جامعات العالم أقدم

الواقع الثقافي المشغول ببناء توازنات لغوية بين طرح
الهوية الاجتماعية وطرائق إنجازها، توصيف مستل من أهمية
حضور الصروح التعليمية في الواقع الثقافي للشعوب
وتأثيره في المنجز الحضاري للدول التي يستدل على تقدمها
من العقول التي تصنع في جامعاتها.

أوميد عبدالكريم الإبراهيم

جامعة القرويين
تقع في مدينة فاس بالمغرب، وهي أقدم جامعة أنشئت في تاريخ العالم على الإطلاق. بُنيت الجامعة كمؤسسة تعليمية لجامع القرويين الذي قامت ببنائه السيدة فاطمة بنت محمد الفهري القيرواني، نسبة لمدينة القيروان عام 245هـ/ 859م، في مدينة فاس المغربية. وبحسب موسوعة جينيس للأرقام القياسية فإن هذه الجامعة هي الأقدم في العالم، وما زالت تعمل حتى اليوم.
تخرَّج فيها علماء الغرب، وقد بقي الجامع والجامعة العلمية الملحقة به مركزًا للنشاط الفكري والثقافي والديني قرابة الألف سنة. درس فيها سيلفستر الثاني، ويقال إنه هو من أدخل بعد رجوعه إلى أوروبا الأعداد العربية، كما أن موسى بن ميمون الطبيب والفيلسوف قضى فيها بضع سنوات قام خلالها بمزاولة التدريس في جامعة القرويين.
درَّس فيها الفقيه المالكي أبو عمران الفاسي، وابن البنا المراكشي، وابن العربي، وابن رشيد السبتي، إضافة إلى ابن الحاج الفاسي، وابن ميمون الغماري. زارها الشريف الإدريسي ومكث فيها مدة من الزمن، كما زارها ابن زهر مرات عديدة، ودوَّن النحوي ابن آجروم كتابه المعروف في النحو فيها. ولقد اشتهر من فاس جماعة من أهل العلم ونسبوا إليها، منهم أبو عمرو عمران بن موسى الفاسي، فقيه أهل القيروان في وقته، وأبو العباس أحمد بن محمد بن عثمان، الشهير بابن البناء، وهو أشهر رياضي في عصره، إلى جانب أبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ، الشهير بابن باجة، حيث كان ممن نبغوا في علوم كثيرة منها اللغة العربية والطب، وكان قد هاجر من الأندلس وتوفي بفاس. ومن العلماء الذين أقاموا بفاس ودرسوا بجامعتها، ابن خلدون المؤرخ ومؤسس علم الاجتماع، ولسان الدين بن الخطيب، وابن عربي الحكيم، وابن مرزوق.

جامعة الأزهر

هي المؤسسة الدينية العلمية الإسلامية العالمية الأكبر في العالم، وثاني جامعة أنشئت في العالم بعد جامعة القرويين، مقرها في القاهرة بمصر، ويسجل التاريخ أن الأزهر أنشئ في أول عهد الدولة الفاطمية بمصر جامعًا باسم «جامع القاهرة، الذي سمي الأزهر فيما بعد»، حيث أرسى حجر أساسه في الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 359هـ/970م، وصلى فيه الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، ثاني خلفاء الدولة الفاطمية، صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان سنة 361هـ/972م، إيذانًا باعتماده الجامع الرسمي للدولة الجديدة، ومقرًا لنشر الدين والعلم في حلقات الدروس التي انتظمت فيه، وبدأها القاضي أبو حنيفة بن محمد القيرواني قاضي الخليفة المعز لدين الله، إلى جانب دراسة علوم أخرى في الدين واللغة والقراءات والمنطق والفلك، والدراسة فيها قاصرة على المسلمين فقط.
أصبحت جامعة الأزهر هيئة من هيئات الأزهر الشريف، تختص بالتعليم العالي، إلى جانب هيئات أخرى للتعليم قبل المرحلة الجامعية الأولى، وأخرى للمجلس الأعلى للأزهر، وثالثة لمجمع البحوث الإسلامية الذي يختص بنشر الثقافة الإسلامية وتجلية التراث وتنقيته من الشوائب التي علقت به، وبشؤون الدعوة والوفود الطلابية في العالم الخارجي وإعاشتهم، وقد أنشئت لهم مدينة سكنية للإعاشة والإقامة والرعاية البدنية والنفسية، وخصوصًا لمن يأتون الأزهر على منح يقدمها لهم، إضافة إلى المنح التي تقدمها وزارة الأوقاف المصرية «المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية»، إضافة إلى الوفود الإسلامية المتبادلة، والمراكز الثقافية الإسلامية التي أقامتها مصر في عدد من البلاد الأوروبية والأمريكية والإفريقية، وكذلك المعاهد التعليمية. وبصدور القانون رقم 103 لسنة 1961م تحوَّل النظام التعليمي إلى الحداثة، وتوسع الأزهر في تخصصات التعليم والبحث العلمي للبنين والبنات على السواء، وضم إلى كليات الشريعة والعربية، كليات للطب، وطب الأسنان، والصيدلة، والعلوم، والتربية، والهندسة، والإدارة والمعاملات، واللغات والترجمة، ويتلقى طلابها قدرًا لا بأس به في العلوم الدينية لتحقيق المعادلة الدراسية بينهم وبين نظرائهم في الكليات الأخرى.

