فيينا.. مدينة لا تنام

 

نانسي أبو حوسة

تتميز بإرث ثقافي عظيم وتاريخ فني عريق، وصنفت أفضل مدينة في العالم.

 

أكثر المدن جمالاً في العالم هي ليست الأكثر جذبًا للسياح، أو تلك التي تقيم المهرجانات والدوريات الرياضية، بل هي المدينة التي تستدرجك لتزورها مرة أخرى. مدينة تربطك بقيود إنسانية وكأنك تحتفي بصديق لم تره منذ زمن بعيد، فتنسى نفسك وتبتهج أساريرك، وتصبح مغردًا بالعديد من الأفكار والأحاسيس التي لم تعشها من قبل.
وإذا أصابك أحد هذه العوارض المذكورة فاعلم أنك وقعت في حب هذه المدينة. باللاتينية هي تعني النسيم الجميل. تفترشها الطبيعة الخضراء على مد البصر. وبعد طي صفحة الحرب العالمية الثانية أصبحت مركزًا عالميًا للمؤتمرات ومُضيفة للمنظمات الدولية الكبرى مثل منظمة الأمم المتحدة وأوبك. إنها «فيينا» مصدر إلهام الأدب، والموسيقا والعلوم الإنسانية المجردة.
تتميز فيينا بإرث ثقافي عظيم وتاريخ فني عريق لا تزال تحافظ عليهما من خلال العديد من الأماكن والفعاليات، فهي أشبه بمتحف معماري ضخم يدمج الفنون الجميلة برهافة جعلتها تصنف لعدة مرات كأفضل مدينة في العالم. وتضم هذه المدينة العتيقة بين جدرانها أكاديميات وجامعات لا تزال قائمة حتى يومنا هذا وتعود للقرون الوسطى. هنا الأرقام تتكلم عن أكثر من سبع وعشرين قلعة، وأكثر من مئة وخمسين قصرًا جميعها في وسط المدينة، والتي لا تزال محتفظة بطابعها المترف. قصور خيالية نجدها متناثرة في شتى أرجاء المدينة، مثل قصر الشانبرون بالاس المندرج ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي، القصر الإمبراطوري المعروف بغرفه البالغة 1441، ويمكن زيارة 45 غرفة منها فقط في اليوم الواحد، والساحات الفخمة المزينة بأوراق الذهب والنصب التذكارية الشهيرة لأعلام الموسيقا والفن.
وفي فيينا توجد المدرسة الأولى في العالم لفن الفروسية الأصيل منذ عصر النهضة، حيث يمكن مشاهدة الأحصنة تتمايل بانسجام ودقة لا متناهية مع أنغام الموسيقا. أما دار الأوبرا في فيينا فهي واحدة من الأهم حول العالم حيث تقام العروض طوال العام. وتعد منطقة «ذا غولدن يو» موطن صناع الجواهر الأوروبيين القدماء، والتجول في المكان هو أشبه برحلة علمية عن المجوهرات الكلاسيكية في القرون الماضية والإكسسوارات الأرستقراطية والقطع الكريستالية الصغيرة والمدهشة. ومن التسوق إلى مدينة براتر الترفيهية القديمة الطراز وفيها أقدم دولاب ملاهي عملاق في العالم. وفي عام 2011 تم افتتاح متحف مدام توسو الشهير للتماثيل الشمعية داخل الملاهي ما استقطب عددًا أكبر من الزائرين. أما حديقة حيوان شونبرون فهي، أيضًا، أقدم حديقة حيوانات في العالم وتضم أكثر من ست مئة حيوان من الأصناف النادرة. ولنهر الدانوب نشاطات خاصة تحتاج إلى ساعات طويلة تمضيها العائلة بنزهة على القارب النهري أو على متن إحدى السفن السياحية، وتوجد في وسط النهر جزيرة يقصدها الزوار لممارسة الرياضات المائية وإقامة حفلات الشواء في الطبيعة والاسترخاء.
وتمتاز المتاحف الفييناويّة بطابع خاص جدًا، فعلى عكس المتاحف التقليدية التي تبنى وتوضع فيها الآثار والتذكارات التاريخية، فالمتاحف عبارة عن قلاع ومقاهٍ تبلغ أكثر من خمس مئة عام ولا تزال محتفظة بأباريقها ولوحاتها وإكسسواراتها الفخمة. وأبرز هذه المتاحف الحية هو فندق «إمبيريال فيينا» الذي بني في 1863 ويحوي تحفًا نفيسة. وننتقل إلى قصر بيلفيدير الذي بني في مطلع القرن السابع عشر كمقر صيفي للحاكم، والذي يضم حتى اليوم اللوحات الأصلية لفنانين معروفين، بالإضافة إلى الحدائق الدهليزية والقاعات الرخامية والغرف الذهبية.