«هناك العديد من الأمراض سببها الرئيس تناول أطعمة ملوثة». بهذه الكلمات بدأ د.حسين منصور، رئيس جهاز سلامة الغذاء بوزارة الصناعة المصرية، حديثه موضحًا أن هناك أكثر من 250 نوعًا مختلفًا من الأمراض يسببها الغذاء، ويُعد العامل البشري هو المسبب الرئيس لهذه الأمراض وليس الغذاء في حد ذاته، إضافة إلى إصابتها من جانب الحيوانات والحشرات.
وأوضح أن أكثر المتضررين من هذه الأمراض الناجمة عن الطعام الملوث أو سيئ الإعداد أو غير المناسب للشخصية هم الأطفال والنساء الحوامل والمسنون وكذلك الأشخاص الذين يتناولون الأدوية. وأكد أن عوامل الخطورة تتمثل في الطهي غير السليم، وسوء النظافة الشخصية، ومدة الحرارة ودرجتها غير المناسبة، إضافة إلى الغذاء المنتج من مصادر غير آمنة وغير مصرح لها. وأشار إلى الأعراض الشائعة، نتيجة الإصابة بأمراض التغذية ومنها: القيء وارتفاع درجة الحرارة، والتهابات الحلق والإسهال.
تلوث الغذاء
وأكدت د.سامية جلال سعد، أستاذ علوم البيئة، أن السرطان يأتي على رأس الأمراض التي لها علاقة بتدهور البيئة وتلوث الغذاء، موضحة أن أسباب تلوث الغذاء تعود إلى الاستخدام المتزايد للمبيدات الحشرية، وكذا استخدام الهرمونات والمنشطات في زراعة المحاصيل وتربية الحيوانات دون وجود لجان رقابية، أيضًا استخدام المواد الحافظة والملونة ومكسبات الطعم دون رقابة بيئية، إضافة إلى استخدام الأواني الألومنيوم رديئة الصنع والمحتوية على نسب عالية من الرصاص والمعادن. ولفتت، أيضًا، إلى أن إعادة استخدام زيوت القلي تساعد على تكوين المواد المسرطنة نتيجة تسخين الزيت لدرجات مرتفعة عدة مرات، وكذلك اللحوم المشوية على الفحم تتكون بها مواد مسرطنة نتيجة احتراق الدهون مع الفحم، مؤكدة عدم وجود رقابة حقيقية على هذه الصناعات، هذا إلى جانب تدهور السلوكيات البيئية لدى البشر والتي أسهمت في انتشار مرض السرطان.
ثقافة الطعام
وفي السياق ذاته، دعا د.عمرو علي عثمان، رئيس قسم التغذية العلاجية بمستشفى سرطان الأطفال، إلى توعية الأسر وتثقيف الأمهات بماذا ومتى وكيف يأكلون؟
وأكد أن تجاهل القيم القديمة التي كانت تدعو إلى الحركة والنشاط والتدريبات أحد الأسباب التي أدت إلى انهيار مقاومة الجسم للأمراض التي بدأت تنتقل إليه من أقرب شيء إليه وهو طعامه وشرابه.
ونصح د.عثمان الأسر وبخاصة التي تضم مرضى السرطان بضرورة منح أطفالهم أغذية قليلة البكتيريا، وتقديم الأطعمة مطهية، وتجنب إعطائهم الفواكه بكثرة لما تحويه من قدر كبير من البكتيريا، وتجنب إعادة تسخين الطعام أكثر من مرة يوميًا، متمنيًا أن تصل نسب البكتيريا في الطعام إلى الصفر، مشيرًا إلى أن الغذاء هو السبب الرئيس في الإصابة بالسرطان بنسبة 30%، ويرجع ذلك إلى تلوثه بالمبيدات، إلى جانب عوامل أخرى.
متبقيات المبيدات
فيما أوضح د.محمد السعيد صالح، أستاذ كيمياء المبيدات والسموم بكلية زراعة جامعة عين شمس، أن قطاع الغذاء على المستوى العالمي يشهد تغيرات عديدة تتمثل في تغيير فلسفة التعليم، وخلق أنظمة جديدة، وتحديث التشريعات والقوانين، إلى جانب تغيير أولويات البحث العلمي الزراعي. وأكد ضرورة مواجهة التحديات التي تعرقل المسيرة نحو مستقبل غذائي أفضل كسلوكيات تناول الغذاء لدى المستهلك وانتشار مركز الأطعمة «السوبر ماركت»، وزيادة أعداد المسافرين، وتوافر أساليب تقنية حديثة، إلى جانب التغيرات في التجارة الدولية.
وأشار د.صالح إلى أن متبقيات المبيدات في الأغذية مشكلة تخص الدول النامية والمتقدمة على السواء، مشيرًا إلى وجود ثلاثة أنواع من الأغذية، أحدها خالٍ من المتبقيات، وآخر يحتوي على متبقيات أقل من الحد المسموح به، وثالث يحتوي على معدلات أعلى من المسموح به، مؤكدا أن الأغذية المتداولة في الأسواق تحتوي على الأنواع كافة.
