ضباء..
جارة البحر

 

تقع مدينة ضباء في الشمال الغربي للمملكة العربية السعودية وتتبع محافظة تبوك، وكان لميناء ضباء القديم المسمى بالسقالة دور كبير في إنعاش الاقتصاد في المنطقة، وقد جدد بناءه الملك عبدالعزيز، رحمه الله، عام 1357هـ، وكان قبل ذلك مرفأ مأمونًا للسفن كما ذكر الرحالة محمد بن عبدالمنعم الحميري في كتابه «الروض المعطار»، ويزخر بالسفن التي تسمى السواكن والسنابيك والسواعي و القطاير باختلاف حجمها.

كانت حركة الاستيراد والتصدير من ضباء إلى السويس وسفاجة وموانئ العالم على أشدها، ثم أوقفت عام 1379هـ واقتصر الاستيراد والتصدير من جدة. وكان يصدر منها الفحم والسمن والعسل والسنامكة والصمغ، ويستورد من مصر الأقمشة وسرر النوم ومفارش القطن والذرة والدخن والسمسم والحلويات والعدس والبرتقال. وقد أعيد لضباء مجدها وازدهار الحركة الاقتصادية إليها في عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، حيث أنشئ بها ميناء جديد يقع في شمالها ويخدم المنطقة بأكملها.

سوق ومناخة ضباء
لا شك في أن لميناء ضباء القديم دورًا كبيرًا في إنعاش سوقها ومناخة الإبل هي قلب السوق القديم. وذكر محمد صادق باشا ( 1238- 1320هـ ) في رحلته «أنها بقعة متسعة محاطة بجبال قريبة من البحر بها بيوت وحواصل وبرج صغير»، سميت ضباء لأن خليجها كهيئة ضبة السيف أو لكثرة الظباء في واديها.
ويقع شرق ضباء المنزل الخامس عشر للحاج في المنطقة المسمى بالبير بين جبلين كبيرين بها آبار الحجاج القديمة بين الأشجار الكثيفة، وهي موقع تاريخي مهم يحتاج إلى العناية، وقد ذكرها الرحالة في مذكراتهم.

التميُّز العمراني
لأهل ضباء تميز عمراني في تفصيل المنازل على الطراز الإسلامي ولكل بيت حوش مكشوف في الوسط والغرف تطل عليه. أما الواجهات الخارجية فتكثر فيها النوافذ لاستقبال الهواء من الشمال مختلطًا بنسمات البحر الرطبة والمنعشة.
تميزت بعض القصور بالرواشين الكثيرة في الدور الأول منها، وباب المنزل مكون من جزأين: الباب والخوخة، ويكتب بعضهم في مقدمة منزله: «يا داخل الدار صل على النبي المختار». وأحياء المدينة القديمة هي: حي الساحل، والخرج، واللط، والقرفاء، والصمدة، والمقيطع، وضحكان والبير.
ومدينة ضباء، كغيرها من مدن المملكة العربية السعودية، ظهرت فيها الحركة التعليمية في أوائل القرن الرابع الهجري وقد بدأت فيها بمرحلة الكتاتيب إلى أن أسست المدرسة التحضيرية الأميرية وصدر لها أول ختم في العهد السعودي عام 1344هـ، ومبنى الأميرية لا يزال شاهدًا على العصر، وهو بجوار القلعة، وهو من المباني التي رممتها الإدارة العامة للسياحة والآثار بتوجيه من أمير منطقة تبوك صاحب السمو الملكي الأمير فهد ابن سلطان بن عبدالعزيز.
ونظرًا لموقع ضباء على طريق الحاج فقد أسست بها مساجد قديمة جدًا مثل الزاوية السنوسية والشاذلية، وقد جدد الملك عبدالعزيز ثم الملك فهد رحمهما الله، الزاوية السنوسية وأصبحت مسجدًا جامعًا للبلدة مقابل الميناء القديم.

قلعة الملك عبدالعزيز
حينما وحَّد الملك عبدالعزيز المملكة العربية السعودية صدر أمره الملكي بإنشاء عدد من القلاع في أنحاء المملكة، فبنيت قلعة ضباء عام 1352هـ، كما هو مثبت في لوحتها على ربوة مرتفعة وهي من أكبر القلاع في المملكة وتشرف على ميناء المدينة ومسجدها وسوقها.

السياحة في ضباء
امتازت المدينة بشواطئها الخلابة ذات الرمال البيضاء النقية والأحجار البلورية، وكورنيش ضباء على ساحلها الخلاب يمتد من شمالها إلى جنوبها، وهو مزود بتجويفات داخل البحر. تقع المدينة على ضفاف خليج الكراع وهو يقسمها إلى قسمين بينهما جسر الأمير فهد بن سلطان للمشاة بني على الطراز المعماري الحديث. وبهذا الخليج ترسو قوارب الصيد، ويمكن للسائح أن يقوم بجولة بحرية عن طريق اللنشات السياحية الصغيرة المخصصة لذلك أو الدبابات البحرية.
وقد جمع هذا الخليج بين الماضي والحاضر في لوحة واحدة، إضافة إلى الحديقة الجميلة التي تطل على الخليج من ربوة مرتفعة.
تضم المدينة فنادق عديدة وشققًا مفروشة وشاليهات على البحر لاستقبال السياح، وفيها ثاني أكبر محطة للنقل الجماعي لنقل المسافرين بعد مدينة جدة. وأقرب المطارات إليها مطار الوجه على بعد 45 كم، ومطار تبوك 180 كم، ويمكن القدوم للمدينة عن طريق البر عبر الطريق الساحلي المزدوج الممتد من جدة عبر ينبع وأملج والوجه، أو عن طريق مدينة تبوك.
تتبع محافظة ضباء قرى عديدة شرقًا وشمالاً منها: شواق، والديسة، وشغب، والنابع، وأبو العجاج، وترتبط بالمحافظة بطرق زراعية جميلة عبر منطقة حسمي التي ذكر المؤرخون أن يعقوب، عليه السلام، كان بها حينما هاجر إلى ابنه يوسف عليه السلام في مصر، ومنهم ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى}وجاء بكم من البدو{ الآية 100 سورة يوسف.
أما في الناحية الشمالية على البحر فترتبط بها قرى قيال، وشرما، والصورة، والمويلح، والخريبة، وبها ميناء صغير، وسوقها مشهور ببيع الأسماك، وأمامها جزيرة برقان.

. .