.يُعد مهرجان سوق عكاظ من أبرز المناسبات الثقافية التي تشهدها عروس المصايف مدينة الطائف كل عام، ويؤكد القائمون أن دورة المهرجان السابعة ستكون مميزة عن سابقاتها من خلال خلق روح جديدة تتسم بالتفرد والتجديد في غير منأى عن الأصالة التاريخية للحدث.
تُعد الخطوط الجوية العربية السعودية الراعي الرئيس للمهرجان منذ انطلاقته الأولى قبل سبع سنوات، وذلك في إطار مسؤولياتها الاجتماعية تجاه الوطن ودورها الرائد في دعم مختلف المناسبات الوطنية ورعايتها.
ولأهمية الشعر الفصيح فقد وافق صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، على إنشاء مركز لدراسات الشعر العربي الفصيح مقره موقع السوق الحالي، كما اعتمد سموه كرسيًا للغرض نفسه تحتضنه جامعة الطائف.
ويكتسب المركز، الذي يُعد نواة لأكاديمية عكاظ للشعر العربي، إلى جانب إضافة الكرسي الذي اعتُمد في جامعة الطائف أخيرًا، أهمية خاصة، كونهما يشكلان مرجعية عربية للشعر الفصيح. ووجَّه سمو الأمير خالد الفيصل بأن تكون للسوق هوية متميزة ومتفردة عما سواها من المناسبات، تستلهم أهميتها من التاريخ الأصيل للسوق في مجال الأدب العربي وتحديدًا الشعر الفصيح، وليكون المهرجان أيضًا المرجعية العربية الأقوى شعريًا، حيث يقع على عاتق لجان السوق الاحتفاء بالأصوات الشعرية العربية الأبرز، والعناية بالترجمات ذات العلاقة.
وتشهد قيمة جوائز سوق عكاظ التي تمنح في 8 مجالات ارتفاعًا كل عام، حيث إنها تبلغ خلال دورة السوق لعام 1434هـ ما يقارب المليون ونصف المليون ريال. إذ تبلغ قيمة جائزة شاعر عكاظ 300 ألف ريال، ويمنح شاعر شباب عكاظ 100 ألف ريال، ومثلها لبقية الأفرع: لوحة وقصيدة، الخط العربي، التصوير الضوئي، الفلكلور الشعبي، والإبداع والتميز العلمي، كلّ على حدة. فيما شهدت جائزة الحرف اليدوية خلال العامين الماضي والحالي دعمًا من قبل الهيئة العامة للسياحة والآثار، حيث أصبحت قيمتها نصف مليون ريال.
ولا شك في أن الاهتمام الذي يحظى به سوق عكاظ، إضافة إلى الدعم الذي تلقاه الجوائز المقدمة للفائزين في الأفرع الثمانية يؤكد نوعية الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة، حيث نمت فعاليات السوق تراكميًا حتى أصبحت بيئة خصبة للإبداع وشكّلت عاملاً رئيسًا في التنافس بين القطبين الثقافي والمعرفي على حد
سواء.
وتواصلاً للنجاحات التي حققتها السوق أعلنت الهيئة العليا للسياحة والآثار أن عدد الزوار خلال العام الماضي شهد ارتفاعًا عن سابقه بنسبة بلغت 44%، حيث تجاوز عدد مرتادي السوق خلال موسمه السادس 256 ألف زائر.
وبيَّنت «السياحة» في تقريرها الإحصائي الصادر عن مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) التابع للهيئة أن عدد السياح الذين زاروا السوق خلال فترة الأسبوعين، وهي مدة المهرجان، بلغ نحو 52 ألفًا، وأنفقوا 21 مليون ريال، وقد حصل المهرجان على تقييم إيجابي خصوصًا في جانبي التنظيم وتنوع الأنشطة.
