صخور هينج...

اللغز الذي ما زال يحير العلماء

يطلق عليها بالإنجليزية Stonehenge ، وهي مجموعة صخور من نوع
كرومليش ترجع لعصر ما قبل التاريخ في سهل ساليسبري بمقاطعة ويلتشير
جنوب غرب إنجلترا، ويعود تاريخها لأواخر العصر الحجري وأوائل عصر البرونز
3000 ق.م. – 1000 ق.م.

أوميد عبدالكريم الإبراهيم

دلالة رمزية
هي نصب تذكارية عملاقة تتكون من 30 صخرة قائمة تتجاوز الواحدة منها الثلاثة أمتار طولاً، وتزن حوالي 26 طنًا، مصفوفة على شكل دائرة، وتوجد فوقها صخور أصغر تزن الواحدة منها 6 أطنان مصفوفة بشكل أفقي فوق الصخور القائمة، وبداخل هذه الدائرة الصخرية، توجد دائرة صخرية أصغر مبنية على النظام نفسه. وعلى الرغم من شهرة هذا الأثر حاليًا فقد أصبح أطلالاً، ويتكون من مجموعة دائرية من أحجار كبيرة قائمة محاطة بتل ترابي دائري، ويعد ستونهينج من أكثر الآثار الحجرية الضخمة شهرة في أوروبا، وحتى الآن لا يعرف ما يرمز إليه هذا الأثر، لكن بعضهم يخمن أنه كان مركزًا احتفاليًا أو دينيًا، ويعتقد حاليًا أن شعب جزر بريطانيا قد بدؤوا يشيدون هذا الأثر منذ 5000 سنة.
مراحل التشييد
لقد بينت الحفريات أن موقع ستونهينج قد بني على ثلاث مراحل رئيسة، الأولى تمت عام 2900 ق.م، وكانت عبارة عن خندق دائري قطره 110 أمتار، وعمقه متر ونصف المتر، وعلى حافة الخندق الداخلية بني سد به تجاويف عددها 56 تجويفًا، ويقال إنها كانت لحمل أعمدة خشبية، أما المرحلة الثانية فكانت البناء الذي استمر من سنة 2900ق.م. –2500ق.م، حيث أقيمت أعمدة خشبية جديدة قائمة في الأرض المستوية داخل مركز الخندق الدائري، كما نصبت أعمدة في منطقة منزوية شمالي شرق الخندق حيث مدخل الموقع، فيما كانت المرحلة الثالثة مرحلة نقل الأعمدة للبناء، والتي استمرت حوالي 2550ق.م. – 1600ق.م. وتتكون من 80 عمودًا من صخور بركانية زرقاء، وهذه الأعمدة نصبت قرب مركز الموقع على شكل دائرتين متداخلتين، وكل صخرة تزن 4 أطنان مترية، وفي أثناء هذه المرحلة كانت الحجارة الزرقاء بالدائرتين يعاد تفكيكها وترتيبها بطريقة معقدة، وكانت قد جلبت حجارة رملية كبيرة يطلق عليها «سارسين»، ونصبت على شكل دائرة قطرها 33 مترًا، وتتكون من 30 عمودًا حجريًا على بعد 40 كم شمال الموقع، ارتفاع كل عمود 4 أمتار، وفوق قمم الحجارة الثلاثين دائرة منتظمة من حجارة سارسين يطلق عليها العتبات، وهي مثبتة بطريقة «عاشق ومعشوق».
من عجائب الدنيا
لم يبق من البناء سوى 17 عمودًا قائمًا، وفوقه 6 عتبات ممتدة، وداخل دائرة سارسين كان هناك بناء منصوب على شكل حدوة الحصان، وكانت تفتح لشمال شرق النصب باتجاه مدخل النصب، وكان نصب الحدوة مبنيًا من خمسة أزواج حجارة قائمة وعملاقة من أحجار سارسين، وكل حجر كان يزن 40 طنًا متريًا أو أكثر، وارتفاعه 7 أمتار فوق الأرض، لم يبق منها سوى ثلاثة أزواج، وهناك أشكال أخرى ما زال معظمها موجودًا، ورغم وجود حوالي 1000 دائرة حجرية بالجزر البريطانية، إلا أن نصب ستونهينج يعد أعظمها وأكبرها، ويقال إن محور حدوة الحصان والمدخل بستونهينج يشير لاتجاه الشمس بمنتصف الصيف، كما يقال إنه كان يستعمل في التقويم وتحديد الاعتدالين الصيفي والشتوي، ويبدو أن الأحجار الضخمة جُلبت من مناطق بعيدة «جبال جنوب ويلز»، وهذا من أهم أسباب كونها إحدى عجائب الدنيا.
دورة فلكية متكاملة
يعتقد العلماء أن صخور هينج مبنية قبل 3000 - 5000 عام، وهذه الصخور مبنية بطريقة بحيث إنه عند الاعتدال الربيعي والانقلاب الشمسي فإن الشمس تشرق عند الأفق لتكون تمامًا بين الفتحات الموجودة بين الصخور. كما أنه في اليوم الأول من فصل الصيف من كل عام تشرق الشمس لتكون أشعتها مواجهة تمامًا لكعب الصخور، وهذا ما دعاهم الى الاعتقاد بأن من ضمن استخدامات هذه الصخور هو معرفة عدد أيام السنة عن طريق عدد الأيام التي تلي هذا الحدث، وحتى حدوثه مرة أخرى في اليوم نفسه من العام التالي. ويعتقد عالم الفلك جيرالد هوكنز أن صخور هينج بنيت كمواقع مراقبة فلكية صُمِّمت للتكهن بوقت حدوث الكسوف، وترتيب الصخور يعطي معلومات وافرة كما هو الحال في اختيار مكان بنائها، وقد استطاع هذا العالم عن طريق دراسة الخصائص الفلكية لترتيب هذه الصخور أن يكتشف دورة الستة والخمسين عامًا لحدوث الكسوف، كما أن تحريك الصخور لمقدار معين مرة كل سنة يعطي معلومات دقيقة عن الأحداث القمرية القادمة لمئات السنين.
لغز محير
لم يتم التأكد بشكل قاطع حتى الآن من هوية من قاموا ببناء هذه الصخور، إلا أن العلماء استطاعوا معرفة بعض أسباب بنائها، من أهمها أنها تستخدم كتقويم سنوي، وللتكهن بحدوث الكسوف والخسوف، وتكمن أهمية التكهن بالكسوف والخسوف في أن الناس في الأزمنة القديمة كانوا يعتقدون أن حدوث أحدهما هو علامة على قرب وقوع كارثة طبيعية.