شواهد حضارية

التاريخ يخلده الفن، وتظل الشواهد الإنسانية لحضارات
مضت ترجمة للرقي الفني للإنسان على مر العصور،
حيث البصمة التاريخية تحمل دلالاتها التي تختصر مسافات
زمنية وقيمة جمالية في الوقت نفسه.

محمود الديب

بوابة براندنبورغ
بوابة براندنبورغ التذكارية كانت رمزًا لتقسيم برلين ثم ما لبثت أن أصبحت رمزًا للوحدة والسلام. والبوابة تنتمي إلى البناء الكلاسيكي، ومصنوعة من الحجر الرملي، وهي من أكبر المعالم وأجملها، ليس في ألمانيا فحسب، بل في العالم. شُيِّدت بوابة براندنبورغ بين عام 1788 و1791 بأمر من فريدريش فيلهلم الثاني الذي كان يبحث عن تصميم معماري فريد لشارع «أنتر دين ليندن» الراقي. وفي عام 1793 وضع على البوابة تمثال يتكون من عربة تجرها أربعة خيول، وتم إنزال التمثال 3 مرات، وبعد هزيمة بروسيا في عام 1806 خطف نابليون معه العربة ذات الخيول الأربعة إلى باريس، ولكن بعد انتصار الحلفاء بثمان سنوات تم استرجاعها ووضعها في مكانها الأصلي القديم، وفي أثناء معارك الحرب العالمية الثانية، أصيبت بوابة براندنبورغ بأضرار جسيمة، وتضرر التمثال بسبب القنابل التي انهالت عليه، إلى درجة التخلص منه في عام 1956 كجزء من عملية إعادة إعمار البوابة والاستعاضة عنه بنسخة أخرى. وظلت بوابة براندنبورغ ما يقارب الثلاثة عقود معزولة عن الوجود، ولكنها في الوقت نفسه كانت محور أنظار الرأي العام العالمي، وبينما كانت تعد رمزًا من رموز عهد الانقسام الذي شهدته برلين في أربعينيات القرن الماضي، فإنها تمثل اليوم رمزًا للوحدة والسلام.

قلعة براغ
يُعد كثيرون براغ من أكثر المدن رومانسية في العالم، فصور أنوار الشوارع وهي منعكسة على نهر فلتافا تظل عالقة في الذاكرة ومؤثرة في القلوب، وهذا الجو من الرومانسية ألهم أعظم موسيقيي العالم وفنانيه لكتابة أجمل أعمالهم ورسمها، وهذه الرومانسية كانت وراء جذب الكثيرين لزيارة براغ والبقاء فيها، ومن هؤلاء الذين فتنهم حب براغ موتسارت، وبيتهوفن ودفوراك، وحتى اليوم ما زال العديد من فناني العالم يتهافتون على الحضور من أجل الرسم والإبداع.
يعود تاريخ قلعة براغ إلى القرن التاسع، وبلا منافس كانت أكبر مجمع للقلاع في القرون الوسطى في أوروبا، وكانت المقر التاريخي للملوك والأباطرة والرؤساء، فعلى قمة تل واسعة على الضفة اليسرى لنهر فلتافا تقع قلعة براغ وتتكون من مجمع مترامي الأطراف، وتخترق البلدة القديمة من براغ، ويطلق على جزء من قلعة براغ اسم هاردكاني، وليست قلعة تقليدية فقد بنيت أجزاء منها بأنماط معمارية مختلفة، وداخل هذه القلعة المهيبة هناك العديد من المعالم السياحية الجذابة، والقلعة تمكّن زائرها من رؤية مناظر رائعة خصوصًا للبلدة القديمة من براغ. ومن معالم القلعة قاعة العرش، وهي القاعة الكبرى التي بقيت كما هي ولم تتغير منذ 500 عام، ومتحف الفنون التشيكية.

كهف الكريستال
اكتشف الكهف عام 2000 من قبل عمال مناجم بالمكسيك، ويقع على عمق 300 متر تحت سطح الأرض وبطول 11 مترًا وقطر أربعة أمتار، ويحتوي الكهف على أكبر كريستال موجود على سطح الأرض، والإنسان لا يستطيع البقاء في هذا الكهف أكثر من عشر دقائق فقط كحد أقصى، فدرجة الحرارة فيه تصل إلى 58 درجة مئوية والرطوبة 100 درجة!
.

موهنجو – دارو
يعود تاريخ مدينة موهنجو - دارو إلى أكثر من 3800 سنة، وتقع في وادي الهندوس بإقليم السند في باكستان، ويمر نهر الهندوس في الوادي شرق المدينة، والمدينة من أقدم المدن والتجمعات البشرية في العالم، ومن أهم المدن التابعة لحضارة وادي الهندوس في جنوب آسيا والتي ازدهرت في الوقت نفسه الذي ازدهرت فيه الحضارة اليونانية والبابلية الفرعونية، وظلت المدينة باقية حتى عام 1500 قبل الميلاد، وتنفرد بتصميمها الدقيق والمتقدم في تلك الحقبة البعيدة، وكان الهدف من تشييدها إنشاء مركز تجاري مهم للمنطقة الزراعية المحيطة بها، إضافة إلى مركز إداري، وتشير آثار المدينة إلى أنها كانت من أكثر مناطق آسيا الجنوبية تحضرًا في قديم الزمان.