width=


الزراعة العضوية
صديقة البيئة والإنسان

إن المعروض في الأسواق العربية من منتوجات الزراعة العضوية لا يفي باحتياجات المستهلكين، فدول الخليج العربي باتت تستورد كثيرًا من المنتجات العضوية من الدول الأخرى، ما يحتم علينا أن نكثف من إنتاج هذه المزروعات.

د.خالد بن ناصر الرضيمان
كلية الزراعة والطب البيطري- جامعة القصيم

«الزراعة العضوية نظام زراعي يهدف إلى التنمية المستدامة، حيث يعتمد على استخدام المواد الطبيعية في الزراعة بدلاً من الأسمدة الكيماوية والمبيدات وهرمونات النمو، كما لا يسمح فيه باستخدام السلالات والكائنات المحورة وراثيًا أو الإشعاع المؤين والمواد الحافظة في عمليات التصنيع والإعداد أو التعليب، وأي مواد لها تأثير ضار في صحة الإنسان والبيئة ومن ثمَّ تصل المواد الغذائية إلى المستهلك بحالتها الطبيعية.
لذا تُعد الزراعة العضوية إحدى وسائل الوقاية المهمة لتقليل تلوث البيئة والمحافظة على صحة الإنسان والمجتمع في الدول المتقدمة، إضافة إلى منافعها الاقتصادية والاجتماعية والصحية، حيث إن الإخلال بالتوازن الطبيعي والبيئي أدى إلى ظهور بعض الأمراض، على سبيل المثال لا الحصر: جنون البقر، إنفلونزا الطيور، وإنفلونزا الخنازير.

النخيل من أكثر المنتوجات العضوية
تظهر نتائج الحصر العالمي الجديد عن الزراعة العضوية والذي تم إنجازه في عام 2011 بوساطة معهد أبحاث الزراعة العضوية في سويسرا (FIBL) وحركة الزراعة العضوية العالمية (IFAOM) مؤشرًا على أن الزراعة العضوية تتطور تطورًا سريعًا، حيث تتم مزاولة الزراعة العضوية في أكثر من 12 بلدًا على مستوى الوطن العربي من خلال زراعة ما يقارب (1.187.563 هكتارًا) بوساطة 4.959 منتجًا (مزارع أو مستثمر), إضافة إلى الأراضي المزروعة هناك مساحة المنتجات الطبيعية البرية تعادل 794.170 هكتارًا، كما أشارت النتائج إلى أن تونس تحتل المرتبة الأولى عربيًا من حيث نسبة الأراضي المزروعة عضويًا، حيث تصل النسبة إلى 39%، تشكل تقريبًا ثلثي المساحة العضوية المزروعة عربيًا، يليها السودان بنسبة 13.6%، ثم مصر ثالثًا بنسبة 9.8%، والسعودية رابعًا بنسبة 8.19 %. كما أشار التقرير، أيضًا، إلى أن تونس تُعد الأولى في إنتاج الزيتون العضوي على مستوى الوطن العربي، وأيضًا تونس وسوريا والمغرب من الدول العشر الأولى في زراعة الزيتون العضوي على المستوى العالمي. ومصر أكبر منتج للقطن العضوي في الوطن العربي. وأيضًا تُعد المغرب من الدول العشر الأولى في العالم في المنتجات الطبيعية العضوية (وتشمل المنتجات الطبيعية العضوية منتجات الغابات والمراعي والنباتات البرية الطبية والعطرية)، كما تضم تونس والسعودية والإمارات ومصر أكبر مساحات لإنتاج النخيل العضوي على مستوى الوطن العربي والعالم. وهذا يوضح مدى اهتمام هذه الدول بالزراعة العضوية، إذا لم يكن للاستهلاك المحلي فهي للتصدير والمنافسة الاقتصادية في تجارة الأغذية العضوية. وهذا النظام له ضوابط وقوانين، بحيث يراقب المنتج تحت نظام توجيهي وتفتيش متفق عليه، تحكمه قواعد وأسس وضعت لتوضيح كيف يتم الإنتاج العضوي، وذلك من أجل أن يفي بمتطلبات المستهلك من الغذاء الصحي الآمن الخالي من متبقيات العناصر الثقيلة والمبيدات أو ميكروبات ضارة بصحة الإنسان.

الزراعة العضوية مطلب مُلح
في بعض الدول العربية مثل تونس والسعودية ومصر أصدرت معايير وضوابط لنشاط الزراعة العضوية في أوطانها، والتي يجب أن يتبعها كل القائمين بعمليات الإنتاج والتجهيز والتداول للمنتجات العضوية في هذه الدول والتي تلبي متطلبات الأسواق المحلية، وأيضًا، أسواق التصدير الخارجية. وتُعد تونس أول دولة عربية يعترف الاتحاد الأوروبي بقانون الزراعة العضوية فيها، بحيث يسهل تصدير المنتجات الزراعية العضوية من تونس إلى أي دولة من الاتحاد الأوروبي.
لذلك فإن الدعوة للتحول إلى الزراعة العضوية أصبحت مطلبًا لحماية البيئة من التلوث ورفع مستوى الإنتاج الزراعي والجودة في الإنتاج والمنافسة في الأسواق المحلية والخارجية لكثير من العاملين والمستثمرين في المجال الزراعي العضوي، بشقية النباتي والحيواني، في كثير من الدول العربية. كما نأمل أن تضع الدول العربية خططًا مستقبلية للزراعة العضوية، بحيث تصل نسبة الأراضي الزراعية العضوية في الدول العربية من 5 % إلى 10% في عام 2020، وباقي المنتجات الزراعية تكون فيها نظيفة وخالية من متبقيات المبيدات والأسمدة والميكروبات الضارة بصحة الإنسان والحيوان والبيئة. وتحتاج الدول العربية إلى توعية إعلامية بأهمية التحول إلى الزراعة العضوية، إن لم يكن بهدف الاستهلاك المحلي فهي بهدف التصدير والمنافسة في السوق العالمية لتجارة المنتجات العضوية ذات العائد الاقتصادي المرتفع.
في بعض الدول العربية تم تصميم شعار وطني للمنتجات العضوية لاستخدامه كأداة تسويقية للأشخاص العاملين بالزراعة العضوية، وأيضًا، كوسيلة مساعدة للمستهلكين لتمييز المنتجات العضوية عن غيرها من المنتجات الغذائية.