نحو 90 في المئة من حالات الإصابة تكون في البداية دون سبب واضح. ويقتحم هذا المرض حياة ضحاياه دون سابق إنذار، ويتم اكتشاف الإصابة به مصادفة في أغلب الأحيان. وهو يصيب واحدًا من بين كل خمسة بالغين.
وبحسب دراسة طبية بريطانية أجريت حديثًا فإن اختلاف ضغط الدم بين الذراع اليمنى واليسرى قد ينذر إلى تزايد مخاطر الوفاة من أمراض القلب. لذلك لا بد من التركيز لدى قياس ضغط الدم على قياسه من الذراعين، لأن الأمر على درجة عالية من الأهمية.
فارق كبير
ويلفت القيمون على الدراسة إلى أن اختلاف الانقباضات في ضغط الدم لأكثر من 10 ملليمترات في الزئبق بين الذراعين يمكن أن يحدد المرضى المعرضين للإصابة بضغط الدم وأمراض الأوعية الدموية، كما أن حدوث فرق في ضغط الدم الانقباضي لدرجة 15 ملليمترًا في الزئبق أو أكثر بين الذراعين قد يكون له علاقة بتصلب الشرايين التي توصل الدم إلى الساقين والقدمين.
ويؤدي مرض الأوعية الدموية إلى تضييق الشرايين التي تنقل الدم إلى القدمين وتصلبها. وقد يؤثر خطر الإصابة بهذا المرض في الأوعية الدماغية التي تقوم بدورها بإيصال الدم إلى الدماغ، ما يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية. يذكر أن الإصابة بأمراض الدماغ التي تعمل على اعتراض طريق الدم الواصل إلى الدماغ قد ازدادت نسبة الإصابة بها أخيرًا بنسبة 1.5 في المئة في العالم.
لا تكون هناك أعراض للمرض، عادة، بل يتم الكشف عنه عبر فحوص روتينية كقياس ضغط الدم، لذلك لا يمكن التساهل أبدًا مع فحص قياس الدم. وأشارت الدراسة إلى عدم التزام الكثير من الأطباء والمختبرات بالتعليمات الدولية التي تنص على وجوب قياس ضغط الدم في كلتا الذراعين، مؤكدة أنه من الشائع اختلاف درجات القياس بين الأشخاص إلا أن الاختلاف بين الذراعين هو الذي يجب تسليط الضوء عليه.
فحص روتيني
وفق الأستاذ كريستوفر كلارك وزملائه بكلية بنسلفينيا للطب والصيدلة في جامعة «اكستير» جنوب انكلترا فإنه تم البحث في 28 دراسة سابقة متخصصة في قياس اختلاف ضغط الدم الانقباضي بين الذراعين، وإن ثلثي الأشخاص الذين شملتهم الدراسة معرضون لمخاطر ضغط الدم أكثر من الثلث الباقي. لذلك من الأهمية إجراء روتيني لفحص قياس ضغط الدم. وفي حال كان هناك اختلاف واضح بين الذراعين فإن الذراع التي تعطي أعلى رقم هي التي تعد القراءة الصحيحة. كما دعا إلى تحديد الأماكن التي يقاس فيها ضغط الدم في كلتا الذراعين. وعلى الأشخاص الذين يقيسون ضغط الدم في منازلهم أن يحذو حذو الأطباء والممرضين في اتباع تعليمات قياس الضغط. حيث يتم تشخيص مرض الأوعية الدموية الطرفية، أيضًا، على أساس أعراض مثل صعوبة المشي، وأنه يمكن التحقق من المشاكل الصحية الممكنة في مرحلة مبكرة، بإيجاد اختلاف ضغط الدم بين الذراعين، وذلك حتى عند الأشخاص الذين لا يعانون ضغط الدم المرتفع. ويمكن احتساب ضغط الدم الانقباضي مرتفعًا حال تجاوزه قياس 140/90.
وحيثما اكتشف مرض الأوعية الدموية الطرفية فيجب على الفور إسداء النصح بوقف التدخين، وإحداث تغيير في نمط الحياة لا سيما لجهة العادات الغذائية، وإذا اقتضت الضرورة وقف عقاقير تجلط الدم.
