تُعد منطقة جازان من المناطق التي تكاملت فيها مقومات السياحة، نظرًا لما تزخر به من جبال، وسهول، ووديان، وساحل جذاب، ومناخ متنوع ولطيف، بجانب ثرائها التراثي الممتد عبر السنوات، ما جعل هذه المنطقة من أخصب المناطق الحضارية وأثراها من ناحية الحضارة والتراث، وجعلها مقصدًا للسياح من داخل مناطق المملكة المختلفة، فضلاً عن الزوار من خارج المنطقة.
موقع مميز
تقع منطقة جازان في أقصى الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية، تحدها من الجنوب والجنوب الشرقي اليمن، ومن الشمال والشمال الشرقي منطقة عسير، ومن الغرب البحر الأحمر. وتُعد أصغر مناطق المملكة مساحة بعد منطقة الباحة «ما يقارب 0.7% من مساحة المملكة»، إذ تبلغ مساحتها الإجمالية نحو 40.457 ألف كم2، بخلاف ما يقارب 80 جزيرة بالبحر الأحمر أشهرها جزيرة فرسان، حيث تبلغ مساحة هذه الجزر نحو 702 كم2، وتشغل المنطقة موقعًا استراتيجيًا بإطلالتها على البحر الأحمر، حيث تعبرها القوافل التجارية البرية، وترسو في موانئها البحرية، وتخترقها العديد من الأودية المنحدرة من الشرق والتي ينتهي بها المقام في البحر الأحمر.
مناخ معتدل
أما من ناحية المناخ فتتميز المنطقة بمناخ حار رطب طوال العام، وفي المناطق الداخلية البعيدة نسبيًا عن ساحل البحر والمتاخمة للمرتفعات الجبلية، فالمناخ بها شبه قاري، معتدل شتاءً، حار صيفًا، أما المناطق الجبلية التي ترتفع عن سطح البحر الأحمر بحوالي 2000 متر فمناخها يتميز بالبرودة الشديدة شتاءً ومعتدل صيفًا. كذلك تتميز هذه المنطقة بجبالها ومرتفعاتها الشاهقة، فهناك العديد من الجبال والمرتفعات من بينها جبال فيفا الواقعة على بعد 110كلم على الشمال الشرقي من مدينة جازان، وتتميز باعتدال مناخها في الصيف وباردة في فصل الشتاء، وتكسوها الأشجار المعمرة والنباتات الخضراء، حيث تكثر في هذه الجبال زراعة البن والموز والزيتون البري والتمر الهندي.
كذلك هناك جبال الريث بغاباتها الجميلة وأشجارها المعمرة ونباتاتها العطرية، وجبال لغازي في الشمال الشرقي بحوالي 100 كلم عن مدينة جازان، وهي من الجبال الزراعية التي تتوافر بها المدرجات الزراعية الدائرية والمنازل الحجرية القديمة، ومن بين الجبال، أيضًا، جبال الحشر في الجنوب الغربي عند محافظة بني مالك، وغيرها من الجبال الأخرى التي تمتد شاهقة تكسوها الخضرة وتتعالى فيها البنايات الأثرية التي تدل على عظمة إنسان هذه المنطقة وقدرته على التكيف مع الطبيعة والاستفادة من مفردات الجمال الطبيعي الخلاب.
شواطئ ساحرة
من مفردات السياحة البارزة في منطقة جازان تطل شواطئها التي تمتد على مسافة 200 كم من شاطئ الشقيق شمالاً إلى شاطئ الموسم جنوبًا على طول ساحل البحر الأحمر. وتتميز هذه السواحل بالهدوء والراحة والطمأنينة، فضلاً عن المناخ المميز لها، ففي الشتاء يكون الجو على سواحلها معتدلاً ما يجعلها مقصدًا سياحيًا للراغبين في الراحة والاستجمام والتمتع بالأجواء الربيعية من أبناء المنطقة وخارجها.
ومن بين هذه الشواطئ، شاطئ النخيل الذي يُعد أحد المشاريع الجديدة كمتنزه عائلي، ثم شاطئ شبه جزيرة المرجان برماله الذهبية المغرية لهواة الرياضات الشاطئية والغوص والسباحة، بجانب شاطئ الحزام، وشاطئ بيش شمالي جازان، ومتنزه الجبل الأحمر، وشواطئ الشقيق، ومتنزه رأس الطرفة، وشاطئ الموسم، وشاطئ الحصاحيص، وكل هذه الشواطئ والمتنزهات تتمتع إجمالاً بكل المعينات والتسهيلات التي تغري بزيارتها والتمتع بما تقدمه من خدمات مقصدها الأول والأخير راحة السياح. وهناك جزيرة فرسان التي تزخر بالعديد من المواقع الأثرية من بينها القلعة العثمانية، ومباني غرين، ووادي مطر، ومسجد النجدي، ومنزل الرفاعي، وبيت الجرمل، ومنطقة الكدمي، وقلعة لقمان، ومباني العرضي، وغيرها من الشواهد الأثرية الأخرى.
