طرابلس.. مدينة الحلويات
أشهرها المفروكة والجزرية وحلاوة الجبن وزنود الست

 

 

كانت حركة الاستيراد والتصدير من ضباء إلى السويس وسفاجة وموانئ العالم على أشدها، ثم أوقفت عام 1379هـ واقتصر الاستيراد والتصدير من جدة. وكان يصدرتمتاز مدينة طرابلس بأنها الفيحاء الصغرى تيمنًا بالفيحاء الكبرى دمشق، ولذلك سميت بطرابلس الشام، وعرفت بأنها مدينة العلم والعلماء، وفوق كل ذلك مدينة صناعة الحلويات العربية أو الشرقية، كما يحلو لبعضهم تسميتها. و تعتمد القشطة كمادة أساسية، فتجدها في غالبية أنواع الحلويات الطرابلسية مثل: الكنافة بالقشطة، وحلاوة الجبن بالقشطة، وحلاوة الرز بالقشطة، وزنود الست، وغيرها من الحلويات التي تعتمد الفستق والصنوبر والجوز والتمر.. ولعل أشهرها بالتأكيد هو «المعمول».
وقد ذاع صيت الحلويات الطرابلسية، وتطورت صناعتها مع الحفاظ على أصالة طعمها وتكوينها، وأصبحت طرابلس مقصدًا للذواقة العرب والأجانب واللبنانيين من مختلف المناطق للحلويات لطعمها المميز ونكهتها الطيبة.
ولأن طرابلس مدينة الحلويات فقد اقترن اسمها بعائلات اشتهرت بصناعتها، ومن أبرز هذه العائلات: الحلاب، وعلماوية، والعرجة، وكحيل، وصبيح.
وللحلويات قصص في هذه المدينة العريقة، وإذا كان الحديث عنها يطول، فلا بد من أن نترك أصحاب هذه المهنة للتحدث عنها وإبرازها وأسباب شهرة طرابلس بها.
أحد الأسماء المشهورة مرادف للطعم الأصلي في عالم الحلويات الشرقية التي تعرف بطعمها المميز والفريد، وتتألف من من أفضل المكونات الطازجة التي تمزج بمهارة وببراعة نكهات الفستق والصنوبر والكاجو والجوز والتمر، مع طبقات هشة من العجين. وغالبية أسماء أصناف هذه الحلويات هي ذات منشأ تركي. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فالبقلاوة هي كلمة تركية، وأن بعض العائلات ساهمت في إدخال هذه الحرفة إلى مدينة طرابلس منذ مئات السنين، حيث كانت المدينة ذات أسوار مغلقة على نفسها، يفصلها عن العالم الخارجي أبواب حديدية تغلق عند الغروب، فازدهرت هذه الحرفة واكتسبت شهرة ما فتئت أن انطلقت عبر هذه الأسوار والأبواب إلى المحيط القريب، ثم إلى المدن اللبنانية والشامية لتصل إلى مدى أكثر انتشارًا إلى حد العالمية. وإذا كان صحيحًا أن منشأ بعض الأصناف الرئيسة له أصل تركي، فإن أبناء مدينة طرابلس والمقيمين فيها طوروا هذه الحرفة وابتدعوا أصنافًا جديدة تميزت عن سواها في باقي المناطق الأخرى وحتى بلاد المنشأ التي هي أسطنبول ومن أسباب تطور هذه الحرفة وشهرتها طيبة أهل هذه المدينة. فكانت حرفتهم وصناعتهم دقيقة وبعيدة كل البعد عن الخداع، فاستعملوا المواد الأولية الأجود والأفضل، فنشروا الأصناف الجديدة التي اخترعوها أو طوروها عبر المدن اللبنانية والمدن السورية وحتى أبعد من ذلك، فمثلاً «المفروكة» هي من اختراع أهل المدينة و«زنود الست» و«حلاوة الجبن» و«الفيصلية» و«الجزرية» وغيرها العديد من الأصناف التي أتقنوها، فقصدهم الناس من جميع المناطق اللبنانية ثم العربية. فالحلويات الطرابلسية اليوم هي الأشهر في العالم، وتصل عبر البريد السريع إلى جميع أصقاع الدنيا.