أغلب المقاطعات عاجزة عن تغطية مصاريف الزيادة في عدد أيام الدراسة. كما أن التخلي عن عطلة الصيف التي تعد فرصة لاجتماع العائلة فكرة لا تروق للآباء والأبناء. ويؤيد بعض الخبراء هذا الرأي لأن «الصيف فترة استكشاف واكتساب خبرات بالنسبة للأطفال»، لذلك ينصح عوضًا عن ذلك ببرامج إثراء كالمخيمات وأنشطة المكتبات والحدائق، وهي الطريقة المثلى لجعل الطفل ينمي قدراته ويحافظ على نشاطه البدني والذهني. ولكن ليس بإمكان جميع الجهات توفير هذه الخدمات لأسباب مالية ولوجستية، إذ كيف يمكن لأبوين عاملين نقل أطفالهما إلى الأماكن التي تقام فيها مثل هذه الأنشطة، والعودة منها، وهو ما يجبر كثيرًا من الأطفال على البقاء في بيوتهم. وتشير تقارير سنة 2010 إلى أن طفلاً واحدًا من أربعة يقدر على المشاركة في الأنشطة التعليمية الصيفية. ولكن سواء كان طفلك قادرًا على ممارسة هذه الأنشطة أم لا فيمكنك تنمية قدراته من خلال ممارسات يومية لا تؤثر في راحته، أي أن يتعلم دون أن يدرك ذلك.
إجازة ماتعة
• التسوق الذكي: اصطحبي طفلك عندما تتسوقين، وساعديه على التدرب على الكتابة «عبر كتابة قائمة المشتريات»، والقراءة «عبر البحث عن المواد المعروضة على الرفوف»، والرياضيات من خلال حساب النقود المتبقية.
• استكشاف المحيط: اجعلي طفلك يتأمل القطع التاريخية في المتحف أو يطبق تجارب بسيطة وشيقة في مركز علوم, ثم ناقشي معه العروض التي شاهدتماها وأبحرا معًا على الإنترنت لتعلم المزيد.
• الرحلات التربوية: رافقي طفلك في رحلات ليتعرف على المعالم المشهورة، أو توجها إلى المواقع الثقافية، أو سجليه في برامج ترفيهية هادفة بالأماكن القريبة منك، وحاولي مساعدته على قراءة الخرائط وتحديد الطرق والمسافات قبل الشروع في الرحلة.
• الكتابة: اقتني دفتر مذكرات حتى يتمكن ابنك من تدوين ذكريات الصيف، أو اشتري بطاقات بريدية خلال أسفارك واجعليه يكتب عليها بعض الملاحظات للأهل والأصدقاء، أو شجعيه على مراسلة أصدقاء عبر مواقع الشبكة العنكبوتية.
• الألعاب: اشتري ألعابًا تنمي قدرة الطفل على الحساب، فلعبة الأونو مثلاً تعلمه مفهومي «أكبر وأصغر»، كما أن لعبة الشطرنج قد تكون من أفضل الطرق التي تنشط عقل طفلك طوال العطلة. وقد أثبتت الدراسات أن طلاب المدرسة الذين يمارسون هذه اللعبة يتحصلون على درجات عالية جدًا في القراءة والرياضيات.