ودعا د.صالح إلى التركيز في وضعية هذه المستويات وخصائص متبقيات المبيدات في الأغذية المتداولة، وبخاصة غذاء الرضع والأطفال، متمنيًا وجود وعي وإدراك عام بالأضرار والمخاطر الناتجة عن التعرض للأغذية، والعمل على الحد من تعرض الأطفال لاستهلاكها، ولفت إلى أن الأسباب التي تجعل الأطفال أكثر عرضة لمخاطر متبقيات المبيدات في الأغذية أكثر من البالغين هي أن جهاز الطفل البولي صغير، ما يجعله أكثر حساسية من البالغ، وكذلك الأجهزة المناعية والمخ تكون في مرحلة التطور، ومن ثمَّ فإن استجابته للمرض وظهور أعراض السموم تكون بشكل أسرع من البالغين. مشيراً إلى الأغذية التي لا بد من الكشف عن متبقيات المبيدات فيها على أساس أنها الأغذية الأكثر استهلاكًا بوساطة الرضع وتتمثل في اللبن والعصائر، والطماطم والخيار والسمك والفلفل الأخضر والفاصوليا والبامية وغيرها من الخضراوات.
استراتيجية دعم
وقدم د.يوسف حلمي، استشاري التغذية العلاجية، استراتيجية للدعم الغذائي لمريض السرطان يتبعها اختصاصي التغذية إلى جانب العلاج الطبي، خصوصًا المريض الذي يفقد معدلات كبيرة من وزنه، مؤكدًا أن هناك خطورة على حياة الشخص الذي يفقد 20% من وزنه الطبيعي خلال ستة أشهر، ما يؤثر في حركته ومناعته، كذلك قدرته على التواصل، ما قد يودي بحياته، مشيرًا إلى أن 20% من حالات الوفاة سببها فقدان الوزن عن معدله الطبيعي. مشيرًا إلى أهمية دعم المريض نفسيًا، وكذا غذائيًا بالفيتامينات، إضافة إلى التمارين الرياضية التي تساعد على البناء العضلي للجسم وتقويته، وتقلل الاكتئاب لدى المريض، مؤكدا أن التدخل الطبي والغذائي يعمل على تدعيم جودة الحياة للأفضل.
تنوع غذائي
بينما ركزت د.منى أحمد صادق، أستاذ التغذية بكلية البنات بجامعة عين شمس، على الأغذية الوظيفية لمواجهة السرطان بوصفه من أشد الأمراض خطورة على حياة الإنسان في مراحله المختلفة بعد الأمراض القلبية، مشيرة إلى العوامل التي تسبب الإصابة بمرض السرطان كالعوامل البيئية والتي يمثل الغذاء وأسلوب التغذية أحد الجوانب الرئيسة، إلى جانب العوامل الوراثية والاستعدادات الشخصية والمهنية.
وعن كيفية تحقيق سبل الوقاية الأولية للعلاج قالت: إن ذلك يتم عن طريق شيوع برامج التوعية، والكشف المبكر والفحص، وزيادة كفاءة العلاجات حتى ترتفع معدلات الشفاء وتصل إلى المعدلات العالمية.
وأوضحت د.منى أن الصحة والتغذية السليمة وجهان لعملة واحدة، وتغذية الأطفال وبخاصة مرضى الأورام تأتي على رأس التحديات، لذلك لا بد من الحفاظ على معدلات نموهم، عن طريق تطبيق نظام غذائي بسيط تطبيقًا للهرم الغذائي الذي تحتوي قاعدته على الحبوب والمخبوزات، ثم الفاكهة والخضار ثم اللحوم وبدائلها، وترتبط ألوان هذه المجموعات بسلوك معين لمواجهة المخاطر، مؤكدة أن الفاصوليا البيضاء من أهم الأغذية الوظيفية لما تحتويه من عوامل محفزة لمواجهة مرض السرطان.
كما أكدت أهمية عنصر التنوع لما له من دور في العلاج، لافتة إلى أهمية وجبة الإفطار وضرورة احتوائها على جميع العناصر الغذائية، إلى جانب إنشاء قاعدة بيانات تحتوي على قوائم خاصة بالطفل حتى تسهل عليه عملية الإعداد والتجهيز والاختيار. ولفتت إلى جود أغذية تعمل كحائط صد في وجه السرطان كالسبانخ والبنجر، ومن الفواكه الفراولة والتوت، إلى جانب السوائل كالمياه والشاي الأخضر، على أن يُفترض في ذلك الزراعة والتخزين الجيد على عكس السكر والملح الذي يزيد الخلايا السرطانية.وأشارت إلى المشكلات التي تقابل الطفل مريض السرطان والتي تختلف وفقًا للعمر والحالة المرضية من خلال طريقة العلاج ما بين الكيميائي أو الإشعاعي أو الجراحي وتأثيرات المرض في فقدان الشهية أو الوزن الحاد أو التأثير في الكبد والرئة. ونوهت بضرورة مراعاة طريقة تقديم وجبة الغذاء لمريض السرطان حسب حالته كتجنب الجمع بين السوائل والأشياء الصلبة في وجبة واحدة، وألا يأكل المريض بجوار المطبخ إذا كانت حالته من النوع الذي يفتقد لشهية الأكل عند رائحته ويُفضل تغطيته أو الأكل المجزأ على 6 وجبات وليس 3 فقط إذا تطلبت الحالة ذلك.