الصيد بالصقور


رياضة النخبة.. والمناطق الشمالية من المملكة أفضل الأماكن لمزاولتها.

محمود الديب

تصوير: هشام نصر شما

يبدأ موسم الصيد بالصقور في شهر سبتمبر، ويستمر حتى نهاية شهر أكتوبر من كل عام، وهناك مناطق كثيرة للصيد. ومن أفضل مناطق الصيد التي تكثر بها طيور الحبارى المناطق الشمالية بالمملكة، حيث يكثر بها وجود مثل هذه الأنواع من الطيور. وكثير ممن يعشقون الصيد يسافرون إلى دول هجرة الطيور لممارسة رياضتهم المفضلة. وبحسب الصقار عبدالعزيز الصعيب فهناك أنواع مختلفة من الصقور، وتختلف الأنواع حسب قوتها وقدرتها على الافتراس، ولكل نوع مميزاته. ومن أفضل الصقور «الحر»، ويليه «الجير»، ثم «الشاهين». ويفضل الصقار.. الصقر ذا الجناحين العريضين، لأنهما يعطيانه مزايا في السرعة، والقدرة على احتواء فريسته.
والصقر الذي لم يتم تدريبه يطلق عليه «الطير الوحش»، ويحتاج إلى وقت حتى يألف البشر. وترويض الصقر يمر بأكثر من مرحلة: الأولى تسمى «التدهيل»، وهي عبارة عن المسح على رأس الطير وصدره حتى يعتاد الجلوس على يد صاحبه ويقوم بتغذيته. ثم تأتي مرحلة «التنقيز»، وهي استدعاء الطير من بُعد في غرفة مغلقة. وخلال هذه المرحلة يعتاد الصقر صوت الصقار ونداءه له. وبعدها تبدأ مرحلة «التلواح»، وهي عبارة عن مجموعة من الأجنحة والريش تربط بخيط ومعها قطعة لحم، ويتم التلويح بها للطير على أنها فريسة وبالتدريج يصبح الطير متعلقًا بها، وبذلك يسهل على الصقار تدريب الصقر وإعداده للصيد. ويأتي بعدها مرحلة «الهدد»، وهي إطلاق الصقر على فريسته، وهي أفضل وسيلة لمعرفة سرعة الطير وقوته، وخلالها يتم فك بعض الحمام له ليطارده.
والصقر يحتاج إلى التدريب، خصوصًا في موسم الصيد، ولكل صقر كمية معينة من الغذاء اليومي التي يحتاج إليها. ومن أسهل الفرائس التي يصطادها الصقر طيور «الكروان»، أما أصعبها فهي طيور «الحبارى». وعلى الصقار أن يهيئ صقره خلال الصيد بزيادة لياقته وتخفيف وزنه بتجويعه. ولذلك يحرص الصقار على عدم ترك الصقر ليأكل فريسته بالكامل ليظل جائعًا للحصول على صيد آخر، ويطعمه من فريسته الشيء اليسير. وحصيلة الصيد تزيد وتكثر حسب المجهود الذي يبذله الصقر في مطاردة فرائسه. ويتعرض الصقار والصقر لبعض المخاطر، منها ضياع الصقر أو تكسر ريشه. أما الصقار فيتعرض لمصاعب كثيرة بحكم وجوده في أماكن مفتوحة وخالية. ومن يمارس تلك الهواية لا ينظر إلى تحقيق مكسب مالي، فهي هواية ومتعة بالنسبة له.
أما الصقار فيصل الضيغمي الشمري فيؤكد أن الصيد والقنص مهنة قديمة، ورياضة، ومتعة في الوقت نفسه، ويهتم بها الشباب وكبار السن، ويقبل عليها ويمارسها رجال الأعمال، وكذلك يعشقها الملوك ورؤساء الدول والأمراء وشيوخ القبائل. ورحلات الصيد تساهم بشكل كبير في حصول الإنسان على الراحة النفسية للابتعاد عن صخب المدينة وضجيجها وتنفس الهواء النقي. ومن أفضل مناطق القنص بالمملكة منطقة الحدود الشمالية، وهناك مناطق بعينها تكثر بها ممارسة هذا النوع من الصيد بالصقور مثل: «حزم الجلاميد»، و«بر الحماد»، ورفحاء، والقريات، وحفرالباطن. وأشهر الطيور التي يتم صيدها «الحبارى، والقطى، والقمري، والحمام البري، والمريعي، والسمون».
ورحلة الصيد تستغرق أيامًا، وهناك العديد من الأماكن التي نقصدها للصيد، والتي تحتاج إلى وقت طويل للوصول لها. ومنذ الفجر تبدأ رحلة البحث عن الطيور وترقب تحركاتها، وبخاصة طيور الكروان والحبارى، والتي يعرف كل صقار أو صياد أن هجرتها تبدأ في شهر أكتوبر من وسط آسيا إلى أفريقيا مرورًا بالمملكة. ويجهز كل صياد كل ما يحتاج إليه من معدات ووسائل الصيد مثل الشباك والمخدجة. وهناك صيادون قد لا يكتفون بالصيد بالصقور، بل يقومون بصيد الصقور في ذلك الموسم عن طريق وضع طيور الحمام والسمان كطعم، وتوضع عليها الشباك لاصطياد الصقور.
وتؤدي مهرجانات الصقور دورًا مهمًا في التعريف بهذه الرياضة.. وهناك مهرجانات تصل للعالمية. وتحتضن المملكة عددًا من المهرجانات على غرار مهرجان طريف للصقور، والذي تم إطلاقه حسب المهندس عايد بن عياش العنزي، رئيس بلدية محافظة طريف والمشرف العام على مهرجان طريف للصقور في العام الماضي كأول مهرجان للصقور وأكبره بالمملكة. ومن المتوقع تنظيم المهرجان الثاني خلال الشهور القادمة. والمشاركة متاحة لجميع أبناء دول الخليج العربي. والمسابقات تنقسم إلى قسمين، القسم الأول: يطلق عليها مسابقة الشلو للصقور «الملواح»، وهي مسابقة السرعة في قطع مسافة 500 متر لفئات الصقور «الحر، الشاهين، الجير». ويتم خلال هذه المسابقة تحديد الفائزين بالمراكز الخمسة الأولى من كل فئة.
والمسابقة الثانية هي مسابقة أجمل صقر «الطير الحر»، وهي مسابقة لتحديد جماليات الصقور «الحر فقط»، وذلك وفقًا لمعايير متعارف عليها عند أصحاب الخبرة مثل: «صفاء الريشة، المنقار، المنخر، الأرضية، العين، الساق». وتقوم لجنة التحكيم بتحديد الفائز وفق معايير محددة. ومن الشروط الفنية للدخول في المسابقة ألا يقل مقاس الصقور «الحر عن 16 بوصة فما فوق، الشاهين 15 بوصة فما فوق، الجير 16.5 بوصة فما فوق».