أودية وعيون
تتكامل عناصر الجمال في منطقة جازان بوجود الأودية والعيون التي تنحدر من أعلى الجبال، ما أكسب هذه المنطقة شهرة نظرًا لكثرة الوديان فيها، ومن بين أشهر الأودية في هذه المنطقة وادي بيش وجازان، ووادي عناء وشهدان ووساع، ووادي عتود، ووادي بيض، ووادي خلب، ووادي الدحن وضمد، ووادي قهب، ووادي رزان، ووادي لجب الواقع في الجزء الشمالي الشرقي من المنطقة على مسافة 120 كم، ويتميز هذا الوادي بحدائقه المعلقة وشلالاته المتدفقة وذلك بسبب وقوعه بين جبلين شاهقين، وهناك وادي وعال في محافظة الريث، بجانب وادي بيش الذي يُعد من أكبر أودية المنطقة بروافده البالغ عددها تسعة وتسعين، وهناك، أيضًا، وادي خلب في محافظة أحد المسارحة، ووادي قصي في محافظة العيدابي التبي الذي يمتد من جنوب المحافظة باتجاه الشمال الشرقي إلى جبال الحشر ومنجد بطول 60 كيلومترًا. كما تشتهر المنطقة بالعيون الحارة التي توجد بها العديد من الينابيع المعدنية المحتوية على الأملاح، ومن أشهر هذه العيون العين الحارة في المعطف، وعين الوغرة، وعين البزة، وعين بني مالك، وعين المدمع الحارة، وغيرها من العيون الأخرى.
شواهد تاريخية
وقد مرت هذه المنطقة بحقب تاريخية عديدة، سطرت كل حقبة سطورها وشواهدها على ثرى هذه المنطقة الغنية حضاريًا، فظلت محفوظة في جازان، تنظر في عدد من المدن والمواقع الأثرية التي ما زالت باقية إلى يومنا هذا، ومن بينها:
مدينة عثر الأثرية على ساحل البحر الأحمر غرب مدينة صبيا، ومدينة الشرجة، وموقع السهي، وبلدة المنارة، وموقع المغلة وبيوت الأدارسة، وهي أطلال قصور ومبان لأسرة الأدارسة التي حكمت المنطقة سنين معدودة من الزمن وتقع شمال
شرق محافظة صبيا. وكل هذه المناطق تضم العديد من الشواهد الحضارية
والنقوش الأثرية القديمة، وتوضح بجلاء عراقة هذه المنطقة. غير أن أكثر الشواهد المثيرة والجاذبة للجمال في المنطقة تتمثل في «فيفا» التي تعد أحد المعالم الطبيعية البارزة في المنطقة، حيث تقع في الجزء الشرقي من المنطقة محتضنة قمة العبسية التي تعد الأعلى في منطقة جازان، مطلة على غابات «فيفا» في منظر يقل مثيله ونظيره، كما يحيط بفيفا واديا ضمد وجوري وهما أكبر أودية المنطقة، كما تضم في جنباتها العديد من المواقع التراثية المهمة والغابات الجميلة التي كونت سحرًا لطبيعتها لا يضاهى.
عادات وتقاليد
هذه اللمحات العابرة عن مكتنزات الطبيعة في منطقة جازان، تكمل صورة إنسان هذه المنطقة بكرمه الفياض، وحسن استقباله لزائريه متسلحًا بإرث حضاري مزدان بعادات وتقاليد راسخة في بيئة المنطقة، فلإنسان هذه المنطقة لباسه التقليدي القديم وقوامه ثلاث قطع هي: إزار، وسميج، وشماغ، تختلف ما بين المنطقة الجبلية والساحلية، فالألوان الحادة وأحيانًا السوداء بخطوط ملونة زاهية في القسم الجبلي من المنطقة، واللون الأبيض عادة في تهامة، إضافة إلى الجنبية أو الشفرة. وملابس القسم الجبلي تتميز بحدة ألوانها وتشعب خطوطها، وهي تتكون من قطعتين إلى ثلاث قطع بألوان فاقعة عادة مع لبس الحزبة أو الجنبية، وأحيانًا يمتشق السلاح في أثناء لبسها في المناسبات العامة.
بقيت الإشارة إلى أن إمارة منطقة جازان أنشئت عام 1351هـ في أثناء توحيد المملكة العربية السعودية، وتتبع الإمارة لوزارة الداخلية السعودية، وتتألف من «13» محافظة هي: صبيا، وأبو عريش، والحرث، وضمد، والريث، وبيش، وفرسان، والداير المعروفة ببني مالك، وأحد المسارحة، والعيدابي، والعارضة، والدرب، وفيفا، والطوال وهروب.