سحر عسير
تكوينات صخرية تطغى عليها زرقة البحر والسماء
مسيرة حافلة في خدمة الوطن وأبنائه، ونشاطات فاعلة مفردات المكان لوحة تختزل جمال الطبيعة بثراء ألوانها..
خيرالله زربان
تصوير أحمد ماطر
فتحة العدسة تحتضن مفردات اللون والتكوين في عسير، ليتبدى الوطن لوحة منفتحة على أفق لا محدود في نهاياته الجمالية، ونسيجًا مبهرًا يضم ثقافات وعادات وتراثًا شعبيًا وآثارًا وإنسانًا. لذا يقف المصور أحمد ماطر في مسافة واحدة من كل مناحي الوطن، ويكشف عن جماليات عسير وهو مأخوذ بها من السماء العالية عندما يخرج ماؤها متدفقًا من بين الصخور ويسيل فرحًا باتجاه الأودية لتستقبله المزارع وهي تأخذ زينتها بخضرة باهرة وشجر مثقل بالثمار، خضرة ليست ككل خضرة في أي مكان، خضرة عسيرية متميزة، حيث السماء تكون ساحة لاختصار تفاصيل الطبيعة بسحرها.
وكلما ازداد الارتفاع ازدادت الرقعة المتاحة للرؤية، وتغيرت ملامح الأشياء عمّا هي عليه على أرض الواقع، وتتحول المزارع إلى أشكال هندسية بديعة، تتجاذبها خضرة متدرجة المستويات، محاطة بأرض يابسة تتقاسم درجات اللون البني، وتتميز بأرض ضاربة إلى الحمرة قليلاً، ثم تلوح جبال ضاربة بلونها إلى السواد، مكونات من حمم بركانية عرفتها المنطقة قديمًا، جرت بينها ينابيع الماء السلسبيل، وعلى قمة هذه الجبال تأتي المنازل بطابعها العسيري، مبان كالقلاع القديمة، تتسع في أسفلها وتضيق عند قمتها، منتهية إلى شكل جمالي مفرغ عند قمة بمسافات متساوية.
ومن القمة الشاهقة نفسها نرى خيطًا أبيض يتلوى من بين الصخور، وفوق مساحة البحر الممتدة التي تآخي في أفقها البعيد بين السماء والماء، يبدو البحر من فوق السحاب صفحة من زرقة منبسطة، تكتب عليها الأمواج بمداد أبيض سحر هذا الجمال، وهنا يسطع فلاش العدسة مرة أخرى ليسجل نبض المكان الجمالي كما لو كانت الأمواج تحمل أسرار البحر إلى اليابسة، عن هذا الساحل الذي يزيد من جمال البحر فصلاً آخر في الجاذبية الساحرة.
ليست الطبيعة في سحرها الفطري بعسير هي الجمال كله، فقد طوعت يد الإنسان ما حولها لبناء صروح من الإبداع. ها هو الجبل الأخضر الذي استطاعت عبقرية إنسان عسير أن تحيل قمته إلى توهج مخضر بأنوار تغازل نجوم السماء بلمعانها، وتنبسط المنازل من حولها وقد هربت من فرجاتها التماعات من أضواء تنأى وتقترب.