نجحت منطقة الجوف التي تقع شمال السعودية في منافسة العالم بزيت زيتونها الذي صدرته إلى دول سبقتها بعشرات السنين ومنها إسبانيا. وتمتلك الجوف إحصائيات كبيرة في إنتاج الزيتون وزيت الزيتون، وتحتل مراكز عالمية متقدمة في جودة المنتج تصل حتى %100 وسط إمكانات متواضعة وبجهود مزارعين صغار خاضوا التجربة من واقع ثقافات تبادلوها فيما بينهم.
تحتضن الجوف 14 مليون شجرة زيتون تنتج سنويًا ما يفوق 60 ألف طن زيت زيتون، و80 ألف طن من الزيتون، وفيها أكبر مزرعة لزراعة الزيتون العضوي في العالم، وقد احتلت المرتبة السادسة عالميًا في مسابقة (Biofach 2008) الألمانية، التي شهدتها مدينة نورمبيرغ, كما حصلت على شهادات عالمية في الإيزو والزراعة العضوية.
على الرغم من تلك الإحصائيات ظلت الجوف تزرع الزيتون لمدة 20 عامًا لم تكسب خلالها ثقة المستهلك كون المملكة لا تنتج الزيتون، وفي عام 1428هـ تبدل الحال حيث أصبح للجوف مهرجانها للزيتون الذي أصبح نقطة تحول فعلية للمنطقة، ما رفع الثقة بزيتها حتى أصبح سلعة مطلوبة في السوقين المحلي والخليجي.
وقد انطلقت الدورة السادسة للمهرجان لهذا العام في 1434/3/3هـ وحتى 1434/3/17هـ بمركز الأمير عبدالإله الحضاري بمدينة سكاكا بتنظيم من أمانة منطقة الجوف.
أصل الحكاية
تعود أصل حكاية الزيتون لعصور قديمة في الجوف، حيث إن تاريخ الزيتون بالمنطقة يعود إلى عصور قديمة، بعد أن عثر على أحافير لأغصان متحجرة لشجرة الزيتون في غير مكان. وحسب رئيس اللجنة الزراعية بمهرجان الزيتون، المهندس فايز الواكد، عن قصة عودة نشأة زراعة أشجار الزيتون في الجوف: «بدأ أحد المزارعين بزراعة الزيتون عام 1396هـ بالمنطقة، وكان ينقل المحصول إلى الأردن لعصره لعدم وجود معاصر بالمنطقة، ومنذ عام 1408هـ بدأ صغار المزارعين وكبريات الشركات بالتوسع في زراعة الزيتون، واستمرت رقعة الزيتون تتزايد حتى بلغت اليوم 14 مليون شجرة تحتضنها 15 ألف مزرعة و300 مشروع زراعي و6 شركات من كبريات الشركات الزراعية بالمملكة».
مهرجان الزيتون
على الرغم من الأرقام الكبيرة لأشجار الزيتون وإنتاجه الوفير في المنطقة ظل صغار المزارعين لأعوام قريبة لا يفكرون في عرضه للبيع, خصوصًا في ظل ما يسمعون من حكايات فشل تجارب آخرين لتسويقه, وظل زيت الجوف يسوق بخجل عن طريق شركات زراعية كبرى وبأسعار زهيدة لا تتخطى 300 ريال لعبوة «16 كيلو», إلى أن جاء مهرجان الزيتون عام 1428هـ وبدَّل الحال، وأصبح زيت الجوف ذا ثقة عالية في السوق ومطلبًا للمتسوق بعد أن نجح المهرجان في تسويقه. من خلال الأعداد الكبيرة الذين يأتون إلى الجوف لقضاء إجازة منتصف العام، وشراء زيت الزيتون، إضافة إلى ما تتمتع به المنطقة من مواقع أثرية حيث يوجد في الجوف أقدم مستوطنة بشرية بالشويحطية وحتى العصر الإسلامي الحديث، وهي تحتضن أول مئذنة إسلامية بمسجد عمر بن الخطاب، كما تضم الجوف قلعة زعبل، وقلعة مارد، وبئر سيسرا، والرجاجيل، وقصر أثرة، وقصر مويسن ونقوشًا مختلفة.
جائزة فهد بن بدر
وقد ساعد المهرجان على رفع درجة جودة الزيت في المنطقة حيث تم تخصيص جائزة الأمير فهد بن بدر للزيتون التي تمنح للزيت الأعلى جودة في المهرجان ما جعل المزارعين يتنافسون في رفع الجودة, وقد خصص أمير المنطقة جائزة مقدارها 100 ألف ريال للمركز الأول, والثاني 75 ألف ريال، والثالث 50 ألف ريال, والتقييم يتم حسب درجة الجودة، وطريقة الري، والمشاركة في معرض الزيتون، وأن يمتلك المرشح مزرعة زيتون في المنطقة لا تقل عن 500 شجرة ولا تزيد على 5 آلاف شجرة، وكذلك نظافة المزرعة وترتيبها, ووزعت النقاط على 3 معايير موزعة كالتالي: 50 نقطة تمنح لجودة الزيت التي تقدر بنسبة الحموضة و30 نقطة لعدد الأشجار و20 نقطة لنظافة الحقل، ويتم التقييم حسب الزيارة ولجنة الجائزة المكونة من وزارة الزراعة، ومركز أبحاث الزيتون بالجوف، ووزارة التجارة، ولجنة المزارعين بالغرفة التجارية في الجوف، وجامعة الجوف. وقد فتح المهرجان أبوابًا واسعة للمزارعين والمستثمرين للاستفادة من صناعات الزيتون ومخلفات عصره، وظهرت صناعات صابون زيت الزيتون والجفت وخلافه بمعارض الزيتون السابقة, واليوم تحتضن الجوف أكبر مجمع صناعي للزيتون في الشرق الأوسط.
.