هل اللغة العربية
في خطر؟


د.علي بن عبدالله بن موسى
المنسق العام
المجلس الدولي للغة العربية

احتفل العالم في 18 ديسمبر 2012 باليوم العالمي للغة العربية، الذي جاء نتيجة رغبة كبيرة لدى محبي اللغة العربية الذين نادوا بهذا اليوم الذي تتضاعف فيه الجهود للتذكير بمكانة اللغة العربية، وعظمتها بصفتها لغة القرآن الكريم. وإذا كان المجلس الدولي للغة العربية قد نشأ بمبادرة قدمت لليونسكو بمناسبة إعلان الأمم المتحدة عام 2008 عامًا دوليًا للغات، فإن اليوم العالمي للغة العربية كان من بين الهموم والقضايا التي بادر المجلس إلى المطالبة بها. وقد كان هذا في المؤتمر الدولي الأول للغة العربية الذي عقد في مارس 2012، تحت عنوان: «العربية لغة عالمية: مسؤولية الفرد والمجتمع والدولة»، بالتعاون مع اليونسكو ومكتب التربية لدول الخليج العربية.
وقد لخص المؤتمر كل ما ورد في الأبحاث والدراسات من نتائج وتوصيات وهواجس وأخرجها في وثيقة بيروت التي جاءت لتلخص ما ورد في 250 بحثًا قدمت للمؤتمر وتمت مناقشتها بحضور 850 شخصية من 47 دولة. وقد طالبت الفقرة 18 الواردة في الوثيقة بأن يكون هناك يوم عالمي للغة العربية يكون مناسبة تقدم فيها المبادرات والمشاركات المختلفة بهدف رفع مستوى الوعي باللغة العربية، والتحديات التي تواجهها.
والحقيقة التي أفصحت عنها وثيقة بيروت، والتي تعد خارطة الطريق لجميع القضايا والموضوعات التي تواجه اللغة العربية أن اللغة العربية في خطر في التعليم، وسوق العمل، والإدارة، وغيرها من المجالات، وأنها تبتعد كل يوم عن المعرفة والعلوم والتقنية. وهذه الأخطار التي تواجه اللغة العربية تتراكم لتشكل أزمة تهدد أمن الدول العربية واستقرارها. ليس هذا فحسب بل إن اللغة العربية هي التي تسهم في بناء الوحدة الوطنية وربط شرائح المجتمع المختلفة بعضها ببعض. ولهذا نصت الدساتير وأنظمة الحكم العربية على أن اللغة الوطنية هي اللغة العربية لأهمية دور اللغة التي تعد من أهم مقومات السيادة الوطنية والاستقلال.
لقد تهاون العرب كثيرًا في التعريب والترجمة نتيجة انشغالهم بقضايا تنموية تعد من الأولويات فركزوا على الاقتصاد، وعلى الأمن، وجاءت المنتجات الصناعية من كل حدب وصوب تحمل معها لغتها التي أصبحت تزاحم اللغة العربية في كل مكان، حتى إنها فرضت على الجامعات أن تدرس الكثير من تخصصاتها باللغة الأجنبية. وفي المقابل هجر الطلاب أقسام اللغة العربية واتجهوا للتخصصات التي فرضتها سوق العمل، والفجوة آخذة في الاتساع يومًا بعد يوم. وهناك أقسام لغة عربية مهددة بالإغلاق في بعض جامعاتنا العربية.
المشكلة التي تواجه اللغة العربية سوف تنعكس على الوضع الاجتماعي الذي سوف يدفع ضريبة غالية نتيجة إقصاء اللغة العربية من الميادين الحيوية الوطنية، حيث يعد إصرار سوق العمل على تبني اللغة الأجنبية مسألة خطيرة، لأنه يكون موجهًا لخدمة شريحة بسيطة من أبناء المجتمع ممن يتقنون اللغة الأجنبية، بالإضافة إلى غيرهم من العمالة الوافدة التي جاءت مع الشركات العابرة للقارات تحت غطاء اللغة الأجنبية، بينما تكون الغالبية من السكان ممن يتعلم باللغة العربية خارج سوق العمل، وبالتالي تزداد البطالة وتؤدي إلى قضايا تهدد الأمن الوطني والسلم الاجتماعي.
ومن هذا المنطلق وجب أن تصدر قوانين تنظم وضع اللغة، سواء العربية أو الأجنبية، كما يجب أن يصاحب هذا القانون مشاريع للتعريب والترجمة لردم الهوة الكبيرة بين اللغة العربية والصناعة والتقنية والعلوم والمعلومات. ولمعالجة هذا الخطر الذي يحيط باللغة العربية من كل جانب فقد تقرر أن يعقد المجلس الدولي للغة العربية بالتعاون مع اليونسكو واتحاد الجامعات العربية ومكتب التربية لدول الخليج العربية مؤتمره الدولي الثاني المقرر عقده في دبي في مايو 2013 لمناقشة ما ورد في وثيقة بيروت من موضوعات، وتوصيات، وهواجس، وتحديات بمشاركة جميع الجهات المعنية باللغة العربية من المؤسسات الحكومية والأهلية، لمواجهة تلك الأخطار. وسوف يقدم المؤتمر مبادرات عدة لمعالجة وضع اللغة العربية معالجة جذرية. وقد خُصِّص موقع خاص للمؤتمر للتعريف بأهدافه ومحاوره، وكيفية التسجيل والمشاركة فيه عبر المجلس وهو www.alarabiah.org