ونصح كلارك، أيضًا، بأن يقوم «الإنسان بقياس الضغط في الذراعين بصفة دورية للتأكد من أنه لا فرق بين قياس الضغط فيهما، ومن ثم السلامة من أمراض الشرايين». وعلل رئيس فريق الدراسة أهمية الدراسة التي تركز على الذراعين بأن «الذراع هي المكان الأفضل لقياس الضغط، لأنها هي العضو الوحيد في جسم الإنسان الذي يعطي قراءة حقيقية دقيقة لضغط الدم».
دراسات أخرى
على صعيد متصل، دقت دراسة طبية أمريكية ناقوس الخطر من أن الأشخاص الذين يعانون ضغط الدم المرتفع هم عرضة بمعدل الضعفين للإصابة بأورام الدماغ. وكان الباحثون قد أجروا أبحاثهم على أكثر من 580 ألف شخص ليتم تتبعهم على مدى عشرة أعوام، مع الالتزام بقياس معدلات ضغط الدم، ومراقبة النظم العلاجية التي يخضعون لها. وأشارت المتابعة لهؤلاء الأشخاص إلى أن ما يقرب من ثلث المشاركين في الدراسة عانوا ارتفاعًا في ضغط الدم ليتم تشخيص إصابة 1312 منهم بأورام في الدماغ. وكلما زادت فترة إهمال علاج ضغط الدم المرتفع أو حتى إهمال قياسه زادت مخاطر الإصابة بأورام الدماغ.
والأطفال أيضًا
يمثل القلب عضلة قوية تضخ الدم عبر الشرايين. ولكي تتحمل الشرايين السليمة ذلك الضغط، يجب عليها أن تتمتع بالمرونة. وأي أمر يؤثر في مرونتها كمثال التقدم في السن، أو الاستعداد الوراثي، أو الخضوع للعلاج ببعض الأدوية، أو حتى عدم ممارسة الرياضة، والتدخين بشكل خاص يمكنه أن يتسبب في ارتفاع ضغط الدم. لذلك لا بد من الحرص الفائق والانتباه لعدم الإصابة أو تعرض المرء للعوامل المذكورة.
كما حذرت الدراسة من زيادة نسبة الأطفال الذين يواجهون مخاطر الإصابة بضغط الدم المرتفع عما كان يعتقد، مع إصابة ما يقرب من 25 في المئة منهم بمشاكل الأوعية الدموية التي تصيب كبار السن، وهو أمر يتزايد اليوم مع انتشار العادات الغذائية غير الصحية، وظهور السمنة بنسب كبيرة بين الأطفال.
ومع احتمالية إصابة هؤلاء الأطفال بالسكتة والأزمات القلبية في المستقبل، طالب الباحثون بوضع قياس لضغط الدم لجميع الأطفال. وكان المعهد القومي للقلب والرئة والدم الأمريكي عرّف مرحلة بداية ارتفاع ضغط الدم عند الأطفال بقياس 120 إلى 139 على 80 إلى 90، في حين أن ضغط الدم المرتفع لدى البالغين يبدأ من 140 على 90. ورأى المعهد أنه إذا لم يفلح أسلوب إنقاص كميات ملح الطعام وممارسة التمارين الرياضية في التحكم في ضغط الدم المرتفع فيجب في النهاية تجربة العقاقير لدى الأطفال، مع أنه لا يرجح كثيرًا هذه الفكرة، ويخشى من العقاقير على صحة الأطفال. ولا ينصح المعهد القومي، حاليًا، باللجوء إلى العلاج الدوائي مع الأطفال الذين يعانون مقدمات ضغط الدم المرتفع. إلا أن الدراسة الحديثة تطالب بدراسة مدى فائدة بعض العقاقير مع الأطفال الذين يواجهون مخاطر ارتفاع ضغط الدم في المستقبل.
أما الأطباء ممن يعارضون هذه النظرية فيتهمون شركات الدواء بالسعي لزيادة المستفيدين من منتجاتهم، ويقولون: «بعد أن حققوا ذلك مع البالغين الآن يحاولون مع الأطفال وهو أمر مزعج حقًا».