جامعة أكسفورد
تُعدُّ أقدم جامعة في العالم الغربي المتحدث بالإنجليزية، ومن خيرة ورابع أفضل جامعات العالم، والجامعة الأولى في المملكة المتحدة على مؤشر تايم للجامعات لعام 2011-2012، تقع في مدينة أكسفورد بإنجلترا، وعلى الرغم من عدم معرفة التاريخ الدقيق لإنشاء الجامعة، فإن أصولها ترجع، على أقل تقدير، إلى القرن الحادي عشر، حيث يُروى أنه قامت أعمال شغب بين العلماء وسكان المدينة في عام 1209م، ما دفع بعض علماء أكسفورد إلى الفرار إلى بلدة كامبريدج في الشمال الشرقي، حيث أسِّست جامعة كامبريدج هناك، والتي أصبحت منذ ذلك الوقت منافسًا قويًا لجامعة أكسفورد. وتعد هاتان الجامعتان من أفضل الجامعات في المملكة المتحدة وأرقاها، كما احتلت أكسفورد حديثًا المركز الأول في تصنيفين من تصنيفات الجامعات البريطانية، وقد تصدرت هذا التصنيف الأخير للسنة الرابعة على التوالي، وعلى الرغم من المكانة المرموقة التي يحتلها هذان التصنيفان بناءً على معايير الترتيب المتبعة، فقد احتلت الجامعة المركز الرابع في تصنيف التايمز للتعليم العالي، والعاشر في التصنيف الذي تعده جامعة شنغهاي جياو تونغ، حيث جاءت جامعة هارفارد في المركز الأول، كما تُعد جامعة أكسفورد إحدى جامعات الأبحاث البريطانية في مجموعة «رسل»، وفي مجموعة «كومبرا»، وهي شبكة من الجامعات الأوروبية المتقدمة، وفي رابطة جامعات الأبحاث الأوروبية .

جامعة السوربون
جامعة باريسية رفيعة المستوى، وهي من أعرق الجامعات وأرقاها في العالم، تقع في الحي اللاتيني للعاصمة الفرنسية باريس، تأسست قبل 750 سنة في عام 1253، وذلك في القرون الوسطى بجهود روبير دي سوربون، وهي أول جامعة تقدم شهادة الدكتوراه، كما أن الجامعة تمتاز بتخصصات التاريخ والشؤون الدولية والآداب والعلوم الاجتماعية. قسمت جامعة باريس سنة 1970 إلى 13 جامعة، ومن الثلاث عشرة جامعة المستقلة حاليًا، أربع جامعات موجودة في مبنى السوربون التاريخي، وهي جامعة باريس الأولى «بانتيون-سربون»، وجامعة باريس الثالثة «السوربون الجديدة»، وجامعة باريس الرابعة، وجامعة باريس الخامسة «باريس ديكارت»، وجميعها تملك مقار في البنايات القديمة للسوربون، وتشمل ثلاث جامعات منها كلمة «السوربون» في أسمائها. وتعد شهادتها مفتاحًا للمناصب العليا الرفيعة وللشهرة.
وشهدت فرنسا في الثلاثين عامًا الأخيرة من القرن التاسع عشر إعادة تنظيم المؤسسات التربوية وإحيائها، وبدأ العمل على إعادة إعمار السوربون في عام 1884، واستمر حتى أنجز في عام 1901، وقد أنشئت المباني الجديدة حول ساحة الشرف القديمة، ولم تبق سوى الصومعة التي لا تزال حتى الآن ترمز إلى السوربون إحدى أهم الجامعات الأوروبية القديمة، وتقدم خدمة ثقافية تعليمية متميزة منذ تأسيسها في مجالي الثقافة والعلم في باريس.
قامت جامعة السوربون ودولة الإمارات العربية المتحدة بتوقيع عقد افتتاح حرم جامعي جديد في أبو ظبي في عام 2006 ليكون الفرع الوحيد للجامعة الباريسية في الشرق الأوسط، ومن مشاهير العرب الذين تخرجوا في جامعة السوربون، الأديب طه حسين، والحبيب بورقيبة، الرئيس التونسي السابق، وكمال جنبلاط، الزعيم اللبناني الأسبق وغيرهم..