أدوات تدريب الصقر

المخلاة: وهي كيس من القماش الأبيض مصنوعة من القطن، ولها حمالة من نوع القماش نفسه، يحتفظ بداخلها بالحمام الحي، واللحم الطري، وخيط طويل، وسكين.
البرقع:
عبارة عن نظارة صغيرة بحجم وجه الطير، له فتحة صغيرة في منتصفه يخرج منها منقار الصقر، ويصنع من الجلد اللين الملون.
المنقلة «المنجلة»: قطعة من القماش السميك محشوة من الداخل بالقماش ومن الخارج بالمخمل، ومكسوة بالجلد الطري أو البلاستيك الرقيق، وهي درع واقٍ لحماية الصقار من مخالب الصقر، وتمكنه من حمل الصقر على يده
.
المرسل:
وهو الجزء الثاني المكمل لإحكام القبض على الطير من الوثوب أو الهرب، وهو خيط سميك أيضًا، وطوله يصل إلى 120 سنتيمترًا، ومكون من ثلاثة أجزاء.
الوكر: عبارة عن وتد من الحديد مكسو في منتصفه بالخشب المزخرف، وقمة الوكر أسطوانية الشكل محشوة من الداخل بالقش الطريومكسوة من الخارج بالمخمل أو الجلد الطري، ليقف الصقر عليها مدة طويلة دون أن يشعر بالتعب أو الضيق.