الأرز الحساوي..
الأحمر المهدد بالاندثار

 

يعرف الأرز الحساوي ذو اللون الأحمر منذ القدم، إلا أنه لا يعرف بالتحديد تاريخ بداية زراعته في منطقة الأحساء. ولكن يعتقد أن التجار في الماضي من أهالي الأحساء الذين تتنوع رحلاتهم ما بين الهند والعراق هم الذين جلبوه.

الأحساء: إبراهيم اللويم

يمتاز الأرز الحساوي بأنه يحتوي في مكوناته على العديد من الكربوهيدرات، والبروتينات، والألياف ذات القيمة الغذائية العالية التي تساعد المصابين بآلام المفاصل، وكسور العظام، بإذن الله، على الشفاء. كما أنه يعد من الأغذية التي يوصى بها للمرأة النفساء لتتناولها في أثناء فترة نفاسها تعويضًا لها عما فقدته في أثناء المخاض، بسبب وجود مادة الحديد فيه بنسب عالية. لهذا نجد العديد من النساء في الأحساء وفي دول الجوار حريصات على تناول الأرز الحساوي خلال فترة النفاس، كذلك المرضى المصابون بداء السكري.
إن هذا الأرز الأحمر يعد من المحاصيل الزراعية التي تزرع في المناطق الحارة، حيث يحتاج إلى درجات حرارة تصل أحيانًا إلى 48 درجة مئوية، كي تتمكن شتلاته من استكمال مراحل نموها. كما أنه يستهلك مياهًا كثيرة في أثناء زراعته رغم أن جذوره تبقى محتفظه بالماء مدة طويلة. ولهذا فضل الفلاحون الأحسائيون أن تكون زراعته في أرض تكون تربتها مشبعة بالمياه، كي يتم غمره بالماء تمامًا في أثناء ريه من العيون الجوفية، وأيضًا الحفاظ على شتلاته من التلف بسبب جفاف التربة، بالإضافة إلى توفير الاستهلاك في كميات الماء.
تنقسم مراحل زراعة الأرز الحساوي إلى مرحلتين: أولاهما الإعداد الكامل للأرض، من حيث عملية حرثها وتنظيفها من كل الشوائب العالقة بها، ثم تترك لبضعة أسابيع بغرض تهيئتها لاحتضان البذور «الحبوب»، التي يقوم المزارع أو الفلاح بنثرها يدويًا، لكي يتم ريها بالماء بشكل شبه يومي، وعلى مدى 3 أيام أو 4 أيام من كل أسبوع. ويستمر ذلك إلى حين أن تنبت تلك البذور لتصبح شتلات زراعية. ثم تأتي بعدها مرحلة غمر الشتلات كاملةً بالماء، بحيث يتم ريها لمدة 5 أيام متواصلة من كل أسبوع. ويستمر الحال لمدة أربعة أشهر تقريبًا إلى أن يحين موعد حصاده بعدما يكتمل نموه وتصفر شتلاته بشكل كامل، والذي يتزامن بدايته في الغالب مع الانتهاء من موسم «صرام التمر».
أما عملية حصاده فتتم يدويًا، بحيث يقوم الفلاح بجمع مجموعة من شتلاته وربطها على هيئة حزم، ومن ثم يقوم بفرش هذه الحزم فوق بساط على الأرض وتركها لعدة أيام، إلى أن تجف تمامًا، بعدها يقوم بنقله إلى أحد المطاحن كي يتم درسه أي «تذريته». وهي طريقة تتم فيها تنقية الأرز من النبتة الأصلية، وذلك بوساطة آلة أتوماتيكية مخصصة لذلك. وبعد خروجه من تلك الآلة تبدأ مرحلة نزع الشلب، وهي قشرة رقيقة ملتفه حول حبة الأرز من الخارج، يدويًا وذلك بغرض إزالة كل الشوائب والقشور العالقة به، ومن ثم تأتي بعدها مرحلة تسويقه وبيعه.
وجد صنفان من الأرز الحساوي أولهما يعرف «بالأصلي»، ومن ثم «بالحساوي رقم واحد». أما الآخر فيعرف «بالحساوي رقم اثنين».. ويطلق عليهما اسم «الهجين». وهما يحملان اللون نفسه وهو «الأحمر»، ولكن ما يميز كل نوع عن غيره أن حجم حبة الأرز تختلف فقط، أما أسعاره فيبلغ سعر الكيلو من النوع الأصلي 25 ريالاً،
فيما بقية الأنواع ما بين 18 ريالاً إلى 20 ريالاً للكيلو الواحد.
يواجه الأرز الحساوي، حاليًا، الفناء بسبب الشح الشديد الذي تعانيه الأحساء من نقص في المياه الجوفية، بسبب جفاف الكثير من العيون الارتوازية في الآونة الأخيرة. وقد أشار عدد من الباحثين الزراعيين في مديرية المياه بمحافظة الأحساء إلى أن ذلك أثر بشكل مباشر وكبير في كمية إنتاج الأرز في العقد الأخير، وبالتالي أدى ذلك إلى عزوف الكثير من الفلاحين عن زراعته.