وفي السياق ذاته، وصفت منظمة السياحة العالمية التابعة «لليونسكو» سوق عكاظ بالتجربة الناجحة، وقالت في دراسة أشرفت عليها الهيئة العامة للسياحة والآثار «إن سوق عكاظ تجربة لا تنسى وتأتي كإحدى المناسبات الأبرز والتي تُعنى بالتراث الثقافي غير المادي، داعية في الوقت نفسه السياح لزيارة السوق نظرًا لما يحويه من أنشطة فريدة ومتنوعة تهدف إلى توطيد العلاقة بين الأجيال وإحياء التراث». وتوقعت الدراسة نجاحات أكبر للسوق في المستقبل خصوصًا بعد فتح الباب أمام الدول العربية للمشاركة، مصنفة في أول دراسة أعدتها عن «السياحة والتراث الثقافي غير الربحية» المعلقات والمساجلات الشعرية المقامة على هامش السوق بأنها أول منتج سياحي تراثي ثقافي غير مادي حول العالم. ودعت الدراسة الصادرة عن اليونسكو إلى زيارة «سوق عكاظ» كأحد المهرجانات الإبداعية التي تكتسب الصبغة التاريخية، مستندة في ذلك إلى التاريخ العريق للمكان، كما أنه يجمع بين التقنيات الحديثة وجغرافية المكان وقيمته التاريخية الأصيلة، إذ إن الحدث يوفر تجربة سياحية لا تنسى نظرًا للتميز في الأنشطة والمعروضات التي تحرص الجهات القائمة على المناسبة على عرضها بطريقة تجسد مختلف عناصر التراث الثقافي غير المادي. وصنفت «اليونسكو» الأنشطة التي يقدمها سوق عكاظ بالجذابة، إذ إن المناسبة استطاعت أن تجمع أنشطة عدة في أشكال مختلفة تحت مظلة التقاليد إلى جانب السجال الشعري. ومن بين عوامل الجذب التي تجير لصالح سوق عكاظ، الاهتمام بالحرف والفنون بأنواعها، إضافة إلى عادات الغذاء، والتظاهرات الاجتماعية، والعادات التي تصاحب المناسبات المختلفة والتي تزخر بها المملكة. وبلغ إجمالي عدد المشاريع التي نفذتها أمانة الطائف خلال الأعوام الستة الماضية في مقر سوق عكاظ 52 مشروعًا، بما فيها خيمة عكاظ بقيمة تتجاوز 69 مليون ريال شملت إعادة تأهيل جادة سوق عكاظ بطول كيلومتر ونصف الكيلومتر، وإنشاء بوابة سوق عكاظ، وتنفيذ بيوت الشعر والمخيمات، وتجهيز المتنزهات، وإنشاء ممرات المشاة والزوار. ومن أهم المشاريع التي أنجزت العام الماضي خيمة سوق عكاظ، حيث يضم الدور الأرضي 3061 مقعدًا، منها 300 مقعد للنساء و280 مقعدًا لكبار الشخصيات، وقاعات انتظار، ومكاتب، وخدمات مساندة، وقاعات محاضرات ومناسبات، و10 أبراج موزعة على المبنى الرئيس، فيما تغطي الخيمة المبنى الرئيس بالكامل مع المنطقة المقابلة لصخرة عكاظ. ودعت أمانة الطائف الشركات والمؤسسات المتخصصة الراغبة في تنفيذ أعمال مدنية وزراعية في متنزهات سوق عكاظ إلى مراجعتها، وذلك في إطار الاستعدادات لدعم السوق بالخدمات اللازمة، مؤكدا أن السوق سيشهد خلال السنوات المقبلة تطورًا مهمًا بعد أن تم إدراجه ضمن المشروع التطوري الشامل للمحافظة الذي تشرف عليه اللجنة العليا برئاسة الأمير خالد الفيصل.
لقد أصبح سوق عكاظ يمثل نافذة جديدة لزواره على عالم العلم والمعرفة، من خلال برنامج «عكاظ المستقبل» والذي تشرف على تنفيذه وزارة التعليم العالي والجامعة. ويهدف إلى تحقيق الدور المنشود للسوق ليس بوصفه فقط منارة للفكر والشعر والثقافة والأدب، بل لأنه يمثل مركز إشعاع للثقافة والإبداع والتميز العلمي. ويحقق تنفيذ البرنامج الهدف الاستراتيجي الثالث لسوق عكاظ، والمتمثل في دعم التميز العلمي وتشجيعه في ضوء اتجاهات البحث العلمي والتطور المعرفي والتطبيقات التقنية المعاصرة التي استحوذت على الاهتمام على جميع المستويات في معظم دول العالم، وهو ما يتسق مع رؤية الأمير خالد الفيصل بأن يكون سوق عكاظ محاكاة للمستقبل، كما هو محاكاة للماضي. . .